تحت عنوان "في الضفة الغربية.. عنف المستوطنين يحتدم” ، قالت صحيفة "لوفيغارو” الفرنسية إن المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية يتحركون في شبه إفلات تام من العقاب، أحياناً تحت أنظار الجيش الإسرائيلي، وفي ظل علمهم أنهم يستطيعون الاعتماد على دعم الحكومة، سواء بشكل صريح أو ضمني. ووصفت الصحيفة الفرنسية الوضع جنوب الخليل في الضفة الغربية: رشق بالحجارة، ضرب بالعصي، شتائم، مضايقات، عنف يومي، عدم تكافئ موازين القوى…إلخ.
الضفة الغربية، على ما تُشير صحيفة "لوفيغارو”، أرض محتلة عسكرياً من قبل إسرائيل منذ عام 1967، تدار جزئياً من قبل الجيش. وأحد أول قرارات وزير الدفاع الجديد، يسرائيل كاتس، الذي عُيّن هذا الخريف، كانت إعفاء المستوطنين من الاعتقال الإداري، وهو الإجراء الذي كان يتيح للجيش الإسرائيلي توقيف الأكثر عنفاً منهم بشكل وقائي ولمدة غير محددة. بينما ما يزال هذا الإجراء سارياً على الفلسطينيين.
وأضافت "لوفيغارو” القول إن جائزة الأوسكار التي فاز بها مؤخراً في هوليوود عن فيلمه الوثائقي إلى جانب يوڤال أبراهام، لم تحمِ حمدان بلال، بل على العكس تماماً.. و يقول هذا الأخير: "هنا تسود شريعة الغاب. المستوطنون يفعلون ما يشاؤون، ولا أحد يستطيع إيقافهم”.
يعيش هذا الأخير في كوخ من البلوك يتألف من غرفتين، يتقاسمه مع والدته، وأخويه وزوجته وأطفاله الثلاثة. لديه 25 رأساً من الغنم، ويشرح قائلاً: " كنا نملك أكثر من ذلك سابقاً، لكن المستوطنين يمنعوننا من رعيها في أراضينا. اضطررنا لتقليص القطيع.. يضايقنا المستوطنون حتى نرحل. وإذا اتصلت بالشرطة، يطلبون مني وثائق الملكية. لا يمكنني التجول بها في التلال، فهي ثمينة للغاية!”
وأوضحت صحيفة "لوفيغارو” أن الاستيطان في الضفة الغربية يتوسع بوتيرة متسارعة.. يعيش هناك 500 ألف إسرائيلي، ويريد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي يشرف أيضاً على إدارة الأراضي، أن يصبحوا مليوناً. وهو يعمل على تحقيق ذلك من خلال فتح الطرق، وتقديم الدعم المالي، والمشاريع العقارية.
في الأول من نيسان/أبريل، تمت الموافقة على بناء 2,545 وحدة سكنية في معاليه أدوميم وبيتار عيليت. ومنذ بداية العام، وافقت الحكومة الإسرائيلية على 14,335 مبنى استيطانياً جديداً في الضفة الغربية، وفقاً لأرقام منظمة "السلام الآن” الإسرائيلية.
في الوقت ذاته، يتواصل الاستيطان الزراعي بشكل أكثر هدوءاً. تقرير نُشر يوم الإثنين من نفس المنظمة يقدّر أن 14% من أراضي الضفة الغربية أصبحت الآن في أيدي المستوطنين، الذين يستغلونها متجاهلين حقوق مالكيها الفلسطينيين.
تقول منظمة "السلام الآن”: "بدعم من الحكومة والجيش، يستخدم المستوطنون ثلاث طرق للاستيلاء على الأراضي، وهي إقامة بؤر استيطانية لطرد الرعاة والمزارعين؛ مضايقة وترويع واستهداف المجتمعات الفلسطينية بعنف؛ والسيطرة على مساحات واسعة تعود للمجتمعات المُهجّرة”.
تتعرض تلال سوسيا لهذه الضغوط بشكل مباشر. في 24 مارس، اعتقد حمدان بلال أنه سيفقد حياته بعد تعرضه للضرب المبرح. وما تزال آثار الضرب واضحة على جسده. يقول: "توجهت مسرعاً عندما علمت أن نحو 15 مستوطناً يقتربون من المنزل المجاور. كانوا يدمرون خزان المياه”. كما اعتدوا على سيارة بالحجارة. في هذه السيارة كان يتواجد جوشوا كيميلمان، ناشط أمريكي وعضو في منظمة "مركز اليهود لنبذ العنف”، يعيش في سوسيا منذ شهرين ويوثق الاعتداءات. يقول: "عندما علمنا بالهجوم، صعدنا إلى السيارة. كان هناك جنود، لكنهم لم يمنعوا المستوطنين من الهجوم علينا. حطموا النوافذ. ظننت أنهم سيقتلوننا”.
يقول حمدان إنه اقتيد معصوب العينين من مكان إلى آخر، دون أن يتلقى العلاج، رغم طلبه المتكرر: "كنت أسمع الجنود ينادون باسمي ويضحكون على جائزة الأوسكار. كنت جالساً والقيد في يدي. وإذا حاولت تحريك قدمي كانوا يضربونني.
يُعتبر الناشطون مثل جوشوا كيميلمان خونة في نظر المتطرفين. يعيش الأمريكي في بيت قريب، ويرافق الرعاة عندما يخرجون مع أغنامهم. قرر تخصيص بضعة أشهر لهذه القضية لأنه قلق على إسرائيل واليهود، كما يوضح. يقول: "هذا ليس سيئاً فقط للفلسطينيين، بل يؤثر على المجتمع الإسرائيلي بأسره. إنه يغذي معاداة السامية في أنحاء العالم. ما لم يكن الإسرائيليون قادرين على مواجهة الجرائم التي تُرتكب هنا، فسيبقى بلدهم ممزقاً. إسرائيل تدعي تمثيل يهود العالم، لكن هذا لم يعد صحيحاً”، توضح صحيفة "لوفيغارو”.
خلال شهرين من تواجده في سوسيا، يقول جوشوا كيميلمان إنه شهد بنفسه ثلاث هجمات عنيفة. ويختم حمدان بلال قائلاً: "أنا مجرد مثال صغير لما يحدث في الضفة الغربية. هنا حرب، ولا أعلم إلى أين سيصل هذا الجنون. لا يوجد أي حل، لا قانون دولي، ولا حقوق إنسان للفلسطينيين”.
0 تعليق