تشهد العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين تطورًا متسارعًا مدعومًا بشراكات تجارية واستثمارية متعددة، تعززها مبادرات كبرى مثل مبادرة "الحزام والطريق" وفي هذا الإطار، يبرز نظام التحويل المالي الجديد في الصين، المتمثل في اليوان الرقمي (e-CNY)، وأنظمة الدفع الإلكتروني الحديثة، كأداة مهمة قد تسهم في توسيع نطاق التعاون المالي بين البلدين، خاصة في ظل اضطرابات الاقتصاد العالمي وتغيرات النظام المالي الدولي.

وفي هذا التقرير، نسلط الضوء على أبرز ملامح هذا النظام، وكيف يمكن لمصر الاستفادة منه في دعم اقتصادها وتحقيق أهدافها التنموية.

ما هو نظام التحويل المالي الجديد في الصين؟

أطلقت الصين اليوان الرقمي كعملة رقمية رسمية مدعومة من البنك المركزي الصيني (PBOC)، بهدف تقليل الاعتماد على النقد الورقي، وتسريع المعاملات المالية داخليًا وخارجيًا، مع تعزيز الشفافية وتتبع الأموال.

وتُقدَّر حصة اليوان الرقمي بحوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ليصبح ثاني أكبر كتلة عملة بعد الدولار الأمريكي الذي يستحوذ على 40%.

إلى جانب العملة الرقمية، طورت الصين منظومة متكاملة من حلول الدفع الإلكتروني، أبرزها WeChat Pay وAlipay، واللتين أصبحتا جزءًا من الحياة اليومية في الصين. كما عززت بكين دورها المالي العالمي من خلال نظام الدفع عبر الحدود CIPS، الذي يُعد بديلًا متقدمًا لنظام SWIFT، مما يتيح تحويلات مالية أسرع وأقل تكلفة.

كيف يمكن لمصر الاستفادة من النظام المالي الصيني؟

1. تعزيز التجارة الثنائية وتقليل الاعتماد على الدولار

بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين 13.8 مليار دولار في 2022، مما يجعل الصين الشريك التجاري الأكبر لمصر. ويساعد استخدام اليوان الرقمي في تسوية المعاملات التجارية مباشرة بالعملة الصينية، دون الحاجة إلى الدولار، ما يساهم في:

خفض تكاليف التحويل

تقليل مخاطر تقلبات أسعار الصرف

تسريع تنفيذ الصفقات التجارية

ووفقاً لمنصة Leeline Sourcing، يمكن إنجاز التحويلات من خلال CIPS خلال 2 إلى 3 أيام عمل فقط، برسوم منخفضة مقارنة بالنظام التقليدي.

2. جذب الاستثمارات الصينية وتعزيز الثقة

شهدت مصر تدفقات استثمارية كبيرة من الصين، خاصة في مشروعات ضخمة مثل العاصمة الإدارية الجديدة والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتي تجاوزت 7 مليارات دولار في 2023.

ويوفر النظام المالي الجديد بيئة أكثر أمانًا وكفاءة لتحويل هذه الاستثمارات، كما يعزز الثقة بفضل إمكانية تتبع العمليات المالية، ومكافحة غسل الأموال. كما أن استخدام أدوات مثل Wise لتوزيع الأرباح يسهل العملية برسوم منخفضة.

3. تسهيل تحويلات المصريين العاملين في الصين

يعمل عدد من المصريين في الصين، خاصة في قطاعي التعليم والتجارة. ويوفر النظام الصيني طرقًا موثوقة مثل PayPal وWise لتحويل الأموال إلى مصر بسهولة وسرعة، مما يساهم في دعم دخل الأسر المصرية، وزيادة موارد الدولة من العملة الأجنبية.

4. تخفيف الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي

تعاني مصر من ضغوط مستمرة على احتياطي الدولار، وتوسع استخدام اليوان الرقمي في المعاملات التجارية يمكن أن يقلل من الاعتماد على الدولار، مما:

يدعم استقرار سعر الصرف

يعزز السيولة المحلية

يقلل من مخاطر تقلبات السوق العالمي

وهذا يتماشى مع السياسة الصينية الساعية إلى تدويل اليوان كمنافس للدولار في التجارة العالمية.

5. دعم التحول الرقمي والشمول المالي

تسعى مصر من خلال مبادرات مثل "مصر الرقمية" إلى تطوير منظومتها المالية وتحقيق الشمول المالي. ومن خلال التعاون مع الصين، يمكن الاستفادة من خبراتها في مجال تقنيات الدفع الرقمي وتشفير البيانات، مما يتيح:

إنشاء منصات دفع إلكتروني محلية متطورة

تعزيز أمان المعاملات الإلكترونية

رفع كفاءة الخدمات المالية الحكومية والخاصة

نظام التحويل المالي الجديد: أداة استراتيجية لتعزيز موقع مصر الاقتصادي

يمثل اليوان الرقمي ونظام التحويل المالي الجديد في الصين فرصة كبيرة لمصر لتحقيق قفزة نوعية في تعاملاتها المالية والتجارية، وذلك من خلال:

توسيع نطاق التجارة مع الصين

تحسين بيئة الاستثمار

دعم التحول الرقمي

تقليل الاعتماد على الدولار