الكلاب الضالة في عمّان: أزمة مستمرة وإخفاق رسمي في احتوائها - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

 

رغم الوعود المتكررة والمبادرات المعلنة، لا تزال مشكلة الكلاب الضالة في العاصمة الأردنية عمّان تؤرق السكان وتزداد حدتها يومًا بعد يوم، خاصة في ساعات الليل، حيث تتحول بعض الأحياء السكنية إلى ساحات مفتوحة لعواء الكلاب ومطارداتها، وسط غياب ملموس للإجراءات الحقيقية الكفيلة بإنهاء الأزمة.

برامج معلنة... وتطبيق غائب

أعلنت أمانة عمّان الكبرى منذ سنوات عن اعتمادها لبرنامج "ABC" (الجمع، التعقيم، الإعادة) للحد من انتشار الكلاب الضالة، في خطوة وُصفت آنذاك بأنها إنسانية وعلمية. إلا أن ما يحدث على أرض الواقع يشير إلى فشل واضح في تطبيق هذا البرنامج بشكل فعّال وشامل.

فالعديد من المناطق، خاصة في أطراف عمّان الشرقية والغربية، لا تزال تعاني من وجود مجموعات كبيرة من الكلاب، تظهر ليلًا وتجوب الشوارع بحرية، مهددة سلامة المواطنين، خصوصًا الأطفال وكبار السن. ومع تكرار حوادث العقر والاعتداء، تتصاعد شكاوى السكان دون أن يقابلها تحرك ملموس من الجهات المعنية.

غياب الاستجابة السريعة

من أبرز أوجه القصور التي يشير إليها المواطنون، هو ضعف الاستجابة السريعة من قبل فرق الأمانة عند تقديم البلاغات. فعلى الرغم من وجود قنوات إلكترونية للإبلاغ، مثل تطبيق أمانة عمّان، إلا أن الكثير من الشكاوى تمر دون معالجة حقيقية أو متابعة.

"نُبلغ عن وجود مجموعات من الكلاب في الحي، ولا أحد يستجيب، تعود الكلاب كل ليلة وتهاجم المارة، خاصة في أوقات الفجر"، يقول أحد سكان منطقة طبربور، مضيفًا: "أشعر أن هذه الكلاب أصبحت هي من يسيطر على الشارع، وليس الناس."

خلل في التخطيط والتنفيذ

تكشف هذه الأزمة عن خلل مزدوج في التخطيط والتنفيذ. فمن جهة، تفتقر الأمانة إلى خطة واضحة المعالم لتوزيع الجهود بشكل عادل بين الأحياء، ومن جهة أخرى، فإن تطبيق برنامج "ABC" يبدو انتقائيًا ومحدودًا، دون أن يغطي كل المناطق المتضررة بالشكل المطلوب.

كما أن إطلاق الكلاب مجددًا في ذات الأماكن بعد تعقيمها، وإن كان علميًا في ظاهره، إلا أنه لا يأخذ بعين الاعتبار كثافة الكلاب في بعض الأحياء، أو ظروفها السكانية والبيئية الخاصة. والنتيجة أن السكان يجدون أنفسهم مضطرين للتعايش مع الوضع، دون حلول حقيقية.

المواطن بين الخوف واليأس

تزداد حالة القلق واليأس لدى كثير من سكان العاصمة، خاصة أولئك الذين يسكنون في المناطق الطرفية أو ذات الكثافة السكانية العالية. فهم يعيشون يوميًا مع هذا الخطر، ويتحملون تبعات التقصير الرسمي، سواء من حيث التهديد الجسدي أو الضغط النفسي.

الكلاب الضالة ليست مجرد "كائنات مشردة"، بل أصبحت ظاهرة مقلقة تهدد الصحة العامة، وتُضعف الشعور بالأمان، وهو ما يتطلب موقفًا أكثر جدية وصرامة من الجهات المعنية.

هل من حلول جذرية؟

ربما لا يكفي مجرد اعتماد برامج نظرية دون التزام فعلي في تنفيذها على الأرض. المطلوب اليوم:

•تخصيص فرق ميدانية دائمة تعمل ليلًا ونهارًا.

•توسيع نطاق برنامج ABC ليشمل كل أحياء العاصمة دون استثناء.

•تحسين الاستجابة الفورية للشكاوى.

•إشراك المجتمع المحلي بشكل فعلي، لا شكلي، في الحلول.

•مراجعة آلية إطلاق الكلاب المعقمة في الأحياء السكنية.

خلاصة

ما تعانيه عمّان من تفشٍ للكلاب الضالة، خصوصًا ليلًا، ليس مجرد مشكلة عابرة، بل نتيجة لتراكم سنوات من ضعف التخطيط والتقاعس في التنفيذ. وعلى أمانة عمّان أن تعترف بأن الحلول النظرية وحدها لا تكفي، وأن المواطن لم يعد يحتمل المزيد من التبريرات. المطلوب اليوم إرادة حقيقية، وخطة فاعلة تنقذ المدينة من هذا التهديد اليومي.

كابتن اسامه شقمان

.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق