السعودية وقطر وسوريا... لبنان يعيد "ترتيب" علاقاته العربية! - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
السعودية وقطر وسوريا... لبنان يعيد "ترتيب" علاقاته العربية! - عرب فايف, اليوم الخميس 17 أبريل 2025 05:08 صباحاً

بين زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى دولة قطر، وزيارة رئيس الحكومة نواف سلام إلى سوريا، وجولة الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان في بيروت، وهو المكلّف بالملف اللبناني، تركّزت الاهتمامات في الأيام الثلاثة الماضية، التي يصحّ الحديث عن "استنفار دبلوماسيّ" سُجّل على خطها، علمًا أنّ المحطّات الثلاث تقاطعت على "عناوين" شبه موحّدة، وإن تفاوتت في بعض "التفاصيل" المرتبطة بكل منها، بمعزل عن غيرها.

فزيارة الرئيس عون إلى قطر جاءت لتستكمل سلسلة من الجولات الخارجية التي بدأها منذ انتخابه رئيسًا للجمهورية، وقادته إلى المملكة العربية السعودية أولاً، وفرنسا ثانيًا، حيث أبدى حرصًا على "الانفتاح" على الدول الصديقة، من أجل حثّها على مواصلة دعمها للبنان، انطلاقًا من عناوين الإصلاح والإنقاذ التي يسير عليها "العهد"، والتي تتقاطع بمجملها مع مطالب المجتمعين العربي والدولي من لبنان في هذه المرحلة تحديدًا.

وفي السياق نفسه، تُفهَم زيارة رئيس الحكومة نواف سلام إلى سوريا، وهي الأولى من نوعها، وإن سبقه إلى هذه الخطوة رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، قبل يومين فقط من استشارات نيابية كان يعتقد أنّها ستحفظ موقعه في السراي الحكومي، لكنّ ما يميّزها أنّها الأولى لرئيس حكومة مكتملة الصلاحيات، وهي زيارة يفترض أن يُبنى عليها الكثير على خطّ "تصحيح" العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا، بعد عقود شابها "الخلل".

وبالتوازي، قد لا يكون مُبالَغًا به القول إنّ جولة الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان في بيروت طغت على الزيارتين الرسميتين، رغم "الكتمان" الذي أحيطت به اللقاءات التي عقدها، والتي لم تقتصر على المقار الرسمية، علمًا أنّها أدرِجت في خانة "استكمال" ما بدأ في زيارتي عون وسلام إلى الرياض، والتحضير لزيارة لبنانية رسمية قريبة إلى الرياض، يفترض أن "تتوّج" التفاهمات التي بدأ العمل عليها، إن لم يطرأ طارئ..

في المبدأ، يمكن القول إنّ العناوين نفسها "تقاطعت" في المحطّات الثلاث، سواء من حيث المقاربة اللبنانية لها، القائمة على إعادة "ترتيب" العلاقات بين لبنان ومحيطه العربي، وتصحيح كلّ مظاهر الخلل التي شابتها على مرّ السنوات السابقة، وبالتالي فتح "صفحة جديدة" قائمة على الاحترام المتبادل، أو من حيث المقاربة العربية أيضًا، التي ترى في الظروف التي ترتّبت على الحرب الإسرائيلية الأخيرة، فرصةً لإعادة تصويب العلاقات أيضًا.

وتنطلق هذه العناوين المشتركة، من ثابتتين أساسيّتين، تشكّلان مطلبًا أساسيًا للمجتمع الدولي، علمًا أنّهما سبق أن طُرِحتا أيضًا خلال زيارة نائبة المبعوث الأميركي إلى المنطقة مورغان أورتاغوس الأخيرة إلى بيروت، سواء على المستوى الأمني، لجهة الدفع باتجاه حصر السلاح بيد الدولة، وبالتالي نزع سلاح "حزب الله"، أو على المستوى الاقتصادي، لجهة إطلاق ورشة الإصلاحات المالية المنتظرة، والمضيّ بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

ولعلّ الثابت أنّ العهد يحاول بشتّى الوسائل أن "يتناغم" مع هذه المطالب في طروحاته، وهو الذي اختار عنوان "الإصلاح والإنقاذ" شعارًا لحكومته الأولى، كما أنّه يحرص في كلّ المناسبات على التأكيد على سيره بحصر السلاح بيد الدولة، وقد تعمّد رئيس الجمهورية جوزاف عون التأكيد بالتزامن مع زيارته إلى الدوحة، أنّ القرار بهذا الشأن اتُخِذ، ولم يبقَ سوى الاتفاق مع "حزب الله" على آليات التنفيذ، بما لا يؤدّي إلى تفجير البلد أو أخذه إلى صدام ما.

ويحضر الملف الاقتصادي أيضًا في صدارة الاهتمامات التي يركّز عليها الجانب اللبنانيّ في لقاءاته، ولا سيما أنّه يدرك أنّ المجتمع الدولي يضع الإصلاحات "شرطًا" للإفراج عن المساعدات الموعودة للبنان منذ سنوات طويلة، وقد أضيف إليها اليوم بند إعادة الإعمار "الثقيل"، والذي تعهّدت الحكومة بإنجازه، وهي مدركة بأنّ لا سبيل لذلك من دون تحقيق الاستقرار في المقام الأول، والمباشرة بالإصلاحات عمليًا، وليس فقط على مستوى الأقوال.

وعلى أهمية العناوين المشتركة، التي تحضر في كلّ اللقاءات والجولات العربية والخارجية، يتحدّث العارفون عن "خصوصية" للمحطّات الثلاث التي سُجّلت هذا الأسبوع، بدءًا من زيارة الدوحة، علمًا أنّ الرهان على الدور القطري في دعم لبنان ثابت دائمًا على "الأجندة"، ولا سيما أنّ الدوحة لم تقطع علاقاتها بلبنان حتى في مرحلة الانكفاء الخليجي عن لبنان، وسط تساؤلات عمّا إذا كانت الدوحة في وارد استعادة الدور الذي لعبته بعد حرب تموز 2006.

في السياق نفسه، تبرز "خصوصية" جولة الموفد السعودي إلى بيروت، والتي تشير المعطيات المتوافرة إلى أنّه كان واضحًا خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم، والتي شملت بالمناسبة مروحة واسعة من الأطياف السياسية، بأنّ السعودية الثابتة على "انفتاحها" على لبنان، منذ انتخاب رئيس الجمهورية وتسمية رئيس الحكومة، تريد إجراءات ملموسة من الجانب اللبناني، على مستوى الإصلاح، ولكن أيضًا نزع السلاح.

وإذا كانت هذه الجولة تأتي استكمالاً للزيارتين اللتين قام بهما كل من رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام إلى الرياض في الآونة الأخيرة، حيث لقيا كلّ الودّ والإيجابية من جانب وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فإنّها حملت بين طيّاتها وفق العارفين، رسالة واضحة مفادها أنّ السعودية "ثابتة" على الوعود التي قطعتها للرجلين، لكن الكرة الآن في ملعبهما، لإثبات "جدّيتهما" في تحقيق ما وعد به "العهد".

أما زيارة رئيس الحكومة إلى سوريا، فخصوصيتها تختلف عن كلّ ما سبق، بالنظر إلى كونها تشكّل نقطة "مفصلية" على خط تصويب العلاقات بين لبنان وسوريا، بعد عقود سادت خلالهما محاولات الهيمنة والاستزلام، وهو ما يتجلى في الملفات التي طرحت على جدول أعمال الزيارة، وجلّها من النقاط الخلافية والإشكالية العالقة، بما في ذلك ترسيم الحدود، وضبط المعابر، ولا سيما غير الشرعية، ومنع التهريب، فضلاً عن قضايا اللاجئين والموقوفين.

بهذا المعنى، يشدّد العارفون على أنّ أهمية الزيارة تكمن في كونها "محطة تأسيسية" ستستكمل في المرحلة المقبلة، سواء على مستوى اللجان المشتركة التي تمّ تشكيلها، أو على مستوى الزيارات التي يتوقع أن تتكثّف، خصوصًا من جانب الوزراء المتخصّصين بملفات محدّدة، بما يفسح في المجال أمام فتح صفحة جديدة، تطوي صفحة النظام السابق، ولكن أيضًا صفحة التوترات الحدودية الأخيرة، وهي صفحة تحظى وفق المعطيات، برعاية سعودية خاصة.

في النتيجة، يمكن القول إنّ لبنان يعيد "ترتيب" علاقاته العربية، عبر تصحيح الخلل الذي اعترى بعضها، وتطوير قنوات التواصل في بعضها الآخر، وذلك بما ينسجم مع سياسات "العهد" الذي يصرّ منذ اليوم الأول، على طيّ كل "الصفحة السابقة"، مستندًا إلى أنّ ما بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان، وضمنًا تراجع نفوذ "حزب الله"، ليس كما قبلها، وأنّ تجاوز هذه المرحلة "الصعبة" لا يمكن أن يتمّ إلا بدعم الدول الصديقة، وعلى رأسها العربية منها!.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق