عرب فايف

"إيكوجي" التربية الإيجابية على الطريقة اليابانية - عرب فايف

يعد السلوك الجيد للأطفال في اليابان إحدى السمات البارزة التي يمكن ملاحظتها هناك، ويعود الفضل في ذلك إلى أسلوب التربية الياباني المعروف باسم "إيكوجي"، الذي يعتمد عليه الآباء منذ قديم الزمان لتنشئة الأطفال.

يرجع أصل هذا الأسلوب إلى قرون عديدة، رغم التغيرات الكبيرة التي طرأت على الحياة في تلك الفترة، إلا أن بعض القيم مثل أهمية العائلة لا تزال تحظى بنفس المكانة في الثقافة اليابانية. ويحقق أسلوب "إيكوجي" توازنًا بين استقلالية الطفل، والتربية الإيجابية، وكذلك وحدة الأسرة.

إمبراطور صغير

يركز هذا الأسلوب على غرس قيم الطاعة والانضباط والشعور بالمسؤولية والواجب لدى الطفل، وتعزيز احترام الذات، ويعتمد على دعم الجوانب الإيجابية لدى الطفل دون عقاب، وتختلف الطرق المتبعة بحسب المرحلة العمرية التي يمر بها الطفل، ووفق هذا الأسلوب تنقسم مراحل التربية إلى 3 مراحل يعتمد في كل منها منهجا تربويا مختلفا.

قبل سن الخامسة.. اكتشاف كل شيء

تستمر المرحلة الأولى من حياة الطفل حتى بلوغه سن الخامسة، حيث يكون مركز الكون في عائلته، محاطًا بالحب والرعاية من الأهل. وفي السنوات الثلاث الأولى، غالبًا ما تكرس الأم وقتها بالكامل لطفلها، ويُستخدم حامل الأطفال ليظل الطفل قريبًا منها حتى أثناء إنجاز مهامها المنزلية.

 يصبح الطفل في هذه الفترة محور اهتمام الأسرة حتى بلوغه سن الثالثة، حين يبدأ في اكتساب بعض الاستقلالية. ويظل دور الوالدين حاسمًا في هذه المرحلة، حيث يحرصان على إشباع فضول الطفل وتحفيزه على الاستكشاف.

في هذه الفترة، نادرًا ما يواجه الطفل الكثير من الرفض أو كلمة "لا"، ويُسمح له بالكثير من التجارب. الحديث هنا يدور حول تلبية رغبة الطفل في الاستكشاف، وكيف يخصص الوالدان وقتًا كبيرًا لرعاية طفلهما.

المدرسة والمسؤولية

بعد بلوغه الخامسة ودخوله إلى المدرسة تبدأ المرحلة الثانية من حياته وتشهد تحولا جذريا، كما يشير موقع "تشلدرن سيرش" إلى تدخل كثير من القواعد والقيود، ويبدأ أيضا في اكتساب المهارات التي تساعده في الاستقلال، عنوان هذه المرحلة هو "الخادم" ويصبح الطفل جزءا من المجتمع وتوضع معايير اجتماعية أخرى موضع التنفيذ، فيتحول التركيز هنا من رغبات الطفل وحده، إلى المصلحة الجماعية ودوره في المجتمع ويتعلم عندها مهارات التواصل مع الآخرين ومفهوم المسؤولية والعمل الجماعي.

تتمحور الأنشطة المختلفة التي يمارسها الأطفال في المدرسة؛ الرياضة والأنشطة الترفيهية، حول العمل الجماعي مع تعزيز الاستقلالية ويتعلم الطفل أن الالتزام بهذه المعايير المتعلقة بدوره كفرد في المجتمع يفوق في أهميته الإنجازات الفردية.

وتستمر هذه المرحلة حتى الخامسة عشرة من عمره، وتتعاون الأسرة مع المدرسة في غرس القيم ذاتها، ويتعلم الأطفال في هذه المرحلة، تقديم المساعدة لأفراد الأسرة؛ للوالدين والأجداد والإخوة، ويقضون أوقاتهم معا في تنظيف المنزل أو التسوق أو غسل الملابس.

العمل إلى جانب الدراسة

تبدأ المرحلة الثالثة عند بلوغ الطفل سن الخامسة عشرة، حيث يصبح في هذه المرحلة عضوًا كاملًا في المجتمع. وتعتمد العلاقة بين المراهقين وآبائهم على مبادئ المساواة والاحترام، ويكتسب المراهقون في هذه الفترة القدرة على اتخاذ قرارات مستقلة، تبدأ باختيار مظهرهم الشخصي وتمتد إلى اختيار مسارهم التعليمي والمهني.

 

في هذه المرحلة، غالبًا ما يتحمل الأطفال مسؤوليات تجاه أشقائهم الأصغر سنا، ويبدأ بعضهم في ممارسة أعمال مختلفة بهدف إضافة دخل إلى جانب الدراسة.

نصائح من إيكوجي

على الرغم من التحديات التي قد تواجه تطبيق هذا الأسلوب التربوي، نظرًا لأنه يعتمد على تعاون أفراد ومؤسسات المجتمع في غرس القيم المشتركة، وهو ما قد لا يتوفر في العديد من المجتمعات، فإن هناك بعض القواعد العامة التي يمكن اتباعها، مثل:

 

القليل من الرفاهية

في اليابان، لا يمتلك الأطفال العديد من الألعاب، ويتعلمون تقدير الألعاب التقليدية وقضاء الوقت مع الأطفال الآخرين أو مع العائلة. وفي مرحلة لاحقة، يتعلم الأطفال كيفية الادخار وكسب المال بأنفسهم لتحقيق رغباتهم الشرائية.

وتولي الأسرة اهتماما خاصا بعدم إغراق الطفل في وسائل الراحة الزائدة أو حمايته المفرطة، بل تتركه يختبر الفشل والمعاناة أحيانا ليتعلم من خلال التجارب المختلفة.

أوقات عائلية ممتعة

في مقابل توفير أشياء مادية أقل، تمنحه العائلة أوقاتا جيدة أكثر، ويتعلم الأطفال احترام أوقات تناول الطعام مع العائلة فتعتبر فرصة لجمع شملها.

وتقدس العائلات قضاء وقت ممتع في العطلات ونهاية الأسبوع، ويحترم الأطفال غياب الآباء إذا كانت أعمالهم لا تسمح بالمشاركة في هذه الأوقات.

الانضباط والمسؤولية

اتباع روتين يومي منظم يعزز قيم الانضباط، حيث يتم غرس قيمة المسؤولية منذ وقت مبكر. وغالبًا ما يذهب الأطفال إلى المدرسة بمفردهم، وأحيانًا يكون الطفل الأكبر مسؤولًا عن رعاية أشقائه أثناء الطريق إلى المدرسة، في بيئة آمنة ومهيأة لذلك.

في المنزل، يتم تخصيص مهام يومية للطفل كجزء من مسؤولياته، مثل جمع ألعابه أو ملابسه، أو ترتيب مائدة الطعام، أو المشاركة في الطهي عندما تسمح سنه بذلك.

التربية الإيجابية

يعتمد الآباء في توجيه الأبناء على تعزيز الجوانب الإيجابية بالمدح والتشجيع وتقدير الإنجازات، ويلتزم الآباء بشرح عواقب السلوك السيئ ويلزمون الأطفال بتصحيح هذه العواقب، ويتجنبون العقاب قدر الإمكان، إلا إذا كان الطفل كثير التمرد فيلجؤون هنا لعقاب مثل عدم السماح له بمغادرة المنزل أو ملازمة غرفته.

 

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية


أخبار متعلقة :