أطفالنا عُرضة للإساءة الجنسية والتهديد على الإنترنت.. والوعي غائب
التنمر الإلكتروني ليس مزحة.. وآثاره مدمرة
كشفت الدكتورة هيله السليم الأستاذ المشارك في جامعة الملك سعود والمتخصصة في علم النفس الاجتماعي والثقافي، أن نسبة الوعي بالتنمر الإلكتروني في المملكة 37% فقط في آخر دراسة.
وأكدت أن هذه نسبة قليلة، ونحتاج رفع نسبة الوعي بأهمية ما يحدث من سلوكيات وتفاعلات في السياق الإلكتروني والتي تضر بالطفل والأسر والمجتمعات، والأرقام التي ذكرت تعد خطيرة وتبين مدى المسؤولية على عاتقنا كباحثين وكممارسين اجتماعيين ونفسيين.
وأشارت إلى تعدد التخصصات في الإساءة إلى الطفل وهناك أطراف مسؤولة عن هذه القضية سواء القانون والدول ودور الجمعيات والمنظمات والأسرة والمجتمعات والمدرسة والأطفال أنفسهم، للوعي في تواصلهم مع الآخر في هذا السياق الإلكتروني.. وإلى نص الحوار:
الدكتورة هيله السليم
- بدايةً، كيف تُقيّمين واقع الوعي بالتنمر الإلكتروني في المملكة؟ وما هي أبرز التحديات المُترتبة على ذلك؟
- شكراً لكم على إتاحة هذه الفرصة لتسليط الضوء على هذه القضية المُهمة، للأسف، أظهرت الدراسات التي تم اجراءها مؤخراً أن نسبة الوعي بالتنمر الإلكتروني والإساءة في المملكة لا تتجاوز 37%، مما يعني أن 63% من السعوديين لا يدركون خطر التنمر الإلكتروني على الأطفال وهي نسبة مُقلقة للغاية.
تُشير هذه النسبة إلى وجود قصورٍ واضحٍ في إدراك خطورة هذه السلوكيات وتأثيراتها المدمرة على الطفل والأسرة والمجتمع، وإن انخفاض مستوى الوعي يُشكّل تحدّياً كبيراً في مواجهة هذه الظاهرة، إذ يُسهم في انتشارها ويفاقم من آثارها السلبية.
الوعي بالتنمر الإلكتروني
- ما هي أبرز أسباب انخفاض الوعي بالتنمر الإلكتروني في رأيك؟- هناك عدة عوامل تُسهم في انخفاض الوعي بالتنمر الإلكتروني، منها: حداثة الظاهرة: يُعدّ التنمر الإلكتروني ظاهرةً حديثةً نسبيّاً، ولم يُدرك الكثيرون بعد مدى خطورتها وتأثيراتها المدمرة. الطبيعة الخفيّة للتنمر الإلكتروني: غالباً ما يحدث التنمر الإلكتروني في الخفاء، بعيداً عن أعين الوالدين والمُعلمين، مما يُصعّب من رصده ومواجهته. قلة النقاش العام حول الموضوع: لا يزال التنمر الإلكتروني موضوعاً مُهملاً في النقاشات العامة وعلى موائد الحوار في المجتمع، مما يُسهم في استمرار انخفاض الوعي به.
-إذن، كيف يمكن رفع مستوى الوعي بالتنمر الإلكتروني في المملكة؟
تتطلب مواجهة التنمر الإلكتروني تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، بدءًا من الأسرة ومروراً بالمدرسة والمؤسسات الحكومية والجمعيات الأهلية، وصولاً إلى وسائل الإعلام.
ويجب تكثيف البرامج التوعوية التي تُسلّط الضوء على مخاطر التنمر الإلكتروني وتُقدّم آلياتٍ للتعامل معه وحماية الأطفال منه، ويجب أن تُركّز هذه البرامج على: توعية الأطفال بمخاطر التنمر الإلكتروني وطرق التعامل معه. تدريب الوالدين والمُعلمين على كيفية رصد التنمر الإلكتروني والتدخل لمواجهته. تعزيز التعاون بين الأسرة والمدرسة والمؤسسات المعنية لحماية الأطفال من التنمر الإلكتروني. استخدام وسائل الإعلام لتوعية المجتمع بمخاطر التنمر الإلكتروني وتشجيع النقاش العام حول هذه القضية.
أشكال التنمر الإلكتروني
- ما هي أبرز أشكال التنمر الإلكتروني التي تواجهها الأطفال في المملكة؟يتخذ التنمر الإلكتروني أشكالاً مُتعددة، منها: الإساءة اللفظية: وهي أكثر أشكال التنمر الإلكتروني شيوعاً، وتشمل استخدام الكلمات الجارحة والشتائم والتهديدات. التشهير: ويتمثل في نشر معلومات خاصة أو صور مُحرجة للضحية بهدف إيذائها أو التشهير بها. نشر الشائعات: وهو نشر معلومات كاذبة أو مُضلّلة عن الضحية بهدف الإضرار بـ reputation سمعتها أو علاقاتها الاجتماعية. التهديد: وهو توجيه تهديدات مُباشرة أو غير مُباشرة للضحية بهدف ترهيبها أو إجبارها على فعل شيء ما. التحرّش الجنسي: وهو أي سلوك جنسي غير مرغوب فيه يتم توجيهه للضحية عبر الإنترنت. وتشير الدراسات إلى ارتفاع مُعدلات هذه الظاهرة على المستوى العالمي، مما يستدعي التحرك العاجل لحماية أطفالنا.
- كيف يمكن للأسرة حماية أطفالها من التنمر الإلكتروني؟
يقع على عاتق الأسرة دورٌ محوريٌ في حماية أطفالها من التنمر الإلكتروني، إذ يجب على الوالدين: مراقبة نشاط أطفالهم على الإنترنت: يجب على الوالدين مراقبة المواقع التي يزورها أطفالهم على الإنترنت والتطبيقات التي يستخدمونها والأشخاص الذين يتواصلون معهم. توعية أطفالهم بمخاطر التنمر الإلكتروني: يجب على الوالدين التحدث مع أطفالهم عن مخاطر التنمر الإلكتروني وتعليمهم كيفية التعامل معه وحماية أنفسهم. تشجيع أطفالهم على الإبلاغ عن أي حوادث يتعرضون لها: يجب على الوالدين تهيئة بيئة آمنة لأطفالهم لتشجيعهم على الإبلاغ عن أي حوادث تنمر إلكتروني يتعرضون لها دون خوف من العقاب أو اللوم. تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم: يُساعد تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم وتنمية مهاراتهم الاجتماعية في حمايتهم من التنمر الإلكتروني، إذ يُصبحون أقل عُرضةً للتأثر بالسلوكيات السلبية للآخرين. تنمية مهارات التواصل الإيجابي لديهم: يجب على الوالدين تعليم أطفالهم كيفية التواصل بشكلٍ إيجابي وبنّاء مع الآخرين عبر الإنترنت، وتجنّب السلوكيات التي قد تُؤدي إلى التنمر أو التعرض له.
الدعم النفسي للأطفال
- ما هو دور الجهات الرسمية في مكافحة التنمر الإلكتروني؟هناك العديد من البحوث على خطورة الموقف والوعي بالتنمر والعديد من الممارسات تحتاج إلى التطوير، ونحن نفتخر بما سمعته من المسؤولين وأن هناك جهود عظيمة ورغبة حقيقية لتقديم الحلول للطفل.
والسعودية على مستوى كبير من الوعي النفسي والمجتمعي والسعادة المجتمعية ورفع جودة الحياة للأسر والأطفال ووضع أسس لهذا الأمان الأسري، وما يتعلق بالطفل والأسرة والمجتمع ونفتخر بكل ذلك.
وبوجه عام يجب على الجهات الرسمية سنّ قوانين رادعة تُجرم التنمر الإلكتروني وتحمي ضحاياه، كما يجب توفير الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال الذين يتعرضون للتنمر الإلكتروني ومُساعدتهم على التغلّب على آثاره السلبية.
ونحن نفتخر بالجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة في هذا المجال، ونتطلع إلى المزيد من التقدم في المستقبل، ويجب أن تُركّز جهود الجهات الرسمية على: وضع سياسات واضحة لمُكافحة التنمر الإلكتروني في المدارس والمؤسسات التعليمية. تدريب العاملين في مجال التعليم والرعاية الاجتماعية على كيفية التعامل مع حالات التنمر الإلكتروني. توفير خطوط ساخنة ومواقع إلكترونية لتمكين الأطفال من الإبلاغ عن حالات التنمر الإلكتروني بطريقة آمنة وسريّة. التعاون مع شركات التكنولوجيا لمُكافحة التنمر الإلكتروني على مُنّصاتها.
- ختاماً، ما هي رسالتك للمجتمع بشأن التنمر الإلكتروني؟
أدعو جميع أفراد المجتمع إلى التكاتف لمواجهة التنمر الإلكتروني وحماية أطفالنا من مخاطره، ويجب أن نعمل معاً لبناء مجتمع آمن وسليم لجميع أفراده.
وأؤمن بأننا بالتعاون والإصرار سنتمكن من التغلب على هذا التحدي وبناء مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة، وأُريد أن أُؤكّد على أن التنمر الإلكتروني ليس مجرد ”مزحة“ أو ”لعب أطفال“، بل هو سلوك خطير له تداعيات سلبية عميقة على الضحايا، يجب أن نتعامل مع هذه القضية بجدية ونعمل معاً للقضاء عليها.
وبناء على البحوث والنسب الموجودة نحتاج إلى جهود أكبر في البحث على مدى أوسع وعينات، سواء أسر أو أطفال لمعرفة واقع الحال أكثر والنسب بأن هناك خطورة مع وجود المدخل التكنولوجي في التواصل وهناك إساءات جنسية ونفسية واجتماعية، وتصيد وعدوان إلكتروني يقع على الطفل أو أي فئة هشة.
وهناك أرقام عالية على المستوى العالمي ونثق بأن طفل اليوم لديه الوعي بوجود أسرة موجهة، ونظام تعليمي موجه وأنظمة واضحة، ومتفائلة بمستقبل المملكة في ظل رؤية 2030، وأن المجتمع السعودي يمر بمرحلة تطور متسارعة تبشر بمستقبل واعد ومشرق.
0 تعليق