نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بين لندن والرياض.. هل تكون رسوم المحلات الفارغة مفتاح خفض الإيجارات؟ - عرب فايف, اليوم الجمعة 9 مايو 2025 01:36 صباحاً
واليوم، تبرز فكرة مماثلة في المشهد السعودي، عبر مقترح قدمه رجل الأعمال يزيد الراجحي، الذي دعا إلى فرض رسوم على المحال الفارغة في المملكة. فهل يمكن لهذا المقترح أن يكون مفتاحاً حقيقياً لخفض الإيجارات، وتنشيط الحركة التجارية، وتحقيق توازن أفضل بين الملاك والمستثمرين؟
من الناحية القانونية، يمكن تفعيل هذا المقترح عبر تنظيم تشريعي متكامل يأخذ بعين الاعتبار التوازن بين حقوق الملكية الخاصة ومتطلبات المصلحة العامة. وذلك من خلال سن نظام خاص أو تعديل الأنظمة القائمة، بحيث يتم إدخال نص قانوني يجيز فرض رسوم سنوية على العقارات أو المحلات التجارية الفارغة بعد مضي مدة معينة من عدم تشغيلها، مثل ستة أشهر أو سنة، وذلك ضمن نظام رسوم الأراضي البيضاء أو عبر إصدار لائحة مستقلة.
ويكون من الضروري تحديد المعايير بوضوح لمعرفة متى يعتبر المحل فارغاً تجارياً، كعدم وجود سجل تجاري نشط أو عدم ممارسة نشاط فعلي. مع استثناء بعض الحالات المبررة كالعقارات الخاضعة للترميم الإجباري أو المتورطة في نزاعات قضائية خارجة عن إرادة المالك.
كما يجب أن توجه حصيلة الرسوم إلى دعم برامج تحفيز الاستثمار التجاري أو تطوير البنية التحتية في المناطق المتأثرة، مع إنشاء آلية رقابية شفافة تنذر المالك قبل تطبيق الرسوم، مما يحقق العدالة والوضوح في التطبيق.
إن تحفيز تشغيل المحلات التجارية الفارغة ينسجم مباشرة مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، لاسيما من خلال دعم نمو القطاع الخاص، وتعزيز مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي، وخلق بيئة أعمال تنافسية ومستدامة.
ويمكن البدء بتطبيق هذا النظام على مراحل تجريبية في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة والدمام، بحيث يتم تقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي بعد مرور عام واحد من التطبيق، مما يسمح بإجراء التحسينات اللازمة قبل تعميم التجربة على نطاق أوسع.
وقد بادرت القيادة الرشيدة فعلياً، بموجب نظام أُقرّ من مجلس الوزراء، إلى تبني هذه الرؤية التنظيمية، من خلال إصدار قرار يقضي بفرض رسوم سنوية بنسبة 5% من قيمة العقار التجاري غير المستخدم. وقد أُسندت مهمة التنفيذ إلى وزارة البلديات والإسكان، التي بدأت باتخاذ التدابير اللازمة لتفعيل النظام، بما في ذلك تحديد معايير شغور المحلات، وضوابط الإعفاء، وآلية التقييم والإنذار قبل التطبيق.
ويُحتمل بحسب ما يُستشف من مسار التطوير التشريعي أن تُمنح اللجنة الوزارية المختصة صلاحية رفع نسبة الرسوم إلى 10% سنوياً من قيمة العقار في بعض الحالات التي تُقدّر وفق معايير تنظيمية دقيقة. هذا التدرج المحتمل في التصعيد المالي يعكس توجهاً جاداً نحو تفعيل أدوات العدالة الاقتصادية ومنع تعطيل الأصول التجارية دون مبرر.
ويُستثنى من الرسوم العقارات التي تخضع لأعمال ترميم موثقة، أو تلك المرتبطة بنزاعات قضائية خارجة عن إرادة المالك، مع التأكيد على اعتماد آلية رقابية شفافة وعادلة تراعي ظروف كل حالة على حدة.
هذا التدخل التنظيمي يعكس إدراك الدولة لأهمية خلق توازن عادل بين العرض والطلب في السوق، ويجسّد قدرتها على تحويل التحديات الاقتصادية إلى فرص للتنمية، من خلال تشريعات قابلة للتطبيق ومبنية على تقييم دقيق للواقع.
من خلال هذا الإجراء، تتحقق عدة فوائد اقتصادية واجتماعية، أبرزها خفض أسعار الإيجارات تدريجياً نتيجة زيادة المعروض الفعلي من المحلات، وتحفيز أصحاب العقارات على تأجير المحلات بأسعار عادلة أو تشغيلها بأنشطة جديدة، مما ينشط الدورة الاقتصادية ويوسع قاعدة المنشآت التجارية العاملة، ويخلق فرصاً إضافية لرواد الأعمال والمستثمرين الصغار.
في ظل التحولات الاقتصادية المتسارعة التي تشهدها المملكة، تبرز الحاجة إلى أفكار مبتكرة تساهم في دفع عجلة النمو وتحقيق التوازن بين مصالح جميع الأطراف. وإن ما تحقق من خلال المبادرات الأخيرة لتنظيم سوق المحلات التجارية الفارغة، يمثل خطوة ذكية نحو تحقيق عدالة اقتصادية، وتعزيز بيئة تجارية ديناميكية، ترسّخ توجه الدولة نحو التنمية الشاملة والفعالة.
أخبار ذات صلة
0 تعليق