عن رواتب ومكافآت الإدارات العليا للشركات والضرائب المدفوعة؛
مطلوب إجابة عاجلة على ( 8 ) أسئلة من ثلاث جهات مسؤولة؛
لم أكن أرغب في الكتابة بالموضوع لولا أن الأمر تم شخصنته باتجاه واحد وشخص واحد فقط، علماً بأنني طالبت قبل أكثر من سنتين بأن يتدخل صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي لضبط رواتب الإدارات العليا في الشركات التي يساهم فيها بنسب جيدة ويوجد مَنْ يمثله في مجالس إداراتها. وكذلك الأمر بالنسبة لاستثمارات الحكومة التي تديرها شركة الاستثمارات الحكومية.
صندوق استثمار أموال الضمان يستثمر حوالي (15.5%) من موجوداته في أسهم الشركات بقيمة محفظة استثمارية بلغت في نهاية العام الماضي 2024 حوالي (2.5) مليار دينار، موزّعة على ثمانين شركة مساهمة عامة وخاصة وبعض مساهماته تزيد على (20%) من رأسمال بعض الشركات، مما يعد أكبر مساهم فيها، ولديه أكثر من ممثّل في مجالس إدارات معظم هذه الشركات، ومن المفترَض أن يكون صندوق استثمار أموال الضمان صاحب الكلمة الأولى والأكثر تأثيراً في سياساتها الإدارية والمالية والإنتاجية، وفي ضبط نفقاتها وتعظيم أرباحها.
كما سبق أن طالبت بتفعيل دور ممثلي الضمان في مجالس إدارات الشركات، وتوجيه سياسات الصندوق للرقابة والتدخّل لضبط وترشيد نفقات الشركات المساهمة، ولا سيما ما يُمنَح من رواتب ومزايا ومكافآت لإدارتها العليا وأن تكون ضمن حدود المعقول، إذ ليس من المقبول ولا المعقول أن يتقاضى مديرون عامون ورؤساء تنفيذون ورؤساء مجالس إدارة شركات رواتب ومكافآت شهرية بعشرات الآلاف شهرياً، ويصل بعضها إلى أكثر من مليون ومليوني دينار سنوياً.!
وكمثال على ذلك؛ ماذا يعني أن يتقاضى رئيس تنفيذي لأحد البنوك التي تمتلك مؤسسة الضمان حوالي (15.5%) من رأسماله راتباً شهرياً يصل إلى (45) ألف دينار، إضافة إلى مكافأة سنوية بلغت عن عام واحد فقط (545) ألف دينار، ليتجاوز ما تقاضاه خلال عام واحد (العام 2022) المليون دينار وبالتحديد (1046784) دينار، أي ما معدّله ( 87 ) ألف دينار شهرياً، علماً أن الضمان صاحب أكبر خامس حصّة في البنك وله ممثّلان في مجلس إدارته، وربما هناك الكثيرون ممن هم على شاكلته.!
هذا من جهة الرواتب والمكافآت، أما من جهة ما تمارسه بعض الشركات من دفع الضريبة المستحقة على هذه الرواتب والمكافآت عن هؤلاء الرؤساء من أموال الشركة، فهذه مسألة تحتاج إلى تحقق وتحقيق، وتقصّي إلى أبعد نطاق بما يشمل كافة الشركات المساهمة العامة تحديداً، بما فيها البنوك. ولا أدري ما هو السند القانوني لهذه للممارسة، ومع ذلك أقول بأن المعالجة الحقيقية الناجعة في حال ثبوت مثل هذه الممارسات والإقرار بعدم قانونيتها، أن يتم استرداد كافة المبالغ المدفوعة عنهم بأثر رجعي، وإعادتها إلى الشركات كحق للمساهمين، وأن يتم مساءلة كل من أفتى بذلك من الناحية القانونية.
وبناءً عليه، فإنني أطرح ثمانية أسئلة وتساؤلات في الموضوع برسم الإجابة العاجلة من ثلاث جهات: صندوق استثمار أموال الضمان، شركة الاستثمارات الحكومية، البنك المركزي الأردني، إضافة إلى هيئات الرقابة والتدقيق المعنية.
وهذه الأسئلة هي:
١- هل تشكّل هذه الممارسة مخالفة صريحة للقانون، وهل هي مجرّمة.؟
٢- كم عدد الشركات المساهمة العامة التي تسلك هذه المنهجية.؟
٣- هل هذه المنهجية أو الممارسة "المغلوطة" متّبعة من قبل البنوك أيضاً، وأي من البنوك تمارسها.؟
٤- وإذا كان هناك بنوك وشركات تمويلية ومالية تسلك هذا النهج فهل البنك المركزي على علم بذلك وما رأيه وما دوره وما ضوابطه وما إجراءاته المتخذة.؟
٥- ما دور الضمان الاجتماعي كمستثمر في أي من هذه الشركات والبنوك التي تمارس هذا السلوك وهل ممثلوه في مجالس إداراتها على علم بذلك.؟
٦- هل سيتم تحصيل هذه المبالغ من أولئك الرؤساء التنفيذين واعضاء مجالس الإدارة وبأثر رجعي لصالح الشركات ومساهميها.؟
٧- لماذا لم تُكتشف مثل هذه الممارسة من قبل؛ مَنْ الذي يتابع ويقرأ تقارير الشركات، ولماذا لم تتم المعالجة من قبل، مَنْ يتحمّل المسؤولية.؟!
٨- في حال تجريم هذه الممارسة التي تُعد تعدّياً على أموال وحقوق المساهمين، وهو ما يؤدي إلى خلل جسيم إذا لم تكن هناك عقوبة رادعة واسترداد لتلك المبالغ عن كل السنوات السابقة. فما هو موقف المساهمين الكبار مثل الضمان والحكومة من الموضوع.؟
أخيراِ؛ أؤكد بأن أموال الضمان الاجتماعي أموال عمّال وهي أمانة في أعناقنا جميعاً، ولا ينبغي التفريط بدينار واحد منها، ولا بد من مراعاة أعلى درجات الحصافة والنزاهة والرشد في إنفاقها بل لا بد من التشدّد في ذلك، سواء ما كان إنفاقاً بشكل مباشر أو غير مباشر، وضمان أن لا يُنفَق أي دينار إلا في مكانه فهذه أموال العمال والكادحين وأموال الأجيال من الأردنيين. ومطلوب من صندوق استثمار أموال الضمان الذي يعتبر لاعباً أساسياً ومستثمراً رئيساً في الشركات المساهمة أن يعمل بكل جدية على ضبط هذه الرواتب والمزايا الباهظة جداً التي تتقاضاها الإدارات العليا للعديد من الشركات، وكذلك منع أي تجاوزات تشكل اعتداء على أموال مساهمي هذه الشركات مثل موضوع الضريبة وغيرها.
وأذكّر مرة ثانية بأنني كتبت وطالبت بذلك قبل هذه الزوبعة التي أُثيرت أخيراً، فلماذا لم تفعلوا شيئا.؟!
(
0 تعليق