بأسلوبه الهادئ، وابتسامته المتواضعة التي تحمل في طياتها ألف رسالة، دخل قلوب الناس دون استئذان، إنه الراحل الدكتور محمود بكري والذي تحل علينا اليوم الذكرى الثانية لوفاته، فهو باحث، وكاتب، وإعلامي، ومثقف من الطراز الرفيع، عرف كصوت الحق في الميدان، وصوت العقل في زمن الضوضاء، وخلال السطور التالية نخوض في صفحات من تاريخ حياته.

نشأة الكاتب الصحفي محمود بكري

ولد محمود مصطفى بكري محمد، وشهرته «محمود بكري»، في مركز المعنا بمحافظة قنا في صعيد مصر، وتلقى تعليمه الأساسي حتى المرحلة الثانوية العامة بها، ثم بعد ذلك اتجه إلى القاهرة ليبدأ العمل ببعض الصحف والمجلات، من الأهرام إلى الشعب ثم الأحرار والأسبوع، ثم رئيسا لمجلس الإدارة لبوابة «الأسبوع» منذ عام 2015، ورئيسا لتحرير برنامج «حقائق وأسرار».

في عام 2019، حصل محمود بكري على درجة الدكتوراه، من أكاديمية ترو للتدريب والاستشارات، بتقدير جيدا جدا في تخصص إدارة الأعمال من جامعة إنتيجوا الأمريكية عن رسالته بعنوان: «الإعلام.. واستراتيجية مكافحة الإرهاب والتطرف»، وألقى محاضرات في كلية الإعلام جامعة مصر. وفي عام 2020، انتخب عضواً بمجلس الشيوخ، وذلك ضمن قائمة من أجل مصر، وكان له دور بارز في العمل البرلماني.

تاريخ العمل الصحفي والإعلامي للدكتور محمود بكري

عمل الدكتور محمود بكري محررا في العديد من الصحف والمجلات، وترشح على «القائمة الوطنية من أجل مصر» لمجلس الشيوخ 2020، وتقلد منصب عضو مجلس الشيوخ بدورة 2020، كما كان رئيس مجلس إدارة جريدة الأسبوع، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة محبى مصر للثقافة والتنمية، إلى جانب هذا عمل كرئيس تحرير برنامج «حقائق وأسرار».

العمل العام والنيابي والخدمي للدكتور محمود بكري

شهدت الحياة العامة والعمل النيابي اهتماما متزايدا من الدكتور محمود بكري، فكانت أولى أولوياته إذ كان حق الشعب و«الغلابة » نصب عينيه أينما ذهب، ونادى محمود بكري منذ انتخابه عضواً بمجلس الشيوخ، بعدد من الأطروحات التي تسعى لتقديم الدعم لسواد الناس والشباب غير العاملين، ومنها الأنماط الوظيفية التي تغيرت في مصر بشكل كبير المرحلة الماضية، منوها بأن شركات قطاع الأعمال تغيرت هيكلتها الفترة الحالية، والتي يصل بها عدد كبير من العمال إلى المعاش المبكر إضافة إلى عدم وجود تعيينات جديدة، ونفس الأمر ينطبق على الجهاز الإداري بالدولة.

ونوه بكري أن إشكالية تشغيل الشباب بالقطاع الخاص، تتطلب أن تكون فلسفة مشروع القانون المعروض، معتمد على الأمان الوظيفي للعمال وهو ما يتطلب إلغاء الفصل التعسفي للعمال، والقضاء على ما يسمى باستمارة 6، إضافة إلى إنشاء محكمة عمالية للفصل بين النزاعات، حتى تتحقق العدالة.

زيارة النائب محمود بكري لأفقر قرية في مصر بقنا

وعندما علم الدكتور محمود بكري بحالة إحدى قرى الصعيد ومدى فقر الخدمات فيها وكيف أن الفقر ضربها في أمعائها وبطش بها، و بالفعل سارع هو وشقيقه النائب مصطفى بكري راكضيْن يحملان معهما كل ما يستطيعان حمله فقد جاءا بقافلة طبية شاملة كبيرة مجانية تضم كافة التخصصات وبها أشهر الأطباء ومعهم أكبر صيدلية متنقلة تصرف العلاج بالمجان استمرت القافلة ثلاثة أيام متوالية وهو حاضر في قلب الحدث يأتي من الساعة السابعة صباحا يغادر مع العشاء هو وشقيقه النائب مصطفى بكري، كما وزع الراحل ملابس العيد والبطاطين بأعداد كبيرة تكفي لأكثر من قرية، كما وزع على أهالي القرية الفقراء عجولا وأبقارا مع مساعدات مالية، كما عقد مؤتمرات لأهالي القرية ليستمع لاحتياجاتهم وتقديم حلول للوحدة الصحية بالقرية وجعل بها طبيبا مقيما، وتوصيل الكهرباء والمياه لكل أهالي القرية المحرومين وتسجيل أسمائهم في الاستفادة من الوحدات الاجتماعية، وإمداد القرية بخطوط مياه صالحة للشرب.

وفاة الدكتور محمود بكري

وفي الساعات المبكرة من اليوم الأربعاء الموافق 10 مايو 2023، تُوفي الكاتب الصحفي محمود بكري، عضو مجلس الشيوخ، بمستشفى المعادي العسكري بعد فترة علاج استمرت لأكثر من 70 يوما.

وصية الكاتب الصحفي محمود بكري

وداخل المستشفى جمع الكاتب الصحفي الراحل، أشقاءه وأولاده وأوصاهم بأن يدفن في ببلدته «المعنا»، إلى جوار والده ووالدته، وعندما سأله ابنه خالد: لماذا لا تدفن في مقبرتنا في القاهرة حتى نجتمع سويا كأسرة؟ كان رده: «وجود جثماني في بلدتنا هو الضمانة بأن تظلوا على صلة بالأهل وبالبلدة».

كما أوصاهم بالتكاتف وحب الوطن ومراعاة الفقراء، والمحافظة على الـ750 أسرة فقيرة ويصلها رواتب شهرية تصل إلى 700 جنيه لكل أسرة، والتي تكفل بها أحد رجال الأعمال الكبار.

جنازة مهيبة في استقبال الدكتور محمود بكري

استقبل الآلاف جثمان الكاتب الصحفي الراحل محمود بكري، عضو مجلس الشيوخ، لأداء صلاة الجنازة عليه بمسقط رأسه في قرية المعنّى بمحافظة قنا، على أن يتم دفنه بمقابر العائلة بعد صلاة العصر.

مئات المتوافدين لعزاء الدكتور محمود بكري

وشهد مسجد عمر مكرم بالتحرير، توافد المئات من الجمهور والشخصيات العامة لتقديم واجب العزاء في وفاة الدكتور محمود بكري، وكان في استقبال المعزين الكاتب الصحفي مصطفى بكري عضو مجلس النواب، وأسرة النائب الراحل محمود بكري، وجاء أبرز الحاضرين من الشخصيات العامة والرياضية والفنية: «الفنان محمد منير، والدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم، واللواء عادل لبيب وزير التنمية المحلية الأسبق، والكابتن محمود الخطيب رئيس النادي الأهلي، جمال علام رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم، وعلي الدين هلال وزير الشباب والرياضة الأسبق، والفنان طارق الدسوقي» وغيرهم من الحضور.

إطلاق اسم الدكتور محمود بكري على مدرسة التربية الفكرية

وفي صباح الخميس 26 أكتوبر 2023، افتتح أيمن موسى مدير مديرية التربية والتعليم بالقاهرة، والإعلامى مصطفى بكرى عضو مجلس النواب، مدرسة التربية الفكرية بعد أن أطلق عليها اسم النائب الراحل الدكتور محمود بكرى، وذلك تخليداً لذكراه وتقديرا لجهوده المتميزة في رفع مستوى المنظومة التعليمية، من خلال خطواته وتحركاته الداعمة من تطوير وتجديد المتهالك منها، علاوة على إنشاء الجديد منها خدمة للطلبة والطالبات بمدينة حلوان وضواحيها والتبين ومايو والمعصرة.

إطلاق اسم الدكتور محمود بكري على شارع بالمعصرة

من ناحية أخرى، وفي 16 يوليو 2024 وافق المجلس التنفيذي لـ محافظة القاهرة برئاسة الدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة، على إطلاق اسم المرحوم محمود بكرى على شارع المقابر بالمعصرة، تكريما له.

افتتاح مدرسة الدكتور محمود بكري بقنا

في سياق متصل، وفي صباح الأحد 22 سبتمبر 2024، افتتح محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، والدكتور خالد عبد الحليم محافظ قنا، مدرسة محمود بكري الإعدادية بمنطقة المعنى بمحافظة قنا، بعد أن أُطلق عليها اسم النائب الراحل الدكتور محمود بكري، تخليداً لذكراه وتقديرًا لجهوده المتميزة في رفع مستوى المنظومة التعليمية.

افتتاح مسجد الدكتور محمود بكري

وافتتح الدكتور خالد عبد الحليم محافظ قنا، يوم الجمعة 14 فبراير 2025، مسجد الدكتور محمود بكري، بحضور الدكتور حازم عمر نائب محافظ قنا، والكاتب الصحفي الكبير مصطفى بكرى عضو مجلس النواب، واللواء أيمن السعيد السكرتير العام المساعد، والدكتور محمد ذكي وكيل وزارة الأوقاف، والسيد ناجي صديق نافل سفير الخير لآل المرزوق، والنائب أشرف أبو الفضل، والنائب محمد أحمد الجبلاوي، عضوا مجلس النواب، والنائب عبد الفتاح دنقل عضو مجلس الشيوخ، وعدد من القيادات الشعبية والتنفيذية، ولفيف من أهالي القرية.

رحل الدكتور محمود بكري، عن عالمنا تاركا ورائه إرثا خالدا من المؤسسات الخيرية والأعمال التي ستظل تخلد اسمه أمد الدهر، فما هذا سوى جزاء الساعين لمساعدة الناس بكل ما أُتاه الله من قوة.

اقرأ أيضاً
مؤسسة محمود بكري توزع 1000 شنطة رمضانية على الأسر الأولي بالرعاية بحلوان

استكمالا لحملة «دفا الشتاء».. مؤسسة محمود بكري للأعمال الخيرية تواصل توزيع «البطاطين» في حلوان

«دفا الشتاء» يصل إلى كفر العلو: مؤسسة محمود بكري وبنك مصر يواصلان توزيع البطاطين