وسط تصاعد التوترات العسكرية في الشرق الأوسط واستمرار الغارات الأمريكية على اليمن، أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصدّر المشهد بتصريحات مثيرة للجدل وادعاءات بالكذب كما عودنا عليه، ولكن هذه المرة طالت اثنتين من أهم الممرات البحرية في العالم: قناة السويس وقناة بنما.

ترامب يتنفس كذبا

في سلسلة من التصريحات التي أثارت انتقادات واسعة في الأوساط السياسية والدبلوماسية، قال دونالد ترامب إن على الولايات المتحدة ألا تدفع رسوم عبور لسفنها العسكرية أو التجارية في كلّ من قناة السويس المصرية وقناة بنما، بحجة أن هذين المشروعين ما كان لهما أن يريا النور لولا الدور الأمريكي.

وأضاف ترامب: طلبت من وزير الخارجية ماركو روبيو أن يتولى فوراً مسألة السماح بمرور السفن الأمريكية مجاناً عبر هاتين القناتين.

واستكمل ادعائه بالكذب: نحن بنينا هذه القنوات، نحميها وندافع عنها، ومن غير المنطقي أن ندفع مقابل استخدامها.

البيت الأبيض يتحفّظ.. والمستشارون يدعمون

وعلى الرغم من صمت بعض الإدارة الأمريكية الحالية عن هذه التصريحات، إلا أن مستشار الأمن القومي الأمريكي مايكل والتز لم يتأخر في تأييد وجهة نظر ترامب، حيث قال: "الولايات المتحدة يجب ألا تدفع لاستخدام قناة شقتها أو ساهمت في حمايتها".

ورأى المستشار أن الأمن البحري العالمي لا يمكن أن يستقيم ما لم يُعاد النظر في كيفية تعامل الولايات المتحدة مع القنوات الاستراتيجية التي تمر بها أغلب تجارتها.

في المقابل.. غارات أمريكية في اليمن

وفي موازاة هذه التصريحات، شنت القوات الأمريكية سلسلة غارات جوية في اليمن، طالت مناطق متعددة في محافظة مأرب والجوف والحديدة، وفقاً لما ذكرته وسائل إعلام تابعة للحوثيين.

وقالت التقارير إن الغارات استهدفت جزيرة كمران وميناء رأس عيسى ومديرية مدغل، في تصعيد يبدو متزامناً مع محاولة أمريكية لفرض واقع جديد في المنطقة البحرية، يتسق مع رؤية ترامب المتجددة لحرية الملاحة والنفوذ الأمريكي.

أصداء دولية واستياء عربي

أثارت تصريحات ترامب موجة من الاستياء، خصوصاً من الشعب المصري، حيث يعتبرها المصريون أن قناة السويس مشروع سيادي خالص للدولة المصرية، وأن أي حديث عن أحقية الولايات المتحدة بالعبور المجاني يُعدّ تجاوزاً للسيادة الوطنية والقوانين الدولية.

كما حذّر محللون من أن مثل هذه التصريحات، مترافقة مع الغارات الجوية، قد تساهم في زيادة التوترات الجيوسياسية، وخلق بيئة من عدم الاستقرار في الممرات البحرية التي تعتبر شرياناً لتجارة العالم بأسره

هل عاد ترامب بسياسات صدامية؟

بينما لم يستكمل ترامب المائة يوما على رجوعه إلى البيت الأبيض، يرى مراقبون أن عودته إلى الخطاب القومي الحاد، ومحاولاته إحياء مفاهيم "أمريكا أولاً" من بوابة الملاحة الدولية، تمهّد لمرحلة أكثر تصادماً مع الحلفاء والخصوم على حد سواء.