في بلادٍ صارت الحقيقة فيها تهمة، والصمتُ ذكاء، والكذبُ دهاء…
نقفُ على حافة الحيرة، نُراقبُ المشهد، نُحدّق في الوجوه، ونسأل أنفسنا:
من يحكم؟ من يُخطّط؟ من يُنفّذ؟ ومن يدفع الثمن؟
يُقال إن التغيير قادم… لكنّ القادم كالشبح، بلا ملامح، بلا خطوات، بلا مصداقية.
ويُقال إنّ هناك "إعادة تموضع”، وكأنّنا قطع شطرنج لا تُسأل عمّا تُقاد إليه.
ويُقال إنّ الوطن بخير، بينما هو يتأوّه تحت عباءة التجميل الإعلامي والتخدير السياسي!
نعيش في زمن الغرائب،
حيث يشتهي البعض الوزارة كما يشتهي الطفلُ قطعة حلوى،
ويعتقد آخر أنّه إن قال "أنا جاهز”، فستتدحرج السلطة عند عتبة بابه!
زمنٌ تُدار فيه إشاعات الدولة كما تُدار إشارات السير، يُطلقها من هبّ ودبّ، ويؤمن بها من تعبّ عقله وفَقَدَ البوصلة.
أيها السادة…
الوطن ليس قصاصة خبر، ولا منشوراً ليليّاً على فيسبوك، ولا خيالاً في ذهن مُحبَط.
الوطن عقلٌ يُفكّر، وضميرٌ يستيقظ، وصوتٌ إذا قال صدق، وإذا وعد وفى، وإذا حكم عدل.
كفانا عبثاً بمشاعر الناس، كفانا بيعاً للوهم، كفانا تهافتاً على سرابٍ اسمه "الموقع”.
الوطن لا يُدار بالرغبات، بل بالكفاءات.
ولا يُبنى بالتصفيق، بل بالعرق.
ولا يُنهض بالهتاف، بل بالإنصاف.
المرحلة لا تحتمل المزاح،
ولا وقت للثرثرة،
ولا مكان للمتسلقين.
إن لم نُحسن القول والفعل… فليصمت الجميع.
فالوطن أكبر من كل طموح مريض، وأقدس من كل صفقة خلف الكواليس، وأجمل من أن يُغتَصبَ اسمه في أفواه المتنطعين.
ارفعوا أيديكم عن الوطن…
واتركوا الحلم لمن يستحقه،
والمنصب لمن يفهمه،
والشعب لمن يخاف عليه، لا منه.
الوطن، ليس نكتة، كفى تهريجاً، نحن نراقب .
أخبار متعلقة :