أكد مديرو مدارس ومعلمون وتربويون، ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة من أجل مواجهة الغياب المتكرر للطلبة، خصوصاً أيام الجمعة، وعقب الإجازات، أبرزها إجراء اختبارات مفاجئة وتعديل لائحة السلوك، لاسيما مع بدء الفصل الدراسي الثالث الذي يعد المحطة الأخيرة في العام الأكاديمي 2024-2025.
وأكد طلاب أن مستوى الدافعية للدراسة أيام الجمعة وعقب الإجازات متدنٍّ للغاية، إذ يخيم الملل على معظم المتعلمين، بينما ألقى ذوو طلبة باللوم على المدارس بدعوى أنها لا توفر بيئة جاذبة ومحفزة للأبناء، فضلاً عن افتقارها لمهارات السيطرة على رغبات أبنائهم، فيما يرى معلمون أن الغياب الطلابي «عدم انضباط حقيقي» يعوق عمل المعلم.
وأكد خبراء تربويون لـ«الإمارات اليوم» أن الالتزام المدرسي ليس مجرد مسؤولية، بل ثقافة تُزرع في الأجيال لضمان مستقبل تعليمي أكثر استقراراً وإنتاجية، مقدمين «وصفة علاجية» للظاهرة تضم 10 توصيات لتعزيز الحضور المدرسي، أبرزها تفعيل العقوبات وفرض إجراءات صارمة على الغياب.
واستحدثت وزارة التربية والتعليم إجراءات جديدة لضبط الحضور الطلابي، إذ وجهت برصد الغياب ثماني مرات يومياً، حصة تلو أخرى.
روتين تقليدي
وتفصيلاً، برر الطالب خالد السباعي تغيبه بعد الإجازة وأيام الجمعة، بأن غياب زملائه يجعل الحضور بلا جدوى، فيما رأى ماجد الزعبي أن قلة الحاضرين تُضعف حماسته، خصوصاً مع تأجيل المعلمين للشرح انتظاراً للمتغيبين، أما عمر بدري فاعتبر العودة «جامدة ومملة» بسبب غياب الأنشطة، واستمرار الروتين التقليدي دون أي تجديد.
استهانة الطلبة
وعبّر أولياء أمور الطلبة: مهرة سالم، وسعيد معروف، وسامح عبدالله، عن قلقهم من انتشار ظاهرة الغياب أيام الجمعة وبعد الإجازات، حيث يستهين بعض الطلبة بالحضور نتيجة غياب العقوبات الفعالة وقلة مسؤولية الأهل، ويرى آخرون منهم عبدالله الشيخ، وسميرة حسين، وعلياء موسى، أن الإرهاق بعد العطلات ونقص الأنشطة المحفزة يقللان حماسة الطلبة للعودة إلى الدراسة، وأكدوا أن الحل يتجاوز العقوبات ليشمل جذب الطلاب، من خلال تنظيم أنشطة صباحية ممتعة في الأيام التي تلي الإجازات.
مأزق حقيقي
وأكد معلمون أن الغياب الطلابي بمثابة عدم انضباط حقيقي يعيق العملية التعليمية، ويرى معلم الرياضيات، عمرو منجد، أن تراكم الدروس الناتج عن الغياب يصعّب على الطلبة متابعة المقرر، ما يؤدي إلى ضعف الأداء الأكاديمي، وزيادة الضغط على المعلمين لإعادة شرح الدروس.
وأشارت المعلمة ليلى الناصر إلى أن الغياب المتكرر يخلق بيئة غير منضبطة، حيث يعتاد الطلاب على التهاون بالحضور، ما يؤثر سلباً في سلوكياتهم، بينما أفاد معلم اللغة الإنجليزية، سهيل عرفة، بأن إعادة شرح الدروس للمتغيبين تستهلك وقت الحصة، ما يؤثر في الطلاب المنتظمين الراغبين في التقدم. وأكد المعلمون ضرورة تعميق دور أولياء الأمور لترسيخ قيمة الالتزام، حيث تهتم العديد من العائلات فقط عند تأثير الغياب في درجات أبنائهم.
4 وسائل تربوية
وأكد مدير مدرسة في دبي، خالد عبدالحميد، أن ظاهرة الغياب تؤثر سلباً في سير العملية التعليمية، حيث يتسبب تأخر الطلبة في استئناف الدراسة في تعطيل الخطط التعليمية. وترى مساعد مدير إحدى المدارس الخاصة، فاتن سعيد، أنه من الضروري تحديث لائحة السلوك لتشمل إجراءات أكثر صرامة، مثل ربط الغياب بالحوافز المدرسية، أو فرض خصومات على بعض الامتيازات، حتى يدرك الطلبة أن الغياب ليس خياراً سهلاً. وأشار مديرو المدارس إلى اتباعهم أربع وسائل تربوية لمواجهة الغياب الطلابي وهي: تحديث لائحة السلوك، وإجراء اختبارات مفاجئة، والتواصل المستمر مع ذوي الطلبة، وتوعية الطالب وولي الأمر.
أبعاد الظاهرة
وفي ردها على سؤال لـ«الإمارات اليوم» عن أسباب تغيب الطلاب أيام الجمعة وعقب الإجازات الرسمية، أكدت الخبيرة التربوية الدكتورة منى جابر، أن هناك أسباب رئيسة، أبرزها التعود على نمط حياة الإجازات الذي يمكّن الطالب من فترة راحة من الدوام المدرسي، ما يجعل العودة إلى المدرسة أمراً صعباً، لاسيما مع اعتياده على النوم لساعات متأخرة وانحصار اهتمامه في الترفيه.
وقالت: «غياب الرقابة الأسرية على التزام الأبناء بالدوام يشجع الطلاب على التغيب، حيث يعتبر بعض أولياء الأمور أن الأيام التي تلي الإجازات غير مهمة، ولا تؤثر في تحصيل أبنائهم».
إجراءات صارمة
وأضافت: «عدم وجود إجراءات صارمة لمواجهة الغياب، يزيد تفشي الظاهرة».
وأشارت إلى عدم وعي الأهل، إذ إن معظم العائلات تتعامل مع الأيام التي تلي الإجازات وكأنها امتداد للإجازة، فتسمح لأبنائها بالتغيب دون إدراك تأثير ذلك في مستواهم الدراسي، ما يجعل الغياب يبدو طبيعياً وغير مرفوض».
اعتقادات خاطئة
وأفادت بأن هناك اعتقادات خاطئة لدى الطلبة مفادها أن اليوم الذي يلي الإجازة يكون خالياً من الدروس المهمة أو الاختبارات، ما يجعلهم يتغيبون عنه دون قلق من تأثيره في تحصيلهم الدراسي.
وقالت إن معظم الطلبة وذويهم لم يتحرروا من فكرة أن يوم الجمعة ليس عطلة أسبوعية، بل دوام رسمي ينبغي الالتزام به، ما يجعلهم يتعاملون معه على أنه غير ضروري للحضور، خصوصاً إذا لم تكن هناك اختبارات أو أنشطة مهمة.
وصفة علاجية
وقدّمت المستشارة الأسرية الاجتماعية، أميمة حسين، وصفة علاجية لتلك الظاهرة، تضمنت 10 توصيات أبرزها تفعيل العقوبات، وفرض إجراءات صارمة على الغياب غير المبرر، وإطلاق حملات توعوية على مدار العام، لتعزيز الوعي بأهمية الحضور المدرسي، وتفعيل دور الأسرة عبر إشعارات إلكترونية وتقارير دورية، وتنظيم أنشطة تفاعلية ومسابقات تحفيزية لجذب الطلاب بعد الإجازات.
الحضور والمكافآت
وأكدت ضرورة ربط الحضور بالمكافآت، وتقديم حوافز للطلاب الملتزمين بالحضور، ووضع اختبارات قصيرة أو أنشطة أكاديمية في الأيام التي تكثر فيها حالات الغياب، وجعل المدرسة بيئة جاذبة، من خلال تطوير المرافق وإدخال أساليب تدريس حديثة، وشددت على أهمية تخصيص فرق إرشاد طلابي لمتابعة الطلاب المتغيبين باستمرار والتواصل مع أسرهم، وبحث أسباب الغياب، فضلاً عن إعادة تهيئة الطلبة نفسياً عبر حصص ترفيهية خفيفة، دون الضغط الأكاديمي المفاجئ، وغرس قيم الانضباط والالتزام لديهم، عبر برامج تربوية ومبادرات مدرسية مستدامة.
ظاهرة متفشية.. الإناث الأكثر انضباطاً
أكد تربويون أن الغياب أيام الجمعة وبعد الإجازات ظاهرة متفشية بين الذكور، في حين تتميز الطالبات بقدر أكبر من الانضباط والالتزام، حيث يحرصن على الحضور والتفاعل المستمر مع البيئة المدرسية.
مخالفات الدرجة الثانية
أكد مديرو مدارس أن الغياب غير المبرر في أي وقت، بما في ذلك قبل الإجازات وبعدها، وأيام العطل ونهاية الأسبوع، وقبيل الاختبارات، يُصنّف ضمن مخالفات الدرجة الثانية (2.1)، ويترتب عليه خصم أربع درجات من السلوك، تتضاعف إلى ثماني درجات في حال التكرار.
أولياء أمور:
. نقترح تنظيم أنشطة صباحية ممتعة في الأيام التي تلي الإجازات، لتحفيز الطلبة على العودة إلى الدراسة.
طلبة:
. العودة بعد الإجازة مملة، وقلّة الحضور الطلابي تضعف الحماس.
أخبار متعلقة :