نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
علاقات سطحية تحت مجهر الواقع! - عرب فايف, اليوم السبت 12 أبريل 2025 10:39 صباحاً
في مجتمعاتٍ تدّعي الفضيلة، بينما تغرق في مستنقعات النفاق والأنانية، يصبح من المؤلم أن تكتشف أن الإنسان النزيه بات بلا أصدقاء… فقط لأنه نزيه!
الصادق مُهمَّش، والمنافق محبوب، أما الفاجر، فهو نجم المجالس في زمنٍ تبدلت فيه القيم وسقطت الأقنعة.
فلماذا أصبحنا نُجيد التزييف؟ ولماذا باتت مصالحنا تُعلَن على حساب كرامتنا؟!
نعيش اليوم بضميرٍ غائب أو مستتر، نخدع أنفسنا قبل الآخرين، ونمارس النفاق الاجتماعي وكأنه ضرورة من ضرورات البقاء.النفاق الاجتماعي ليس ظاهرة طارئة، بل سلوك متجذّر في التاريخ الإنساني، يتجلّى في تصرفات أولئك الذين يُظهرون ما لا يُبطنون، ويقولون ما لا يؤمنون به.
إنها ازدواجية قاتلة تُضعف الروابط الاجتماعية، وتزرع بذور الشك والخذلان في القلوب!
في واقعنا المعاصر، أصبح هذا النفاق أكثر فجاجة ووضوحًا، حيث يتصدر المشهد أولئك الذين يضعون مصالحهم فوق كل قيمة، فيُظهرون تعاطفًا مصطنعًا، وينافقون لتحقيق مكاسب شخصية أو لبناء صورة زائفة أمام الآخرين.
أما القيم الحقيقية—كالصدق، والتعاطف، والإخلاص—فقد تراجعت إلى خلفية المشهد، يُستدعى ذكرها فقط عند الحاجة أو المجاملة.ومن أكثر ميادين هذا النفاق وضوحًا العلاقات الشخصية.حيث باتت المجاملات الزائفة سيدة الموقف، والابتسامات المصطنعة تُخفي مشاعر الحسد والازدراء.
تُبنى كثير من العلاقات اليوم على المجاملة لا على الاحترام، وعلى المصلحة لا على المودّة.
وهذه العلاقات السطحية تهدد نسيج المجتمع، وتمنع نشوء روابط إنسانية حقيقية قائمة على الثقة والصدق.
ولعل وسائل التواصل الاجتماعي قد لعبت دورًا محوريًا في ترسيخ هذا الزيف.
ففي هذا العالم الافتراضي، يمكنك أن تصنع لنفسك صورة مثالية لا تمتّ لواقعك بصلة، وتعيش خلف شاشة تخفي حقيقتك، بينما تُقنع الآخرين—وربما نفسك—أنك تعيش الحياة كما ينبغي.وهكذا، يترسخ مفهوم “الكمال الزائف”، وتزداد الضغوط النفسية على من يسعون للظهور بأفضل صورة، ولو كان الثمن هو دفن ذواتهم الحقيقية.
إن العيش وسط هذا الزيف له آثاره الخطيرة.
فحين يُصبح النفاق هو القاعدة، يُصاب المجتمع بأزمة ثقة حقيقية.يشعر الأفراد بالوحدة والقلق، ويخافون من التعبير عن ذواتهم أو إقامة علاقات صادقة.
وتنهار المبادئ النبيلة تحت وطأة التظاهر والتصنّع، فنحصد مجتمعات متماسكة شكليًا، لكنها خاوية وجدانيًا.
النفاق الاجتماعي ليس مجرد ظاهرة اجتماعية؛ إنه جرح أخلاقي عميق بحاجة إلى علاج واعٍ.
علينا أن نُعيد الاعتبار لقيم الصدق والوضوح، وأن نُشجّع على بناء علاقات تنبع من القلب، لا من المصلحة.
فمجتمعٌ لا تُحرّكه الأقنعة، بل تُشكله القلوب الصادقة، هو وحده القادر على الصمود، وعلى خلق بيئة إنسانية صحية وآمنة.”ليست الفضيلة في ما يُقال، بل في ما يُمارَس. فالمجتمعات التي ترتدي قناع الأخلاق، بينما تنام على سرير النفاق، لا تُنتج إنسانًا حقيقًا… بل مسرحًا من الزيف!”
0 تعليق