يصادف يوم غد الأحد ذكرى يوم الأرض الفلسطيني، المناسبة الوطنية التي تجسّد روح الصمود والتشبّث بالأرض، وجذورها تعود إلى انتفاضة الفلسطينيين في الداخل المحتل عام 1976، حين تصدّوا لمخططات الاحتلال الإسرائيلي الهادفة إلى مصادرة أراضيهم وطمس هويتهم الوطنية.
لكن هذا العام، تأخذ الذكرى بُعدًا آخر، إذ قد تتزامن مع أول أيام عيد الفطر، في مشهد يجمع بين مشاعر الفرح بحلول العيد والحنين العميق إلى الوطن، خاصة لدى اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات والتجمّعات الفلسطينية في لبنان، الذين يعيشون العيد بعيدًا عن أرضهم، ولكنها لا تفارق وجدانهم.
عيد في ظل الحرب: غزة تقاوم واللاجئون يتشبثون بالعودة
وفي الوقت الذي يُحيي فيه الفلسطينيون يوم الأرض في الداخل والشتات، تتزايد المخاطر على قطاع غزة، حيث يُواجه سكانه مخططًا ممنهجًا للتهجير القسري، مع استمرار المجازر والتدمير الممنهج.
فالقصف المكثّف، والتضييق الاقتصادي، وإجبار السكان على النزوح نحو الجنوب، كلها أدوات يستخدمها الاحتلال لفرض واقع جديد على القطاع.
لكن حال غزة، كما هو حال اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، تتشبث بأرضها رغم الألم، ففي مشهد يُعيد للأذهان النكبة عام 1948، يصرّ أهالي غزة على البقاء في وطنهم مهما كلف الثمن، في ملحمة جديدة من الصمود الفلسطيني، بينما يؤكد اللاجئون في لبنان أن "حق العودة ليس مجرد شعار، بل وعد يتوارثونه جيلًا بعد جيل".
عيد بعيد عن الأرض.. ولكنها حاضرة في القلب
ففي مخيمات الشتات في لبنان، يتجدد يوم الأرض الفلسطيني كشعلة لا تنطفئ، تذكيرًا بحقيقة اللجوء الذي فُرض على الفلسطينيين قبل 76 عامًا، وبينما يستقبل العالم الإسلامي عيد الفطر بالفرح والاحتفالات، يعيش اللاجئون الفلسطينيون في لبنان عيدًا بطعم الحنين والاغتراب، حيث يبقى الوطن هو الغائب الحاضر في تفاصيل العيد.
ويأتي يوم الأرض الفلسطيني ليؤكد أن الأرض ليست مجرد ذكرى في قلوب اللاجئين، بل حقيقة ثابتة لا يمكن محوها.
فعلى مدار أكثر من سبعة عقود، تحوّل الشتات الفلسطيني إلى رمز للصمود والتحدي، حيث ظل اللاجئون متمسكين بحقهم في العودة رغم محاولات التوطين والتهجير القسري.
وبينما يحيي اللاجئون الفلسطينيون يوم الأرض في المنافي، يخوض سكان غزة معركة بقاء ضد محاولات الاحتلال لاقتلاعهم من أرضهم، فمنذ اندلاع العدوان الأخير، تتزايد المؤشرات على نية الاحتلال تفريغ غزة عبر التهجير القسري، وهو سيناريو يعيد إلى الأذهان نكبة 1948، حينما اقتُلع مئات الآلاف من الفلسطينيين من بيوتهم.
العيد.. حلم العودة الذي لا يموت
ورغم الحزن والقلق، يحرص اللاجئون في لبنان على أن يكون العيد مناسبة يتجدد فيها الأمل بالعودة، ففي المخيمات، تُسمع تهاني العيد مقرونة بدعوات صادقة: "العيد القادم في فلسطين إن شاء الله".
عثمان: الوحدة الوطنية سبيل الانتصار على الاحتلال
وفي هذا السياق، أكد القيادي في "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" في لبنان (أحد فصائل منظمة التحرير الفلسطينية) فؤاد عثمان، بمناسبة يوم الأرض، أن هذه "الذكرى تمثل تجسيدًا لتمسك الشعب الفلسطيني بأرضه وحقوقه، وتعدّ محطة نضالية بارزة في مواجهة محاولات الاحتلال الإسرائيلي الاستيطانية لنهب الأراضي وتهجير السكان".
وبهذه المناسبة، أشار عثمان في تصريح خاص لـ"قدس برس" اليوم السبت، إلى أن "الفلسطينيين، رغم كل محاولات القمع والتهجير، لا يزالون صامدين في أرضهم، ويواصلون مقاومتهم حتى انتزاع حقوقهم الوطنية المشروعة".
وفي تصريحه، استنكر عثمان الصمت العربي والدولي تجاه ما يتعرض له الفلسطينيون من جرائم حرب على يد الاحتلال، مؤكدًا أن "الوحدة الوطنية الفلسطينية هي الطريق الأقصر لإسقاط جميع مشاريع الاحتلال التوسعية والتهويدية".
وختم عثمان بتوجيه التحية للمقاومة في كل مكان، قائلاً: "التحية للمقاومة الباسلة في فلسطين ولبنان واليمن وكل من يقف ويدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال حتى تحقيق أهداف شعبنا بالعودة والدولة والاستقلال".
ختاماً؛ يكون هذا العيد الأصعب على الفلسطينيين، لكنه أيضًا عيد الصبر والتحدي، ففي المخيمات الفلسطينية بلبنان، كما في غزة والضفة والداخل المحتل، يعيش الفلسطينيون العيد كمعركة أخرى من معارك البقاء، حيث يظل الأمل بالتحرير والعودة هو العيد الحقيقي الذي ينتظرونه منذ أكثر من سبعة عقود.
0 تعليق