ولدت "هنومة حبيب خليل علي" في مدينة القاهرة في يوم السبت 3 ديسمبر 1921 لأب تركي وأم سودانية. ودرست الفن التشكيلي في مدرسة الفنون الجميلة في درب الجماميز بالقاهرة.

شهد مقهى "جروبي" الشهير بـ وسط القاهرة بداية مشوارها الفني عندما كانت تجلس مع مجموعة من أصدقائها في وجود المخرج المصري محمد كريم في المقهى. تقدم كريم منها وعرض عليها أن تمثل في السينما.

تتحدث مديحة يسري عن هذا اللقاء فتقول: كنت أفكر في رد فعل والدي عندما يسمع بهذه الفكرة فهو رجل شرقي متمسك بالتقاليد وبالتأكيد لن يوافق على فكرة العمل كممثلة.. إلا إنى واصلت الاستماع لمحمد كريم بانتباه إذ ظل يخبرني أنه مؤمن بأنني الفتاة المثالية للوقوف أمام محمد عبد الوهاب وذلك بفضل عيني السوداء التي تميز الفتيات المصريات.

إلا أن الأمور سارت على ما يرام وشاركت "هنومة" في المشاهد الأولى من فيلم "ممنوع الحب" حيث غنى لها محمد عبد الوهاب أغنيته الشهيرة "بلاش تبوسني في عنيا" .. كان الدور صغيرا وغير مؤثر، كما أنها لم تتكلم سوى بعبارات قصيرة جدا .. ثم اختارها محمد كريم للقيام بدور صغير في فيلم رصاصة في القلب مع محمد عبد الوهاب في سنة 1944 ومن الغريب أن اسمها لم يظهر في مقدمة هذين الفيلمين.

لقبت مديحة يسري بلقب " سمراء النيل" واختارتها مجلة تايم الأمريكية كواحدة من أجمل 10 سيدات في العالم في فترة الأربعينيات.

بلغت أعمال مديحة يسري السينمائية حوالي 90 فيلمًا تنوعت ما بين الكوميديا والرومانسية والتراجيدية. كما شاركت بالتمثيل أمام رباعي الغناء السينمائي الكبار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش ومحمد فوزي وعبد الحليم حافظ وهو الأمر الذي لم يفعله من ممثلات جيلها سوى صديقتها فاتن حمامة.

تم اختيار خمسة من أفلام مديحة يسري ضمن قائمة أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية وهي أفلام:
حياة أو موت، الخطايا، أمير الانتقام، النائب العام، رصاصة فى القلب

كما كان لها عدد من الأفلام المميزة التي نذكر منها : فاطمة وماريكا وراشيل ، الأفوكاتو مديحة ، ياسمين ، لحن الخلود ، بنات حواء ، خلي بالك من جيرانك ، أيوب ، لا تسألني من أنا ، الإرهابي.

كما شاركت في عدد من المسلسلات التليفزيونية مثل هوانم جاردن سيتي، الباقي من الزمن ساعة، صباح الورد.

بعد انفصالهما تزوجت مديحة يسري من الفنان أحمد سالم عام 1946، ولكنها زيجة لم تستمر طويلاً إذ مات سالم في عام 1949.

ومات ابنهما الوحيد وهو في السابعة والعشرين من عمره

مدسحة يسرى ومحمد فوزى

ثم تزوجت من الفنان محمد فوزي في عام 1952 واستمر زواجهما طوال عشر سنوات، وساندته في تأسيس شركة الأسطوانات الخاصة به، كما اشتركت معه في بطولة العديد من الأفلام ذات الطابع الكوميدي مثل فيلم «فاطمة وماريكا وراشيل» ، «آه من الرجالة»، و«بنات حواء» الذي قدمت فيه دور رئيسة جمعية المرأة تساوي الرجل. في عام 1955 أنجبت ابنهما الوحيد "عمرو محمد فوزي" والذي مات شابا في حادث سيارة في عام 1982.

أما آخر زيجاتها فكانت من  الشيخ إبراهيم سلامة الراضي ، شيخ مشايخ الطريقة الحامدية الشاذلية الصوفية في سنة 1972 و انفصلت بعد 3 سنوات من الزواج، بعدما علمت خبر رجوعه مرة أخرى إلى زوجته الأولى.

العقاد رآى صورتها في احدى المجلات فكتب العديد من القصائد عشقا لها.

عشق العقاد لـ مديحة يسرى

عشق عملاق الأدب العربي عباس محمود العقاد الفنانة مديحة يسري عندما رأى صورتها عام ١٩٣٩ في إحدى المجلات وكانت وقتها وجها سينمائيا جديدا، وفي قصة العشق هذه ما يُذكرنا بارتباط الادب بالفن عندما أحب الروائي الشهير آرثر ميلر أيقونة الجمال مارلين مونرو، وكان العقاد في الخمسين من عمره وقتها فقام بكتابة العديد من القصائد للتعبير عن حبه وولعه بها وقد أرادها أن تُلازم البيت ولا تتحرك منه فقد كان يُغار عليها كثيرًا وحدث أنْ فكر بالقيام بحيلةٍ حتى يُنفذ رغبته هذه حين طلب منها غزل بلوڤر من الصوف له، فانصاعت لرغبته وذهبت معه إلى المحل لشراء مستلزمات صنع البلوڤر؛ لكنها كانت من الذكاء بحيث فهمت المقصود من حيلته فعادت بمفردها إلى المحل بعد أن أُخذت قياساته الخاصة بالبلوڤر، وأعطتهم المقاسات لكي يصنعوا له البلوفر، وعندما عرف أنها أدركت خطته كتب فيها قصيدة "خوفي فأنتِ أحلى من الوفاء" فكتب يقول:

 "أنّ في كل شكة إبرة فكرة"

واستطرد بقوله:

هنا هنا عند قلبي
يكاد يلمس حبي
وفيه منك دليل على المودة .. حبي
ألم أنها منك فكرة
في كل شكة إبرة
وكل عقدة خيط
وكل جرة بكرة

إن حب هنومه حوّله إلى روميو خاصة مع انتظام وتعدد زياراتها له في منزله فقام بنظم الشعر فقال تريدين قلبي .. خذيه خذيه رويدك لا .. دعيه دعيه أخاف على البعد أنْ تلعبي به يا بُنية وتهمليه فكم لعبة وقعت من يديكِ وقوعا أرى القلب لا يشتهيه تريدين قلبي .. خذيه خذيه ولكن بربك لا تقتليه.

لكن كان العقاد دقيقا في مواعيده؛ لذا كان يرى أنْ من ينتظم في مواعيده فهذا دليلٌ على الحب إلا أنّ مديحة بدأت تتأخر عليه ٢٠، ٣٠ دقيقة فبدأ يتذمر من ذلك وبعد أنْ كان يفتح الباب قبل ميعادها منتظرا لها، قام بغلقه ولم يفتحه خاصةً بعد أن رآها من شُرفة منزله تنزل من سيارة ملاكي لا أجرة، وتنتظرها حتى تنتهي من زيارته فدبت في أوصاله الغيرة وكتب خذي عشيقين مثلي لا، بل خذي الناس طرا يلقاك هذا بليل وذلك يلقاكِ ظهرا أنْ تخدعي رب نبل يخدعك نذلان مكرا وتشربي الشهد مُرا حتى يُقال جننت قد هنت والله هنت.

كما أشيع أن الشاعر عبدالمنعم السباعي قد أحبها وكتب فيها قصيدة أروح لمين التي غنتها الست عام ١٩٥٨ ، أي أن مديحة وقتها كانت بعمر السابعة والثلاثين.

اعتزلت مديحة يسري العمل الفني في 2012 ورحلت عن عالمنا في الساعات الأولى من يوم الأربعاء 30 مايو 2018، عن عمر يناهز 97 عاما بعد صراع طويل مع المرض.

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل