الإخوان والأحزاب السياسية: وقفة مسؤولية في لحظة مصيرية - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة
جو 24 :

في أعقاب الكشف الأمني عن إحباط مخططات إرهابية وتفكيك خلايا مسلحة من قبل دائرة المخابرات العامة، يطفو سؤال جوهري على السطح: أين تقف الأحزاب السياسية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، من معركة الحفاظ على أمن الأردن وسيادته؟

تفاصيل البيان الأمني، الذي كشف عن ضبط صواريخ محلية الصنع وطائرات مسيّرة، واعتقال 16 شخصًا متورطًا، ليست مجرد إنجاز أمني، بل إنذارٌ يستدعي مراجعة شاملة من كل الأطراف السياسية لمواقفها وخطاباتها، ومدى التزامها بالثوابت الوطنية.

(1)

الحدث الأمني: اختبار حقيقي للمواقف

لم يكن بيان المخابرات مجرد تقرير روتيني، بل كشفًا عن تهديدات حقيقية تتجاوز المعارضة السياسية المشروعة إلى أعمال عنف وتخريب. هذه اللحظة تُلقي بظلالها على الجميع، وتفرض على كل القوى السياسية، وخاصة تلك التي تمارس العمل العلني، أن تُحدّد موقفها بوضوح دون مواربة.

(2)

جماعة الإخوان: بين الخطاب والممارسة

في بيانها الأخير، وقعت جماعة الإخوان المسلمين في تناقض صارخ؛ فبينما تدّعي التزامها بالعمل السياسي الشرعي، جاء ردها على الأحداث مُبهماً، يركز على "الحريات" ويتجاهل خطورة ما كُشف عنه. هذا الموقف يطرح تساؤلات حول مدى صدقية خطابها، ومدى التزامها الحقيقي بمكافحة التطرف والعنف.

اللحظة الراهنة لا تحتمل التردد أو التبرير. المطلوب موقفٌ واضح وصريح: إدانةٌ غير مشروطة للعنف، ووقفةٌ حازمة إلى جانب مؤسسات الدولة في مواجهة كل ما يُهدد أمنها.

(3)

الأحزاب ومسؤولية المواطنة

الأزمة الحالية تتطلب من الأحزاب الأردنية كافة، بمن فيهم الإخوان، أن تُعيد تقييم أدوارها وفق أولويات المرحلة، ومن ذلك:

· التخلي عن الخطابات المزدوجة التي تبرر العنف تحت أي ذريعة.

· قطع أي صلات بأجندات خارجية أو جماعات متطرفة.

· دعم مؤسسات الدولة الأمنية دون تحفظ، والانخراط في المشروع الوطني بعيداً عن الصراعات السياسية الضيقة.

· ترسيخ خطاب وطني يُعلي من قيمة القانون ويُشجع على الوحدة في مواجهة التحديات.

(4)

الخيار الواضح: الأردن فوق الجميع

أمن الوطن ليس مجالاً للمساومة. كل تأخير في اتخاذ موقف حاسم، أو كل محاولة للتلاعب بالخطاب، هو مساهمة غير مباشرة في تعريض الاستقرار للخطر. على جماعة الإخوان، كأكبر جماعة سياسية معارضة، أن تُجيب بوضوح: هل هي مع الدولة ومؤسساتها، أم ستظل حبيسة خطابٍ يفتقر إلى الجرأة والوضوح؟

(5)

ختاماً: الوضوح شرط البقاء

لم يعد كافيًا أن ترفع الأحزاب شعارات الانتماء الوطني. الاختبار الحقيقي يكمن في الموقف وقت الأزمات. وعلى جماعة الإخوان المسلمين، تحديدًا، أن تحسم خيارها: هل هي جزء من الوطن ومؤسساته، أم تظل حبيسة حسابات غير وطنية؟ وليس تبريرات تضعف الثقة في النظام السياسي.. لم تعد الشعارات كافيةً لإثبات الانتماء. فالامتحان الحقيقي للأحزاب يكمن في مواقفها عند المحك، واللحظة الراهنة محكٌّ لا يُجاريه محك. الوطن يستحق أكثر من البيانات الفضفاضة؛ يستحق وقفة رجالٍ يعرفون أن الأمن ليس مطلباً أمنياً فحسب، بل شرطاً لوجودنا جميعاً

الوطن ليس منصة للخطابات السياسية، بل مسؤولية جماعية. واللحظة تتطلب وضوحًا، لا مراوغة.

باحث وكاتب اردني

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق