عرب فايف

أتشيربي عاد من الموت مرتين وأنقذ الإنتر - عرب فايف

الاقتراب من الموت، تجربة قد تهز أي إنسان، ما بالك عندما يتكرر الأمر مرتين، سيكون مدمرًا بلا شك، ولكن الانهيار ليس في قاموس الإيطالي فرانشيسكو أتشيربي، مدافع فريق إنتر ميلان الأول لكرة القدم، الذي يوشك دخول عامه الـ38.
في ليلة سان سيرو التاريخية، كانت النتيجة النهائية هي فوز اللاعب الأكبر سنًا في الملعب، بعد أن تحوَّل من قلب دفاع إلى رأس حربة وسجَّل هدفًا لا يسجله كبار المهاجمين من وضعية شبه مستحيلة.
ولجعل النهاية أكثر إثارة وتميزًا، سجَّل اللاعب الذي يبلغ طوله 6 أقدام و4 بوصات ويستخدم قدمه اليسرى، هدفًا بقدمه اليمنى.
والمثير للدهشة أن هذا كان هدفه الأول في مسيرته على مستوى كرة القدم الأوروبية في ظهوره رقم 66 في دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي، بيد أن فرحة فرانشيسكو أتشيربي الكبيرة، التي تخللتها بطاقة صفراء، لم تكن فرحة مجرد هدف أو عودة، أو حتى بلوغ النهائي الأكبر، كانت فرحة بالحياة، بشيء يعرف قيمته من كاد أن يفقده.
تصدر عناوين الصحف لأسباب وجيهة، لقد أعاد أتشيربي الإنتر من الموت، تمامًا كما عاد هو قبل 12 عامًا، وقاده إلى النهائي الكبير.
تعج الشبكة العنكبوتية بالكثير من قصص الكفاح والصمود، لكن صورة المدافع المخضرم الذي يحمل ندوب المعارك والذي لا يعرف كيف يحتفل بلحظته السحرية سوى بالقفز على ركبتيه بمرح تشكل قصة مضطربة حقًا لكرة القدم مع علامات التعجب الأكثر تأكيدًا.
اختبر أتشيربي، المولود في 10 فبراير 1988 في فيزولو بريدابيسي، القريبة من ميلانو، وجع السرطان ليس لمرة واحدة، ولكن لمرتين، قبلها حارب الاكتئاب والإدمان، ثلاثي كان سيدمر أي لاعب آخر، ولكن ليس ابن ميلان.
لم تكن مسيرة أتشيربي مفروشة بالورد أو حتى لافتة للنظر في البداية، ولا يصنف مع أعظم المدافعين الإيطاليين مع أمثال باولو مالديني، وفابيو كانافارو، أو حتى ليوناردو بونوتشي، وجورجيو كيليني انطلقت مسيرته في العام الذي تُوِّجت فيه إيطاليا بكأس العالم 2006، مع نادي بافيا الناشط في دوري الدرجة الثالثة الإيطالي، تنقل في فترة وجيزة بين ريناتي، وسبيزيا وريجينا وكييفو، ومع أيه سي ميلان، ثم إلى جنوى ومنه إلى ساسولو ثم لاتسيو.
واجه أتشيربي الكثير من التحديات، ولكن على الرغم من مسيرته المتعثرة، كانت التحديات الأصعب خارج الملعب، توفي والده خلال الفترة القصيرة التي قضاها في ميلان، قاده ذلك إلى الإصابة باكتئاب دفعه إلى إدمان الكحول لتخدير الألم والمعاناة، بيد أن الصدمة الأكبر كانت في الطريق، بعد أقل من ثمانية أشهر، تم تشخيصه بسرطان الخصية.
خضع على الفور لعملية جراحية لإزالة الورم، ولكن بعد عودته إلى التدريب والمنافسة، فشل في اجتياز اختبار الكشف عن المنشطات.
ونفى أتشيربي تناول أي عقاقير محظورة لتعزيز الأداء، حسنًا لم يفعل ذلك وبسبب عدم انتظام مستويات الهرمون كانت عودة السرطان مرة أخرى صدمة أخرى هزت المدافع الصلب، خضع فورًا للعلاج الكيميائي لمدة شهرين في بداية عام 2014، قبل أن يتعافى منه.
وفاة شخص قريب، الإدمان، الاكتئاب، السرطان، رباعي مدمر، بيد أن أتشيربي ينظر دائمًا للنصف الممتلئ من الكأس، يعتقد أن السرطان كان جرس إنذار له، وأخرجه من أزمة الكحول والاكتئاب، يقول: «وصلت إلى الحضيض كأنني نسيتُ كيف ألعب، أو لماذا ألعب، بدأتُ أشرب، وصدقوني، كنتُ أشرب أي شيء».
الحرب مع السرطان جعلته أكثر صلابة، قد يكون الأمر مروعًا، ولكن عند ابن بريدابيسي كان حبل نجاة لمسيرته التي لم تكن بدأت بعد، يتذكر توقفت عن الشعور بالخوف كنت أفكر في نفسي: «ماذا ستفعل إذا عادت؟ فأجبت: سأوجهها مرة أخرى».
تغيَّرت نظرة أتشيربي للحياة، عاد أكثر قوة، وبشخصية مختلفة تمامًا عما كانت، لم يعد يعرف الشعور بالندم، ولا مكان للحزن، بدأ يفكر بطريقة مختلفة، وبأهداف بسيطة.
كانت عودة أتشيربي إلى قمة كرة القدم بعد تشخيص إصابته بالسرطان إنجازًا رائعًا، فإن ما تلا ذلك تجاوز حدود التصديق.
قبل عام 2018، لم يكن في رصيد أتشيربي إلا مباراتين دوليتين، روبرتو مانشيني غيَّر ذلك وضمه إلى التشكيلة التي أعادت إيطاليا إلى زعامة أوروبا مجددًا عام 2020، كان هو مَن صنع هدف الفوز في الوقت الإضافي ضد النمسا في دور الـ 16، بعد ثلاثة أعوام فقط تم إبعاده عن المنتخب لأسباب غير فنية.
في 2022 انتقل إلى الإنتر، هناك التقى مجددًا بسيموني إنزاجي، مدرب لاتسيو السابق، ليصبح الإنتر النادي العاشر في مسيرته، في عامه الثاني سجَّل أتشيربي هدفًا مهمًا برأسه ضد غريمه اللدود إيه سي ميلان في أبريل 2024، وساعد ذلك فريقه على الفوز 2ـ1، ليؤكد لقبه بطلًا للدوري الإيطالي للمرة العشرين.
مع الإنتر، لم يعد أتشيربي مجرد لاعب كرة قدم، بات قصة كفاح وإلهام، ودليلًا حيًّا على أن الإيمان بالنفس يصنع المعجزات.
الآن، بعمر الـ 38، أتشيربي يحقق حلمه، وسيلعب نهائي دوري أبطال أوروبا، وقد يفوز به.
وبكونه أحد الناجين من السرطان مرتين، يشعر أتشيربي براحة أكبر في جناح المستشفى مقارنة بأغلب الناس. لم يعد «يخشى» فكرة عودة السرطان، إلا أنه يدرك أن السرطان عالم «لا يغادره المرء أبدًا»، ولا يزال منتبهًا لصحته النفسية، ويجري مكالمات فيديو أسبوعية مع محلل نفسي في مودينا، مواصلًا روتينه الذي بدأه خلال فترة وجوده في ساسولو.
على الرغم من خطورة مشاكله الصحية السابقة، يُعرف أتشيربي بحبه للمزاح، إذ يستخدم حسابه على إنستجرام لتوثيق مقالبه مع زملائه وللسخرية من نفسه، يظهر كشخص «متفائل» و«منفتح» و«محبوب للغاية»، ودائمًا ما يجد وقتًا للتحدث مع الجماهير.


قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار الرياضية فى هذا المقال : أتشيربي عاد من الموت مرتين وأنقذ الإنتر - عرب فايف, اليوم الخميس 8 مايو 2025 04:43 مساءً

أخبار متعلقة :