"سما".. طفلةٌ سلبتها الحرب شعرها الجميل فاستبدلته بقطعة قماش - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

"أمام مرآتها الصغيرة التي تمسكها بيد وفرشاة شعرها بيدها الأخرى، تنظر بحزن يُغلف قلبها الصغير وتسأل نفسها ما حاجتها لفرشاة الشعر بعد الآن، وهيلم تعد تمتلك شعرًا تتباهى به وتُسرحه بأبهى التسريحات التي اعتادت عليها".

تمسح بيدها الصغيرة على رأسها، تستذكر عندما كانت تستيقظ صباحًا تهرع إلى المغسلة وتببله ببضع قطرات من الماء، لتبدو جميلة أنيقة بشعر طويل ينسدل على ظهرها.

لحظاترعب

"كنت نائمة في خيمةالنزوح بمدينة رفح وإذ بأصوات انفجارات عنيفة تهز المكان، لم أدرك شيئًا إلا وأنا وشقيقتي بحضن والدي الذي كان يركض بنا سريعًا ووالدتي خلفه، يبحث عن مكان آمن نأوي إليه من وطأة القصف المستمر".

لحظات رعب فضّل الأب عدم عيش طفلتيه لها، فأخذ قرار النزوح، لأن قلبيهما الصغيران لن يتحملا رؤية الانفجارات التي تبتلع معها طفولة الصغار وتُبدد أمنهم.

"عشنا ليلة داخل إحدى المشافي التي ارتأى والدي أنها مكان آمن، لكن لا أمان بغزة، فجيش الاحتلال هاجم سطح المشفى وأمضينا ليلتها تحت القصف الذي لم نرَ مثله من قبل".

خوفٌ تملك قلب الصغيرة سما طبيل (7 أعوام)، فحاولت الهرب من وحشية البشر بوضع يديها على رأسها تُغلق أذنيها لا تُريد سماع تلك الأصوات المرعبة.

كانت الصغيرة ترى الموت قريبًا منها وعائلتها لم تُفكر أنها ستنجو، لكن الواقع كان مغايرًا للتفكير ببراءة الأطفال، وعقبتلك الليلة انتقلت "سما" ووالديها وشقيقاتها إلى مدينة خان يونس لخطف برهة من لحظة أمان يحظون بها كعائلة، لكن لا أمان حيث يقطنون، لأن جلالعمليات العسكرية للاحتلال وقتها كانت جنوب القطاع.

أيامٌ مضت أخفت فيها "سما" خوفها بقلبها ولم تُبح به لأحد، إلا أنه تمرد على قدرتها على الاحتفاظ به، حينما كانت تسرح شعرها وإذ بشعرها يتساقط بغزارة كالمطر المنهمر من سفح جبل على أرض ساحلية.

كارثة وصدمة لم يتحملها عقل الطفلة التي طالما كان شعرها مصدر فخرها، تراه يتهاوى أمامها بفرشاة شعرها، ثلاثة أيام فقدت فيها "سما" 80% من شعرها، لم تعد فروة رأسها تُغطى بذلك الشعر الطويل الذي سرح بأبهى التسريحات.

تبكي الطفلة بحرقة فقد فقدت أغلى ما تملك، استبدلت شعرها بقطعة قماش تُداري بها فروة رأسها، عن عيون قرنائها حتى لا تواجه بالسؤال الأصعب، هل أنت مصابة بالسرطان؟.

ألموحسرة

تقول والدة "سما"، في حديثها لوكالة "صفا": إن "طفلتها لم تعد كالسابق، تتساءل دائمًا لماذا حدث لها ذلك؟، لِمَ عليها مواجهة تلك النظرات المليئة بالشفقة والحيرة عن سبب حالها؟، تعبت وهي تروي ما حدث وقلب حياتها رأسًا على عقب".

وتضيف "أصعب ما يتملك قلبي عندما تزيح سما قطعة القماش عن رأسها وتبدأ بالحديث عن شعرها، أجد الحسرة تأكل عيونها، فأسبقها بالحديث أنها ستستعيده قريبًا".

وتتابع "عندما ذهبنا بها إلى المشفى، تبين أنه لا يتوافر علاج لسما في القطاع ويجب اللحاق بها خارجًا لتحظى به ويعود شعرها مجددًا يغزو رأسها".

وتتمنى الصغيرة أن يتوقف القصف لبرهة من الزمن حتى تحظى فيهبقسط من الراحة تكون بداية عودة فروة رأسها مليئة بشعرها الجميل، التي اشتاقت لتسريحه مجددًا بعدما فقدت ذلك منذ ستةِ أشهر.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق