ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية بنحو 30% إلى 50% حتى الآن في عام 2024، ويبدو أنها ستواصل الارتفاع خلال الأشهر المقبلة، حيث ستؤدي توقعات الطقس البارد إلى زيادة الطلب على التدفئة في مراكز الاستهلاك الرئيسية.
ومن شأن إعادة ملء مخزونات الغاز المتناقصة بسرعة في أوروبا وآسيا أن تحفّز الطلب القوي على الغاز، حتى لو أصبحت درجات الحرارة معتدلة مرة أخرى في تلك المناطق. وهذا سيضمن بقاء معنويات سوق الغاز صعودية على نطاق واسع حتى انتهاء الشتاء، وألّا يكون هناك مجال كبير لتراجع الأسعار قبل عام 2026.
بالتالي، يبدو أن أسعار الغاز المرتفعة في طريقها لزيادة تكاليف الطاقة في الأسواق العالمية الرئيسية، ما يُعرض النمو الاقتصادي الهشّ في الصين وأوروبا وأماكن أخرى للخطر، ويثير مخاوف جديدة بشأن التضخم.
في المقابل، سيزيد النمو المتواصل لتكاليف توليد الطاقة التي تعمل بالغاز من فرص الاستعانة بالمحطات العاملة بالفحم، والتي تُعدّ بالفعل أرخص في التشغيل مقارنة بالأولى، ولكنها تُولد نحو 55% من الانبعاثات لكل وحدة من إنتاج الطاقة.
ويُنظر إلى ارتفاع توليد الطاقة التي تعمل بغاز التدفئة في جميع أنحاء أمريكا الشمالية وأوروبا وشمال آسيا على أنه الدافع الرئيسي لتحركات أسعار الغاز العالمية في الأمد القريب، إذْ تمثل هذه المناطق أكثر من ثلثي استخدام السلعة عالمياً، وهي على استعداد لدخول فترة الذروة للطلب على التدفئة خلال الأشهر المقبلة.
وعلاوة على ذلك، وللمرة الأولى منذ سنوات، من المتوقع أن تنخفض درجات الحرارة في أسواق الغاز الرئيسية، في الصين واليابان وأوروبا، إلى ما دون المتوسطات طويلة الأجل هذا الشهر. وسيؤدي هذا إلى كسر موجة الطقس الشتوي المعتدل نسبياً على مدى العامين الماضيين، وسيؤدي كذلك إلى ارتفاع متزامن في الطلب على غاز التدفئة الذي من شأنه أن يرفع أسعار سوق الغاز ومعنوياته.
في سيؤول على سبيل المثال، من المتوقع أن يبلغ متوسط درجات الحرارة خلال شهر ديسمبر/كانون الأول 2.17 درجة مئوية تحت الصفر، مقارنة بمتوسط طويل الأجل يبلغ (-0.7) درجة مئوية. كما أنه من المتوقع أن تسجل شنغهاي وطوكيو وهونغ كونغ درجات حرارة متوسطة أقل بكثير من المعدل الطبيعي للفترة نفسها.
وسيؤدي الارتفاع الناتج في الطلب على التدفئة في هذه المناطق الحضرية الكبرى، وهي موطن لأكثر من 100 مليون شخص، إلى زيادة معدلات حرق الغاز الطبيعي والفحم بشكل أسرع، واستنزاف متسارع لمخزونات وقود الطاقة خلال بقية عام 2024.
في أوروبا، من المتوقع أيضاً انخفاض درجات الحرارة إلى مستويات أقل من المعدل الطبيعي هذا الشهر، وخاصة في أسواق الطاقة كثيفة الاعتماد على الغاز، في وقت ساهم فيه الاستخدام المتزايد للغاز بانخفاض سريع في مخزونات القارة. وبين الأول من أكتوبر/تشرين الأول ونهاية نوفمبر/تشرين الثاني، انخفضت المخزونات التراكمية في ألمانيا وهولندا وبلجيكا وفرنسا بنسبة 11%، وفقاً لمجموعة بورصة لندن.
يقارن ذلك بمخزونات الغاز المستقرة نسبياً، خلال نفس الفترة من عام 2023، وارتفاع بنسبة 3.5% في المخزونات لعام 2022، ومتوسط انخفاض بنسبة 2% فقط خلال تلك الفترة منذ عام 2017. ونتيجة لذلك، ستتعرض شركات الطاقة لضغوط، في محاولة لإعادة بناء تلك المخزونات خلال الأشهر المقبلة، حتى مع زيادة معدلات حرق الغاز بسبب ارتفاع الطلب على التدفئة.
وتعدّ مخزونات الغاز الطبيعي الحالية في الولايات المتحدة الأعلى منذ أكثر من خمس سنوات، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية. ومع ذلك، فإنهم على أعتاب فترة انخفاض تقليدية عندما تتراجع المخزونات بمعدل 9% في الأسابيع الأخيرة من العام. وهذا يعني أنه حتى مخزونات الغاز الوفيرة ظاهرياً في الولايات المتحدة سوف تتقلص بشكل كبير مع حلول عام 2025، ما سيعزز بشكل أكبر معنويات السوق.
في غضون ذلك، تتمتع الكثير من أنظمة الطاقة في جميع أنحاء آسيا بالحرية في حرق مزيد من الفحم بدلاً من الغاز لتلبية الطلب المتزايد على التدفئة، وستختار القيام بذلك إذا ارتفعت تكلفة توليد الغاز إلى ما هو أبعد من تكلفة توليد الفحم.
في اليابان، تبلغ تكلفة الغاز الطبيعي المسال الفوري بالفعل نحو 44% أعلى من متوسط سعر التحول من الفحم إلى الغاز، وهذا يعني تحفيز منتجي الطاقة المولَّدة بالفحم لزيادة الإنتاج بشكل أسرع من المنتجين الذين يعملون بالغاز.
ومن المرجح أيضاً أن تزيد شركات الطاقة في الصين وكوريا الجنوبية وأجزاء أخرى من آسيا، والتي تتمتع بمرونة استخدام الغاز أو الفحم لتوليد الطاقة، من اعتمادها على الفحم، ما قد يؤدي إلى تباطؤ وتيرة استخدام الغاز في القارة الصفراء، وتهيئة المسرح لانخفاضات محتملة في الأسعار في مختلف الأسواق الآسيوية.
ومع ذلك، من المرجّح أن يُعوّض الطلب المتزايد على الغاز من قبل شركات الطاقة في أوروبا أيّ انخفاض في الطلب الآسيوي، ما يضمن بقاء أسعار الغاز العالمية مدعومة بشكل جيد نسبياً خلال الشتاء المقبل.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
0 تعليق