عرب فايف

دبلوماسية السلام - عرب فايف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
دبلوماسية السلام - عرب فايف, اليوم الاثنين 7 أبريل 2025 11:14 مساءً

عشية دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثالث، بلغ التصعيد السياسي والإعلامي بين الطرفين ومن يدعمهما مستويات غير مسبوقة من الحدة، لم يعرفها عالمنا في أوج التوتر أثناء الحرب الباردة، بين قوى المعسكرين الشرقي والغربي، وبدأت تلوح في سماء العلاقات الدولية نذر الحرب العالمية الثالثة، حتى أن البعض من الساسة والأوساط الإعلامية ومراكز الأبحاث من كلا الطرفين، لم تعد تخفي هذه الاحتمالية، خاصة مع الحديث عن التغيير في العقائد النووية لكلا الطرفين.

كانت آثار وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ترخي بظلالها على العالم سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وأصبح استمرارها يحمل في طياته تهديدات على الواقع السياسي والاقتصادي، ليس فقط في الدول المنخرطة في هذا النزاع، وإنما يمتد على الكثير من دول العالم، فالتوتر والتصعيد في حدة الخطاب السياسي أصبح سيد الموقف، وبدأنا نسمع في التراشق السياسي والإعلامي عبارات وأوصاف توحي بوصول النزاع إلى حدود من الخطورة، تهدد بتفجير العالم برمته. أما التداعيات الاقتصادية جراء التكاليف الباهظة للحرب، وارتفاع الأسعار للمواد والخدمات فقد أصبحت تضغط على السياسات الاقتصادية والمالية لتلك الدول، وضاعفت من مصاعب ومعاناة الدول محدودة الإمكانات، وأصبحت تنذر بارتدادات اجتماعية وسياسية في الكثير من دول العالم.

أمام هذا الواقع الخطير، ونتيجة لانقطاع خطوط التواصل بين الأطراف المتصارعة، كان لا بد من دخول أطراف أخرى في محاولة لضبط هذا التدهور الكبير الذي يشهده العالم والحد من مخاطره، ولكن وبالنظر لحالة الاستقطاب الشديد على الساحة الدولية فإن الأطراف التي يمكن أن تقوم بهذا الدور محدودة للغاية، والكثير منها يخشى مقاربة هذا الموضوع، في محاولة لتجنب الاتهام بغايات هذا التدخل، أو تسجيل فشل كان بمنأى عنه؛ لأنه عندما يغيب العقل أمام جموح الغرائز، فكل شي يصبح ممكناً.

وفي الحقيقة، وأمام صراعات مثل الذي نشهده، والذي نحن بصدده، فإن العالم بحاجة إلى طرف وازن على الساحة الدولية، يتمتع بالمصداقية ليس لدى الأطراف المتصارعة فحسب، وإنما لدى جميع الدول ويحظى بالاحترام لقيادة المساعي والمبادرات؛ لإخماد لهيب الحرب والوصول إلى تسويةٍ تجنّب العالم ما لا تحمد عقباه.

منذ اندلاع شرارة الحرب الروسية الأوكرانية، أدركت الدبلوماسية السعودية مخاطر هذا الصراع وآثاره، التي تتوسع يوماً بعد يوم، وتهدد بشكل جدي السلم والاستقرار الدوليين؛ لذا عملت المملكة منذ البداية على حصر ساحة المواجهة، والتواصل بشكل كثيف مع روسيا وأوكرانيا والدول المعنية بالنزاع، من أجل التوصل إلى التهدئة وحل الخلاف عبر الحوار والدبلوماسية.

كما قامت المملكة وفي إطار الدبلوماسية الإنسانية التي تنتهجها، بتقديم المساعدات للدول المتضررة من هذا النزاع، بما فيها الدول المنخرطة فيه، وكذلك نجحت جهودها في تبادل أسرى الحرب بين الطرفين المتنازعين.

هذه الجهود والمبادرات النشطة والهادئة للدبلوماسية السعودية، تكللت باستضافة المملكة المحادثات الروسية الأمريكية في الرياض، بين وزيري خارجيتي البلدين برعاية سمو الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية، وكذلك اللقاء الأمريكي الأوكراني بعد المؤتمر الصحفي العاصف في البيت الأبيض، الأمر الذي أشاع أجواء من التفاؤل والأمل، بإمكانية التوصل إلى وضع نهاية لهذه الحرب وصون السلم والأمن الدوليين، وإعادة انتظام العلاقات الدولية مع القمة الروسية الأمريكية المرتقبة في الرياض.

ولم تقتصر الجهود والمبادرات الدبلوماسية السعودية على الأزمة الروسية الأوكرانية، بل نراها حاضرة في مختلف النزاعات والأزمات الكبيرة التي يشهدها عالمنا، بهدف خفض التوترات وإيجاد حلول سلمية، تحفظ السلم والاستقرار في العالم، وإن المبادرات الدبلوماسية للمملكة في سورية ولبنان والسودان، وكذلك تشكيل التحالف الدولي لدعم حل الدولتين لتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوق المشروعة، وغيرها من المبادرات، تؤكد على أن السلام في العالم هو أحد أهم مقاصد السياسة الخارجية السعودية.

إن الإنجازات الدبلوماسية التي تحققها المملكة تؤكد ثقة المجتمع الدولي بدورها المهم والفاعل في توطيد الأمن والاستقرار في العالم، وتعكس مكانتها المحورية في إحلال السلام، وحل الخلافات والنزاعات عبر منطق الحوار وبوابة الدبلوماسية، وإن أهم ما يميز السياسة الخارجية السعودية هو التأكيد على أهمية الدبلوماسية والتعاون الدولي لحل الأزمات.

يجدر التنويه هنا إلى أن اختيار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب المملكة العربية السعودية كأول مقصد في زياراته الخارجية في ولايته الرئاسية الجديدة، تأكيد على مكانة المملكة ودورها المحوري على الساحة الدولية.

لقد استطاعت المملكة تبوؤ هذه المكانة البارزة على الساحة الدولية؛ نتيجة للسياسة الخارجية التي اتبعتها في تنويع وتوسيع شبكة علاقاتها الدولية، وإقامة علاقات حسنة مع مختلف دول العالم، والتأكيد على تعزيز التعاون الدولي لتحقيق الاستقرار والسلم في العالم، الذي يشكل الركيزة الأساس للتنمية والرخاء، وهذه المبادئ تشكل جوهر السياسة الخارجية السعودية في الرؤية المتنورة لقيادة المملكة، ومن الإنصاف القول إنه مع قرب طي صفحة الحرب الروسية الأوكرانية، وما كانت تشكله من مخاطر على السلم والأمن الدوليين، فإن العالم مدين لمملكة السلام وقبلته، بما هو أكثر من جائزة نوبل، وهذا العالم لا يزال يتطلع إلى المملكة لإخماد النزاعات والتوترات، وإشاعة أجواء الانفراج، لأن المملكة أصبحت تمثل، عن جدارة واستحقاق، بوصلة السلام العالمي.

أخبار ذات صلة

 

أخبار متعلقة :