لم تكن خيمة اللجوء التي احتمت بها العائلات في منطقة المواصي جنوب غرب خان يونس سوى محطة مؤقتة في رحلة النزوح المستمرة منذ أشهر، لكن القصف الإسرائيلي لم يستثنِ هذه الملاذات المتواضعة، ليُعيد إلى المشهد وجعًا يتكرر في كل مرة: المدنيون هدف، والناجون لا يملكون طريقًا آخر سوى الصبر.

ففي ساعات المساء من يوم الإثنين، شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي غارة جوية استهدفت خيمة تؤوي نازحين فلسطينيين في منطقة المواصي، غرب مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة. وأسفرت الغارة عن إصابة عدد من المدنيين بجروح متفاوتة، بينهم أطفال ونساء، وسط حالة من الهلع والانهيار في صفوف الناجين.

في الوقت ذاته، سُجّلت غارات أخرى في محيط الحي الياباني بالمنطقة الغربية للمدينة، ما أدى إلى وقوع إصابات جديدة ودمار واسع في الأبنية المجاورة، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
 

خان يونس... منفى النازحين يتحوّل إلى ساحة قصف

لم تكن خان يونس مجرد مدينة جنوبية بالنسبة للفلسطينيين في الأشهر الأخيرة، بل أصبحت وجهة "النجاة" الأولى للنازحين الفارين من شمال القطاع ووسطه، بعد أن تحوّلت تلك المناطق إلى ساحة قتال مشتعلة منذ الأشهر الأولى للعدوان الإسرائيلي.

لكن ما حدث مساء الإثنين يعيد التأكيد على أن "لا مكان آمن في غزة"، حتى في مناطق الإيواء التي توصف بأنها "مناطق إنسانية".

وكانت المنطقة قد شهدت في الأسابيع الأخيرة توسعًا كبيرًا في أعداد المخيمات المؤقتة، حيث تعيش آلاف العائلات في ظروف تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة، قبل أن تضيف الغارات عنصرًا جديدًا للمعاناة: الخوف من الموت تحت شباك خيمة، أو بين أنقاض كومة من البلاستيك والخشب.

حصيلة العدوان ترتفع.. والمأساة مستمرة

ووفق وزارة الصحة في غزة، فإن حصيلة العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023 بلغت حتى الآن 50,983 شهيدًا، وأكثر من 116,274 مصابًا، في أرقام وصفها مسؤولو الأمم المتحدة بـ"المرعبة وغير المسبوقة".

وتشير التقديرات إلى أن المئات لا يزالون تحت الأنقاض، خصوصًا في المناطق التي تمنع قوات الاحتلال طواقم الإنقاذ من دخولها.

"تهجير داخل التهجير".. سكان غزة بلا وجهة

تُعيد هذه الغارات المتكررة في خان يونس مشهد التهجير القسري مرة أخرى إلى واجهة الأزمة، في وقت لا توفر فيه إسرائيل أي ممر إنساني حقيقي أو آمن.

وقد بدأت بعض العائلات بالفعل في النزوح مرة أخرى نحو مناطق أبعد جنوبًا أو العودة إلى مراكز أكثر اكتظاظًا، رغم انتشار الأمراض والمجاعة وشحّ المياه.

وبينما يستمر القصف، تزداد التساؤلات الدولية: إلى متى يُترك المدنيون في غزة فريسة لقنابل الموت بلا حماية؟