عرب فايف

تراجع الدولار يعيد إحياء آمال صعود اليورو في الأسواق العالمية - عرب فايف

مع معاناة الدولار الأميركي، هل ستكون هذه هي لحظة اليورو؟ حيث تحدّث كل من رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، ورئيس مجموعة اليورو، باسكال دونوهو، في «يوروغروب»، وهو منتدى لوزراء مالية منطقة اليورو، عن سبل تعزيز الدور الدولي للعملة الأوروبية.

ووفقاً لمحللين، الجواب هو: لن يحل اليورو محل الدولار، لكنه قد يؤدي وظيفة متزايدة الأهمية ويعيد إحياء آماله في الصعود بالأسواق العالمية، وإذا اغتنم صانعو السياسات هذه الفرصة، فقد تصبّ التحولات التاريخية المحتملة في النظام المالي العالمي في مصلحة أوروبا.

منذ نشأته عام 1999، ظل اليورو منافساً قوياً على مكانته العالمية، وفي الفترة التي سبقت الأزمة المالية بين عامي 2007 و2009، كان المسؤولون الأوروبيون يأملون أن ينافس اليورو، العملة الأميركية مع مرور الوقت.

ثم جاءت أزمة اليورو في العقد الثاني من القرن الـ21، ولم يكن البنك المركزي الأوروبي مهيأ ليكون الملاذ الأخير، ما جعل السندات الحكومية عُرضة لخطر التهافت على السحوبات.

الديون السيادية

وكان النظام المصرفي الأوروبي منقسماً على أسس وطنية، وعرضة لدوائر مدمرة تربط الديون السيادية المُتزعزعة بالمؤسسات المالية الأكثر هشاشة، وكانت أسواق رأس المال أصغر من أن تُعوض عن مثل هذه المخاطر، ولم تُوفر منطقة اليورو سوى القليل من الأصول الآمنة للراغبين في إيداع أموالهم، حيث كان مُصدرو السندات إما مُبذرين للغاية (في حالة ألمانيا) أو يفتقرون إلى المصداقية (في حالة إيطاليا وإسبانيا).

كما كان الدين المُشترك، الذي تدعمه الكتلة الأوروبية بأكملها، بالكاد موجوداً، ثم أجبرت آفاق النمو الاقتصادي المُتشائمة العوائد قصيرة وطويلة الأجل على الانخفاض إلى ما دون الصفر، ومع انخفاض عوائد الأصول الأوروبية، كان هناك طلب ضئيل على اليورو، ولم يكن للعملة أي دور عالمي.

ويحتل اليورو اليوم مكانة قوية، وإن كانت بعيدة، في المرتبة الثانية بعد الدولار، إذ يُشكل خُمس احتياطات البنوك المركزية العالمية مقابل ثلاثة أخماس الدولار، مع أرقام مماثلة لإصدارات السندات بالعملات الأجنبية.

بنية مالية أكثر أماناً

وعلى مدار العقد الماضي، ومع تنويع العالم تدريجياً بعيداً عن الدولار، واجه اليورو صعوبة في اكتساب زخم، ومع ذلك يعتقد بعض المسؤولين الأوروبيين الآن أن هذا الوضع قد يتغير، لأربعة أسباب.

السبب الأول، هو أن البنية المالية لمنطقة اليورو أصبحت أكثر أماناً، فقد برز البنك المركزي الأوروبي كمُقرض أخير في كل شيء، باستثناء الاسم، وهي عملية بدأت استجابة لأزمة اليورو في عهد رئيس البنك المركزي آنذاك، ماريو دراغي، وخلال جائحة «كوفيد-19»، أنشأ البنك برنامجاً لشراء السندات بميزانية تزيد على 1.8 تريليون يورو (نحو 2.1 تريليون دولار).

وعندما اتسعت العائدات على السندات السيادية بسرعة غير مريحة وسط التضخم في عام 2022، أنشأ صناع السياسات مخططاً غير محدود لشراء السندات لمنع مثل هذه الفروق من الانفجار في المستقبل.

ولاحظ المستثمرون أيضاً أن الاتحاد الأوروبي سيدعم الحكومات المتعثرة، وسيفعل ذلك بسخاء، وخلال الجائحة، وضع الاتحاد خطة إنعاش بقيمة 807 مليارات يورو، ممولة من ديون الاتحاد الأوروبي المشتركة، لمساعدة الدول المتخلفة عن السداد.

وأصبح البنك المركزي الأوروبي الآن الجهة المشرفة على أكبر 114 بنكاً في أوروبا، والتي تمتلك مجتمعة 82% من إجمالي الأصول المصرفية في القارة.

سهولة الاستثمار

علاوة على ذلك، أصبح الاستثمار في أوروبا أكثر سهولةً ويسراً، وهو سبب ثانٍ للتفاؤل، فقد أنشأ صندوق التعافي الأوروبي من الجائحة الكثير من الديون المشتركة، وبالتالي تمثل أصولاً آمنة أوروبية أصيلة، حتى إن ألمانيا على وشك البدء في إنفاق مبالغ طائلة، وسط إفراط في الإنفاق الدفاعي على مستوى القارة، بتمويل من العجز، والذي يعتقد المسؤولون أنه من المتوقع أن يرتفع من 2% إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي في السنوات المقبلة.

مؤسسات أكثر جاذبية

أمّا السبب الثالث فهو أن مؤسسات أوروبا تبدو الآن أكثر جاذبية، على الأقل بالمقارنة مع المؤسسات الأميركية، فالأحزاب اليمينية المتشددة قوية وتكتسب أرضية في دول مثل ألمانيا وفرنسا، أحدها بالسلطة في إيطاليا. وفي الوقت نفسه، يُعد اليورو العملة الموحدة لـ20 دولة ذات سيادة، ويشرف عليه بنك مركزي مستقل تماماً.

وسيجد الأعضاء صعوبة في الاتفاق على أي تغيير في كيفية إدارة العملة، فضلاً عن التغيير اللازم لاستغلالها لتحقيق مكاسب جيوسياسية.

كما تتطلب العقوبات المفروضة على دول أوروبية موافقة جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي الـ27، فسيادة القانون جوهرية في كل جانب من جوانب الاتحاد الأوروبي، وضوابط وتوازنات التكتل ليست موضع شك. كما أن الإجماع الواسع، الذي تشكل على مدى عقود من التسويات والمصالحة، على أن يكون الاتحاد الأوروبي منفتحاً قدر الإمكان على التجارة والاستثمار الأجنبي، ليس موضع شك. لقد أنشأ البنك المركزي الأوروبي إطاراً لتوفير سيولة اليورو للدول غير الأعضاء في منطقة اليورو، وهو ما قد يكون أكثر جاذبية للدول المتضررة من الأزمات من خطوط المبادلة التي يقدمها الاحتياطي الفيدرالي، إذا استمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب على نهجه الحالي.

 

حالة التجارة الدولية

ثم هناك السبب الأخير للتفاؤل، والمتمثل في حالة التجارة الدولية، فمع توقيف أميركا لمساهماتها في منظمة التجارة العالمية، ستلعب أوروبا دوراً أكثر أهمية، حيث ستُنشئ السلع والخدمات المقيّمة باليورو أسواقاً فرعية بالعملة، بما في ذلك في تمويل التجارة، والتأمين، ومشتقات التحوط لأسعار الفائدة والعملات. ورغم أن الدولار لايزال يهيمن على مشتقات العملات المتداولة خارج البورصة، فإن مشتقات أسعار الفائدة باليورو قد تجاوزت أخيراً نظيراتها بالعملة الأميركية. كما ستؤدي الروابط التجارية الجديدة إلى إنشاء حسابات ائتمان وإيداع باليورو حول العالم، ما سيخلق بدوره طلباً على أصول اليورو، وفي نهاية المطاف، على احتياطات البنوك المركزية باليورو، إذ يتعين على أي مُقرض، كملاذ أخير، تخزين العملات التي تحتفظ بها المؤسسات المالية المحلية. عن: «الإيكونوميست»

. في الفترة التي سبقت الأزمة المالية كان المسؤولون الأوروبيون يأملون أن ينافس اليورو العملة الأميركية مع مرور الوقت.

. مع توقيف أميركا لمساهماتها في منظمة التجارة العالمية، ستلعب أوروبا دوراً أكثر أهمية.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

Share
فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

أخبار متعلقة :