نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لماذا علينا أن نشاهد الفيلم الوثائقي لانتقال لويس فيجو إلى ريال مدريد؟ - عرب فايف, اليوم الأحد 20 أبريل 2025 05:44 مساءً
«أهلًا بكم في كرة القدم»، هذه هي الجملة الافتتاحية التي اختارتها منصة «نتفلكس»، وهي تقدم فيلمها الوثائقي عن صفقة انتقال اللاعب البرتغالي لويس فيجو من برشلونة إلى ريال مدريد عام 2000، مقابل 60 مليون يورو، وهو مبلغ فلكي بمعايير هذا الوقت، كما أن الصفقة تعد هي الأشهر في ملف انتقال اللاعبون من أنديتهم إلى الغريم التقليدي للدرجة التي دفعت بعض جماهير البارسا إلى وصف فيجو بـ«يهوذا الخائن»، كما استقبلته في أول مباراة ديربي بالزجاجات البلاستيكية والإشارات المسيئة.
شمل الفيلم الوثائقي كل من شارك في الصفقة تقريبًا، بداية من فيجو بطل الحكاية ثم وكيله ومرورًا بالصحفيين الذين نشروا الخبر واللاعبون الأقدم الذين تم الاستعانة بهم وحتى فلورنتينو بيريز وجاسبارت رئيس برشلونة في تلك الفترة، الجميع تحدث عن القصة من منظوره وهو ما خلق بعض الروايات المتضاربة لكن في النهاية تُرك الحكم للمشاهدين.
لن أروي هنا تفاصيل الفيلم حتى لا أفسد متعة من يريد مشاهدته، لكني أتوقف عند بعض النقاط أولها أن انتقال فيجو نفسه كان محض صدفة، وللأكثر دقة وليد كذبة، فحين أعلن بيريز أنه في صدد تكوين فريق الأحلام وربط فوزه برئاسة ريال مدريد بتوقيع فيجو، وهو ما بدا مستحيلًا خاصة أن اللاعب كان منذ أسابيع قليلة فقط يغني مع جمهور برشلونة «أطفال مدريد البكائين عليكم الانحناء»، لكن بيريز لم يكترث وسرعان ما اتصل بباولو فوتري، وهو لاعب برتغالي شهير، ويمثل مكانة لدى لويس فيجو، كان فوتري هو أول الخيط.
في الفيلم يروي «فوتري» إنه لم يصدق ما سمعه من بيريز لأن فيجو، لديه شرط جزائي بلغ 30 مليون يورو وقتها، وباستعداد فلورنتينو لدفع الشرط الجزائي لم يكن أمام فوتري سوى الاتصال بجوزيه فيجا، وكيل فيجو، لكن جوزيه حين سمع العرض أغلق الهاتف لأن ما قيل عدّه «هراء»، المهم أن فوتري أوهم بيريز أن المكالمة مستمرة ثم أخبره أن الوكيل يريد 6 ملايين يورو كعمولة وهو مبلغ ضخم جدًا وحين وافق بيريز عاود فوتري الاتصال بجوزيه فيغا الذي نهض حين سمع رقم العمولة، نعم بتلك الكذبة بدأت أهم الصفقات الكروية في القرن الواحد والعشرين.
لكنها لم تكن الكذبة الوحيدة كما أوضح الفيلم، لأن أحد الصحفيين المقربين من بيريز حين عرف الخبر أذاعه رغم أن تلك لم تكن رغبة فلورنتينو لكن هذا ما حدث، بل إن الصحفي ليضفي على خبره مزيدًا من الإثارة اختلق قصة مفادها أن بيريز سيتكفل بدفع عضوية أعضاء النادي إن لم يستطع عقد الصفقة وهي قصة أعجبت فلورنتينو وتبناها لاحقًا.
على الجانب الآخر لم يكن «فيغ»" يشعر بالتقدير من إدارة برشلونة بحسب ما كشفه، كانت مكانته كبيرة لدى الجمهور لكن الإدارة لا، وقد تواصل معها أكثر من مرة لتجديد عقده بما يليق بمكانته كرمز للنادي لكن الإدارة برئاسة غاسبارت تعامله معه بفوقية لم يحبها على حد وصفه، ومن هنا بدأ يفكر وبنص ما قاله في الفيلم «إن لم تشعر بالتقدير المتبادل فعليك أن تبحث عن من يقدرك».
براجماتية «فيجو» لم تمر مرور الكرام، فبمجرد نشر الخبر انقلبت الدنيا في إسبانيا وباتت الصحف والقنوات ليس لها هدف سوى اللاعب البرتغالي وأخباره وكواليس انتقاله التاريخي وعقده الفلكي، كما لاحقته الكاميرات في كل مكان حتى في أمم أوروبا وهو يلعب بقميص بلاده أو في سردينيا حيث كان يقضي إجازته مع زوجته هيلين.
يكشف الفيلم أيضا كيف وقّع «فيجو» العقد من خلال وكيله ثم تراجع عن ذلك بعد فوز بيريز واختفى ثم ظهر مرة أخرى من خلال حوار صحفي أكد فيه أنه باقِ في برشلونة ولن ينتقل إلى ريال مدريد وهو تصريح دفع بوكيله إلى الهرولة لأحد الفنادق الإيطالية الساحلية حيث تواجد اللاعب، وببدلة كاملة وقف الوكيل على شاطيء البحر يتحدث عن الشروط الجزائية وغيرها وبعد اتصال أخير من فيغو لإدارة برشلونة أملًا في إيجاد حل لكن الإدارة رفضت، فأغلق فيغو القصة وانتقل صباح اليوم التالي إلى مدريد ويقول هو «حين وجدت وكيلي أدركت أنني سأتورط».
صراحة الفيلم ممتع وفيه من التفاصيل المشوقة ما تجعله قصة سينمائية بجدارة، لكن أهم ما توقفت عنه بجانب أهمية دور التوثيق الرياضي كجزء من توثيق تاريخ العالم، أن الفيلم يكشف لنا بوضوح أن انتقال لاعب من نادي إلى آخر منافس ليست قصة سهلة كما يتخيل البعض، ولا تقتصر على مجرد رغبة لاعب انتهى عقده فوقع في اليوم التالي لفريق آخر، القصة أكبر من ذلك بكثير والمفاوضات شاقة وطويلة وتشهد شد وجذب، القصة تحتوي على عقود ووعود انتخابية وكذب واختلاق أحداث ووكلاء وتسريب متعمد للأخبار وتفكير ألف مرة وشروط جزائية والبحث عن المصلحة المالية وهلم جرا، بمعنى آخر تلك ملحمة أبطالها يجب أن يكونوا مستعدين للدور وغير قابلين للهزيمة بسهولة كما أنه ملحمة لن يغفر فيها التاريخ للمهزوم.
0 تعليق