أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحقيقًا جديدًا بشأن واردات المعادن الحرجة، تمهيدًا لفرض رسوم جمركية إضافية على القطاع، في خطوة تشير إلى تصاعد جديد في الحرب التجارية العالمية، وفق ما أفادت شبكة "يورونيوز".
تصعيد متبادل مع بكين
يأتي هذا التطور بعد إعلان الصين عن قيود جديدة على صادرات المعادن الحرجة، ما يُعد تصعيدًا كبيرًا في التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وبحسب الوثيقة الرسمية، فإن التحقيق الجديد، الذي تم تدشينه بأمر تنفيذي، يستند إلى المادة 232 من قانون توسيع التجارة لعام 1962، ويهدف إلى "تحديد آثار واردات المعادن الحرجة المعالجة ومشتقاتها على الأمن القومي الأمريكي".
اقرأ أيضاً: بما فيها الصين.. ترامب: اتفاقات الرسوم الجمركية ستُبرم مع كل الدول
والسؤال الآن ما هي "المعادن الحرجة"، ولماذا تستهدفها أمريكا والصين وبالرسوم؟
تعد المعادن الحرجة (Critical Minerals) معادن ضرورية في الصناعات الحديثة والاستراتيجية، لكنها في الوقت نفسه نادرة أو يصعب الحصول عليها، وتُستورد بكميات كبيرة من دول محددة (مثل الصين)، كما قد يؤدي انقطاع سلاسل التوريد الخاصة بها إلى تهديد الأمن الاقتصادي أو القومي للدول الصناعية الكبرى.
الأمن القومي في قلب المعركة
تشمل المعادن المستهدفة عناصر نادرة ومعادن مُعالجة تُستخدم في الصناعات الحيوية، وتُعتبر ضرورية للأمن الاقتصادي والعسكري للولايات المتحدة، مثل الأجهزة الإلكترونية والمعدات الدفاعية.
اقرأ أيضاً: كندا تهدد بـ"رد فوري" على الرسوم الجمركية الأمريكية
سبق لترامب أن استخدم القانون نفسه في فترات سابقة لفرض رسوم بنسبة 25% على واردات الصلب والألومنيوم، ولفتح تحقيقات مشابهة تتعلق بالنحاس.
استهداف الصين عبر سلاسل التوريد
في الشهر الماضي، وقّع ترامب أيضًا أمرًا تنفيذياً لتعزيز الإنتاج المحلي للمعادن الاستراتيجية، عبر تفعيل قانون الإنتاج الدفاعي وتقديم دعم مالي وتقني للقطاع. ويُنظر إلى هذه الإجراءات على أنها موجهة بشكل مباشر إلى الصين التي تهيمن على سلسلة التوريد العالمية لهذه المعادن.
وحسب بيانات البيت الأبيض، تعتمد الولايات المتحدة على استيراد 15 معدنًا أساسيًا، يأتي نحو 70% منها من الصين.
قيود صينية على صادرات المعادن
ردًا على زيادة الرسوم الأمريكية، أعلنت بكين يوم الجمعة الماضي عن فرض قيود على تصدير مجموعة من المعادن الأساسية، أبرزها الجرمانيوم والجاليوم والأنتيمون، في خطوة أثارت مخاوف من نقص الإمدادات عالميًا.
واشنطن أمام فجوة استراتيجية
تُعاني الولايات المتحدة من نقص في البنية التحتية لاستخراج وتكرير المعادن النادرة، إذ تمتلك منجمًا واحدًا فقط لهذه العناصر، ولا تملك مصاهر محلية قادرة على معالجة المواد الخام، ما يجعلها تعتمد بشكل شبه كامل على الواردات الصينية.
الصين تهيمن على السوق العالمي
يشير تقرير صادر عن "تي دي إيكونوميكس" إلى أن الصين تُهيمن على أكثر من نصف إنتاج المعادن الخمسين الأساسية التي حددتها الحكومة الأمريكية في عام 2022. كما تسيطر تقريبًا على 90% من عمليات التكرير والمعالجة الخاصة بالعناصر الأرضية النادرة على مستوى العالم.
ولذلك، فإن أي تحرك أمريكي لفك هذا الاعتماد سيحتاج إلى وقت وجهود كبيرة لتأمين بدائل وتنويع مصادر الإمداد.
المعادن جزء من مفاوضات السلام
في فبراير الماضي أيضاً، طالب ترامب بتوريد معادن نادرة بقيمة 500 مليار دولار من أوكرانيا (ما يعادل 442 مليار يورو) كجزء من مفاوضات السلام، وهي خطوة رأى فيها مراقبون تعزيزًا استراتيجيًا لموقف واشنطن في مواجهة الصين.
الأسواق تتفاعل مع التصعيد
تراجعت أسهم شركات التعدين الكبرى في أستراليا خلال الجلسة الآسيوية، حيث انخفض سهم "بي إتش بي" بنسبة 1.2%، و"ريو تينتو" بنسبة 2.3%، و"فيبارا مينيرالز" بنسبة 2.9%.
وفي قطاع السلع، تراجعت العقود الآجلة لخام الحديد في بورصة سنغافورة بنسبة 0.35%، والعقود الآجلة للنحاس بنسبة 0.91%.
تأثيرات محتملة على المعادن الصناعية
تزامن التراجع في السوق مع تقارير عن قيود أمريكية جديدة على صادرات شركة "إنفيديا" إلى الصين، وهو ما قد يؤدي إلى انخفاض الطلب على المعادن الصناعية مثل النحاس وبعض المواد الأساسية المستخدمة في إنتاج الرقائق الإلكترونية.
ويُتوقع أن تمتد تأثيرات هذا التصعيد إلى الأسواق الأوروبية قريبًا، في ظل اتساع نطاق الحرب التجارية العالمية وتأثيرها على سلاسل التوريد.
أخبار متعلقة :