عرب فايف

الحريري يؤجّل عودته إلى السياسة... أين ذهبت "وعود" 14 شباط؟! - عرب فايف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الحريري يؤجّل عودته إلى السياسة... أين ذهبت "وعود" 14 شباط؟! - عرب فايف, اليوم الخميس 24 أبريل 2025 07:39 صباحاً

في الرابع عشر من شباط الماضي، أطلّ رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري على جمهوره في مهرجانٍ شعبيّ كان الأول من نوعه منذ سنوات، وحمل شعار "بالعشرين عالساحة راجعين"، ليَعِد بالعودة إلى السياسة، وبالتالي كسر قرار تعليق العمل السياسي. حينها لم يكتفِ بترداد مقولة "كل شي بوقتو حلو" التي تحتمل الأخذ والردّ، لكنّه ذهب بعد من ذلك، حين خاطب الجماهير بالقول إنّ التيار "سيكون صوتكم في كل الاستحقاقات الوطنية وبكل المحطات الآتية".

ومع بدء العدّ العكسي لأوّل هذه الاستحقاقات، أي الانتخابات البلدية والاختيارية، اتّجهت الأنظار لموقف "المستقبل"، بعد حالة من "عدم اليقين" استمرّت لأسابيع طويلة، قبل أن يحسم الحريري الموقف بإعلان "المقاطعة"، ترشيحًا وتأييدًا، عازيًا ذلك إلى ما سمّاه "الطابع العائلي والإنمائي" لهذه الانتخابات، التي اعتبرها "أهلية إنمائية غير سياسية"، على الرغم من أنّ تياره لطالما كان "رأس حربة" في هذا النوع من الاستحقاقات، خصوصًا في العاصمة بيروت.

وبالفعل، خصّ الحريري العاصمة بحيّز من قراره، حين أكّد أنّه يشمل الانتخابات فيها، وحذّر من أيّ محاولة من أيّ طرف في العاصمة بأن ينصّب نفسه متحدّثًا باسم تيار "المستقبل" أو وصيًا على جماهيره، موجّهًا سهام انتقاداته في هذا السياق إلى ما وصفه بـ"الوضع الإداري الذي لا سيطرة له عليه"، نتيجة وجود الصلاحيات في يد المحافظ المعيّن لا المجلس المُنتخَب، فضلاً عن التحالفات الانتخابية "الهجينة".

وأبعد من استحقاق الانتخابات البلدية الذي يغيب عنه الحريري، كما غاب عن غيره، يسجّل كثيرون أنّ زيارة الحريري إلى بيروت في ذكرى 14 شباط، لم تُستتبَع كما كان متوقَّعًا بحركة حقيقية لتيّاره، أو بإقامة في بيروت، ولو لم تكن "ثابتة"، فهل يعني ذلك أنّ "وعود" 14 شباط بالعودة ذهبت مع الريح، وأنّ الحريري اصطدم بـ"فيتوات" تبيّن له أنه غير قادر على تخطّيها خلافًا لما اعتقد، أم أنّ "الفرصة المناسبة" للعودة لم تَحِن بعد بكلّ بساطة؟!.

تتفاوت وجهات النظر في هذا الإطار، ولو تقاطعت على أنّ قرار الحريري بعدم المشاركة في الانتخابات البلدية لم يكن مفاجئًا عمليًا، إذ إنّ العديد من المؤشّرات مهّدت له في الآونة الأخيرة، فهناك من يعتبر أنّ "المستقبل" كان يعتقد أنّ هذا الاستحقاق محكوم بالتأجيل، وأنّ الحريري حين تحدّث عن حضور "التيار" في كلّ الاستحقاقات الوطنية، كان يشير إلى استحقاق الانتخابات النيابية المقرّرة العام المقبل تحديدًا، بوصفه "البوابة المثالية" للعودة إلى السياسة.

فصحيح أنّ الانتخابات البلدية والاختيارية لها أبعاد سياسية لا يمكن القفز فوقها، خصوصًا في العاصمة بيروت، حيث تستقطب التحالفات اهتمام القوى السياسية، إلا أنّ الطابع الذي يطغى عليها وفق ما يقول العارفون يبقى محليًا، حيث تتداخل العوامل الأهلية والعائلية والإنمائية، حتى إنّها تتفوّق على الجوانب السياسية، ولو كانت حاضرة، بدليل الاستنفار الذي تبديه الأحزاب السياسية في التعامل مع هذا الاستحقاق على الدوام.

وعلى الرغم من أنّ التحضيرات لهذه الانتخابات بدأت قبل فترة، وكان عدد من المحسوبين على تيار "المستقبل" على خطّها، خصوصًا في ضوء الاتصالات السياسية المكثّفة من أجل تشكيل لائحة جامعة، تضمن الحفاظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، إلا أنّ العارفين يشيرون إلى أنّ "المستقبل" الذي أعلن قبل شهرين فقط نيّته العودة إلى السياسة، لم يكن جاهزًا بعد لخوض استحقاق بحجم الانتخابات البلدية، وهو ما يتطلّب حضورًا مسبقًا بطبيعة الحال.

من هنا، يقول هؤلاء إنّ قرار المقاطعة كان متوقَّعًا، لأنّ "المستقبل" يريد أن تكون عودته إلى السياسة من باب الانتخابات النيابية، التي لا يخفى طابعها السياسيّ، وهو يعتبر أنّ المهرجان الذي نظّمه في 14 شباط كان بمثابة "استعراض قوة"، يريد استكمالها في الانتخابات النيابية العام المقبل، بعد أن يكون قد مهّد لذلك خلال الأشهر المقبلة، بوتيرة تدريجية، وفق مبدأ "كل شي بوقتو حلو" الذي كرّره الحريري في خطابه حينها.

لكن، في مقابل هذا الرأي، ثمّة من يشير إلى أنّ "المقاطعة" لها خلفيّاتها السياسية، لا المحلية، خصوصًا أنّ الاتجاه لدى التيار "الأزرق" كان يميل إلى المشاركة في الاستحقاق، ولو بالحدّ الأدنى، وربما بشكل محصور في العاصمة بيروت، من باب "إثبات الحضور"، علمًا أنّ "جسّ النبض" كان قد بدأ لذلك، مع حضور بعض المحسوبين على التيّار في الاجتماعات التحضيرية والتنسيقية، قبل أن يعلن الحريري قراره.

ويشير العارفون في هذا السياق إلى أنّ العوامل التي دفعت الحريري إلى تعليق العمل السياسي، لا تزال موجودة، بما يحول دون عودته إلى ممارسة العمل السياسي كما لو أنّ شيئًا لم يكن، بدليل استمرار وجوده في الخارج، علمًا أنّ الحديث في الفترة الأخيرة، كان أن تتولى النائبة السابقة بهية الحريري "الإدارة التنفيذية" لعمل التيار، وربما رئاسة كتلته النيابية بعد انتخابات 2026، على أن يبقى الحريري "زعيمًا عن بُعد"، إن صحّ التعبير.

إلا أنّ هذا "الحلّ" لا يزال خاضعًا للنقاش في الأوساط السياسية، وفقًا للعارفين، إذ تشير بعض المعطيات إلى أنّ رسائل وصلت إلى الحريري، مفادها أنّ "الفيتو" المطروح على عودته إلى السياسة، ليس محصورًا بشخصه، إنما يشمل أيضًا المقرّبين منه والمحسوبين عليه، ما يستدعي إعادة النظر بكلّ الاستراتيجية المتّبعة، وإن كان هناك من يعتقد بأنّ رهان الرجل على المتغيّرات السياسية التي أثبتت عدم وجود "بديل" قادر على منافسته على الزعامة.

لكن، في مقابل هذا الرأي، يصرّ المحسوبون على "المستقبل" على نفي كلّ ما يُحكى في هذا الإطار، وخصوصًا على مستوى التلميحات عن وجود "فيتو سعودي" على الحريري، ويضعونه في خانة محاولات "زرع إسفين" بين التيار والرياض، ويشيرون إلى أنّ العودة لا تزال قائمة، لكن وفق منطق "كل شي بوقتو حلو"، علمًا أن ظروف هذه العودة لم تنضج بالكامل بعد، بانتظار استكمال "العهد الجديد" للمسار الذي تعهّد به، سياسيًا واقتصاديًا.

يقول المحسوبون على الحريري إنّ العودة ستحصل، إن لم يكن الآن، ففي القريب العاجل، وإنّ مقولة "كل شي بوقتو حلو" لا تزال صالحة، حتى إثبات العكس. لكنّ "سرديّته" تصطدم بـ"سرديّة" أخرى تقول إنّ الانتخابات البلدية كان يفترض أن تكون "باكورة العودة"، بوصفها استحقاقًا "وطنيًا" يندرج ضمن ما تحدّث عنه الحريري في 14 شباط. فهل تتحقّق العودة في الانتخابات النيابية، أم أنّ ما كُتِب قد كُتب؟!.

أخبار متعلقة :