تراجعت أسعار الذهب من أعلى مستوياتها القياسية لتصل إلى حدود 3000 دولار للأوقية، وسط موجة بيع عالمية أثارتها التوترات التجارية الأخيرة وقرارات الإدارة الأمريكية، خاصة بعد فرض الرئيس دونالد ترامب رسومًا جمركية جديدة، وفق ما أفادت منصة "أف إكس ستريت".

سعر الذهب: خسائر حادة

واصل الذهب خسائره ليسجل أدنى مستوى له في أسبوع عند 3,015 دولارًا للأوقية، قبل أن يتعافى قليلًا عقب خطاب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الذي أشار إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى تسارع التضخم مجددًا. وجرى تداول الذهب لاحقًا عند 3,029 دولارًا، بانخفاض بلغت نسبته 2.70%.

خطاب باول يزيد الضغط على الذهب

وسط تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، أكد باول أن الرسوم الجمركية الجديدة قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد الأمريكي، عبر تباطؤ النمو وارتفاع التضخم. في الوقت ذاته، كشف عن توجهات الفيدرالي الأمريكي نحو تيسير السياسة النقدية في الفترة المقبلة.

تقلبات حادة في الأسواق بعد قرارات ترامب

أثار إعلان ترامب يوم الخميس الماضي فرض رسوم جمركية تبادلية بنسبة لا تقل عن 10% على واردات من 180 دولة، ما وصفته إدارته بـ"الممارسات التجارية غير العادلة"، صدمةً في الأسواق العالمية، وأدى إلى تقلبات عنيفة في أسواق الأسهم الأمريكية والآسيوية والأوروبية.

الذهب يتخلى عن مستوياته التاريخية

وفقًا لبيانات "تريدينج فيو"، انخفضت أسعار الذهب بنسبة 2.42% أو ما يعادل 130 دولارًا، ليُتداول عند 3,037 دولارًا للأوقية، هبوطًا من أعلى مستوى تاريخي سجله عند 3,168.04 دولارًا.

صناديق التحوط تسجل أسوأ خسائر منذ كورونا

كشفت صحيفة فاينانشال تايمز أن العديد من صناديق التحوط تعرضت لخسائر هي الأكبر منذ جائحة كوفيد-19، خاصة عقب قرار ترامب بفرض الرسوم الجمركية. وقال المحلل في "ستاندرد تشارترد"، سوكي كوبر: "عادةً ما يُنظر إلى الذهب كأصل دفاعي، ومن غير المألوف بيعه بعد حدث محفوف بالمخاطر بالنظر إلى دوره كملاذ آمن في المحافظ الاستثمارية".

من الصعود القياسي إلى التراجع المفاجئ

منذ بداية العام، سجّل الذهب مكاسب قوية، إذ ارتفع من 2,658 دولارًا إلى المستويات الحالية، بمعدل نمو بلغ 15.73%، مستفيدًا من حالة عدم اليقين الاقتصادي بعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية.
اقرأ أيضاً: لماذا يعتبر الذهب ملاذاً آمناً جيداً حتى الآن رغم ارتفاع أسعاره؟

خبير اقتصادي: "لا قواعد ثابتة في الذهب"

من جهته، قال إيليا سبيفاك، رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في شبكة "تايستي لايف":
"الذهب يرتفع عادةً استجابةً لحالات عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي التي يصعب تسعيرها. ولكن ما إن تجد الأسواق طريقة لتسعير تلك المخاطر، يتلاشى الدعم تدريجيًا".

توقعات أسعار الذهب 2025 – 2026

رفع بنك HSBC توقعاته لسعر الذهب، مشيرًا إلى استمرار حالة عدم اليقين العالمية. وتوقّع البنك أن يبلغ متوسط السعر 3015 دولارًا للأوقية في 2025، و2915 دولارًا في 2026، وهي توقعات أعلى بكثير من تقديراته السابقة البالغة 2687 دولارًا و2615 دولارًا على التوالي.
وعزا البنك هذه التعديلات إلى عدة عوامل أبرزها الحرب في أوكرانيا، وتصاعد النزاع في الشرق الأوسط، وتحولات محتملة في السياسة الخارجية الأمريكية.
اقرأ أيضاً: لماذا تتقلب أسعار الذهب بشدة حالياً.. وما توقعات المعدن النفيس؟
كما حذر من أن أي تعافٍ في الدولار الأمريكي بنهاية 2025، قد يُقيد صعود الذهب خاصة إذا لم يتم خفض أسعار الفائدة كما هو متوقع في 2024.

جولدمان: تراجع الذهب الحالي فرصة للشراء

وصف بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس الانخفاض الأخير في أسعار الذهب بأنه فرصة جيدة للشراء، مؤكدًا أن الذهب يبقى أحد أقوى الفرص الاستثمارية في أسواق السلع.
وفي أحدث مذكرة له، أرجع البنك هذا الهبوط إلى عوامل فنية مؤقتة، مثل تصفية مراكز استثمارية، وضعف سوق الأسهم، والتحوّل نحو الأصول البديلة
وأضاف: "نُبقي على توقعاتنا بأن يبلغ سعر الذهب 3300 دولارًا للأوقية بنهاية العام، مع نطاق تداول مستهدف بين 3250 و3520 دولارًا".

الذهب تحت ضغط... والدعم القادم عند 2937 دولارًا

فنياً، لا يزال الذهب يتعرض لضغوط بيعية قوية. وإذا أغلق السعر يوميًا تحت 3000 دولار، فمن المرجح أن يستهدف مستوى الدعم التالي عند المتوسط المتحرك لـ 50 يومًا البالغ 2,937 دولارًا، يليه مستوى 2900 دولار للأوقية.