على هامش العدد الأول من مجلة المحكمة الدستورية (2) - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة
جو 24 :

سبقت الإشارة في المقال الأول من هذه السلسلة إلى أن المحكمة الدستورية أصدرت مؤخرًا العدد الأول من مجلتها، وقد خصصته لما صدر عنها من أحكام وقرارات منذ إنشائها عام 2012 حتى نهاية العام 2024؛ أما الأحكام فهي ما صدر عن المحكمة عند ممارسة دورها في الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة، وأما القرارات فهي ما صدر عنها عند ممارسة دورها الآخر وهو تفسير النصوص الدستورية.

ويشير العدد الأول من المجلة إلى أن المحكمة لم تتلق أي طعن بعدم الدستورية من مجلس الأعيان أو مجلس الوزراء، في حين أنها تلقت (4) طعون بعدم الدستورية من مجلس النواب؛ واحد منها حكمت المحكمة بقبوله موضوعًا وبالنتيجة عدم دستورية النص محل الطعن، وطعن آخر ردته المحكمة "موضوعًا" وبالنتيجة أكدت المحكمة دستورية النص محل الطعن، أما فيما يتعلق بالطعنين المتبقيين فقد ردتهما "شكلًا" لوجود عيب في إجراءات تقديم الطعن (الحكم رقم 6 لسنة 2013، والحكم رقم 5 لسنة 2018)، علمًا بأن مجلس النواب لم يتدارك الخلل الذي اعترى تلك الطعون، فلم يعد تقديم الطعن بعدم الدستورية الذي ردته المحكمة بعد مراعاة الشكلية المطلوبة لقبول الطعن.

إن رد المحكمة هذين الطعنين يعد ترسيخًا لمبدأ سيادة القانون، فجميع الجهات المخاطبة بالقاعدة القانونية تخضع لأحكامها ويتعين عليها مراعاتها، فلا مكان في دولة القانون لإعمال القاعدة القانونية على جهة دون الأخرى.

إلا أنه من جانب آخر فإن رد الطعون المقدمة من مجلس النواب لخلل في الإجراءات (رد الطعن شكلًا) يعد مؤشرًا على أن الطعن لم يأخذ حقه من الإعداد القانوني بما يتوافق مع ما تطلبه المشرع لقبول الطعن، ففيما يتعلق بالحكم رقم (6) لسنة 2013 فقد ردت المحكمة الدستورية الطعن "شكلًا" واعتبرت أن طلب مجلس النواب المتمثل بـ: "النظر في قانون البلديات ... وبيان ما إذا كانت هناك شبهة دستورية تعتري المواد الثانية، والثالثة، والخامسة، والثامنة، والسادسة والعشرين، والثالثة والثلاثين، والسادسة والأربعين" لا يعد طعنًا إنما طلبًا استشاريًا يخرج عن اختصاص المحكمة الدستورية كونها جهة حكم في الطعن بعدم الدستورية وليس من اختصاصها تقديم الاستشارات.

وفيما يتعلق بالحكم رقم (5) لسنة 2018 فقد ردت المحكمة الدستورية الطعن "شكلًا" حول طلب مجلس النواب اعتبار المادة (35) من قانون الكهرباء غير دستورية؛ لأن المجلس لم يراع المادة (9/ب) من قانون المحكمة الدستورية؛ فلم يدرج ذلك الطلب ضمن أسباب الطعن الواردة في اللائحة، ولأنه أيضًا لم يحدد وجه مخالفة تلك المادة للنص الدستوري.

وعليه، ولضمان مراعاة الشكل والإجراءات المطلوبة لقبول الطعن بعدم الدستورية وبالنتيجة عدم تكرار رد الطعن "شكلًا" فقد يكون من الملائم تشكيل لجنة في مجلس النواب، وأخرى مماثلة في مجلس الأعيان تعنى بدراسة النصوص التي يحيلها إليها المجلس وتتأكد من شبهة عدم الدستورية وتتخذ ما يلزم لإعداد الطعن- أو تعديل النظام الداخلي لإناطة تلك المهمة للجنة القانونية في المجلس- تمهيدًا لتقديم رئيس المجلس طلب الطعن إلى المحكمة الدستورية إعمالًا لنص المادة (9/ب) من قانون المحكمة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق