في خطوة جديدة تعكس عمق العلاقة بين القاهرة ورام الله، أعلنت وزارة التربية والتعليم المصرية عن استعدادها الكامل لتنظيم امتحانات الثانوية العامة للطلبة الفلسطينيين المقيمين في مصر، للعام الثاني على التوالي، وذلك في إطار تعاون تربوي متجدد بين البلدين يهدف إلى مساندة التعليم الفلسطيني في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع غزة.

جاء ذلك خلال لقاء رسمي جمع الدكتور محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بنظيره الفلسطيني الدكتور أمجد برهم، بحضور السفير دياب اللوح، سفير دولة فلسطين لدى القاهرة، وعدد من المستشارين والمسؤولين التربويين من الجانبين.

دعم ثابت وتعليم لا ينكسر

في مستهل اللقاء، شدد الوزير المصري على أن مصر تقف دائماً بجانب الشعب الفلسطيني، ليس فقط على المستوى السياسي، بل في كافة المجالات، وعلى رأسها التعليم. وقال عبد اللطيف:

"أنتم جزء منا، والتعليم أداة مقاومة لا تقل أهمية عن أي سلاح".

وأكد أن مصر لن تتأخر عن تقديم الدعم اللازم لضمان استمرار المسيرة التعليمية للطلبة الفلسطينيين، سواء داخل مصر أو في الأراضي الفلسطينية، مشيراً إلى أن الامتحانات الخاصة بالطلبة الفلسطينيين ستُنظّم وفق أعلى المعايير، كما حدث في العام الماضي.

أرقام صادمة وتحديات قاسية

من جانبه، أعرب الوزير الفلسطيني الدكتور أمجد برهم عن تقديره الكبير للموقف المصري الثابت والداعم للقضية الفلسطينية، مؤكداً أن دعم مصر للتعليم الفلسطيني يمثل "شريان حياة" في ظل ما يتعرض له القطاع من عدوان متواصل تسبب في دمار هائل للبنية التحتية التعليمية.

وكشف برهم عن أن أكثر من 95% من مدارس قطاع غزة تعرضت لأضرار جسيمة، بينما خرجت 293 مدرسة من أصل 309 عن الخدمة تماماً، إضافة إلى تضرر نحو 85% من الجامعات، وهو ما حرم أكثر من 720 ألف طالب وطالبة من حقهم في التعليم.

ورغم هذه الكارثة، قال برهم إن الوزارة تمكنت من استئناف العملية التعليمية من خلال التعليم الإلكتروني والمدارس الافتراضية، مؤكداً أن التعاون مع مصر في هذا المجال سيكون له أثر كبير في تعويض الفاقد التعليمي وتجاوز التحديات.

امتحانات الثانوية في مصر.. نموذج ناجح

وتطرق اللقاء إلى التجربة الناجحة التي شهدتها مصر العام الماضي، بتنظيم امتحانات الثانوية العامة للطلبة الفلسطينيين على أراضيها، والتي شارك فيها أكثر من 1350 طالبًا وطالبة في المدارس الحكومية المصرية، بدعم كامل من الحكومة المصرية.

وأكد الدكتور برهم أن عدد الطلبة الفلسطينيين الذين يستعدون لخوض امتحانات هذا العام في مصر يُقدَّر بـ 1800 إلى 1900 طالب، معربًا عن أمله في استمرار هذا التعاون التربوي المهم، خاصة في ظل الظروف الإنسانية والتعليمية الحرجة في غزة.

آفاق أوسع للتعاون التربوي

وناقش الوزيران سبل تعميق التعاون في مجالات التعليم الفني والثانوي والإلكتروني، وإمكانية إنشاء مراكز تعليمية متخصصة للطلبة الفلسطينيين في مصر، خاصة في المواد الأساسية كالرياضيات والعلوم واللغات، مع الاستفادة من الكفاءات الفلسطينية المقيمة في مصر من معلمين وأكاديميين.

رسالة تضامن وتكامل

في ختام اللقاء، أكد الوزير المصري أن مصر ستظل داعمة للقضية الفلسطينية بكل أبعادها، وفي القلب منها الحق في التعليم، مشيرًا إلى أن الوزارة على أهبة الاستعداد لتقديم كل التسهيلات الممكنة التي تُمكن الطلبة الفلسطينيين من استكمال تعليمهم رغم كل التحديات.

بهذا، تبرهن القاهرة من جديد على أن علاقتها بفلسطين ليست مجرد تضامن، بل شراكة حقيقية في الصمود والبناء، وأن التعليم سيبقى واحدًا من أقوى أدوات مقاومة الظلم والاحتلال.

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك