تشهد الساحة الإقليمية تحولات ميدانية كبيرة مع تصاعد تقدم فصائل المعارضة المسلحة في سوريا، وتراجع الجيش السوري والميليشيات الإيرانية شمال البلاد، ما أثار قلقًا بالغًا لدى المليشيات الحوثية في اليمن، التي ترى في هذه التطورات تهديدًا مباشرًا لمصيرها، خاصة في ظل الضغوط الدولية المتزايدة نتيجة لتهديداتها المستمرة للأمن الإقليمي والدولي.

التطورات الميدانية وتأثيرها الإقليمي

التحركات المفاجئة لفصائل المعارضة في حلب وإدلب تُقرأ على نطاق واسع كمحاولة دولية لتقويض دور القوى الموالية لإيران في المنطقة العربية، بما فيها المليشيات الحوثية التي تعد ذراعًا رئيسيًا لطهران في اليمن.

الهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر والخليج العربي شكلت عامل ضغط دولي، دفع العديد من القوى إلى اتخاذ مواقف صارمة تجاه الجماعة، باعتبارها تهديدًا خطيرًا للملاحة الدولية.

ارتباطات الحوثيين بالنظام السوري

منذ اندلاع الحرب السورية، أقامت مليشيا الحوثي علاقات وثيقة مع النظام السوري، مدعومةً بالمحور الإيراني. وعلى مدى السنوات، تلقت عناصر حوثية تدريبات عسكرية في سوريا، تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني. ومع انسحاب الميليشيات الإيرانية من مواقعها في سوريا، تتزايد مخاوف الحوثيين من أن مصيرًا مشابهًا قد ينتظرهم.

استعدادات حوثية لمواجهة التصعيد

في ظل هذه التحولات، صعّدت مليشيا الحوثي من تحركاتها العسكرية والأمنية. ففي محافظة الحديدة، على ساحل البحر الأحمر، أجرت الجماعة تغييرات جذرية في قياداتها الأمنية، ونقلت أسلحة وصواريخ إلى مناطق أخرى، خشية استهدافها.

من جهة أخرى، أظهرت تصريحات قيادات حوثية مثل مهدي المشاط ومحمد علي الحوثي تحذيرات من تصعيد محتمل تقوده الولايات المتحدة وحلفاؤها، مشيرين إلى أن أي هجوم على مواقعهم سيقابل بردود قاسية، وفق زعمهم.

قراءة في الموقف الدولي والإقليمي

يؤكد محللون سياسيون أن تطورات المشهد السوري قد تمهد الطريق لتحركات عسكرية ضد الحوثيين في اليمن، لا سيما في المناطق الساحلية الحيوية.

الباحثة ميساء شجاع الدين أشارت إلى أن الحوثيين كانوا في حالة نشوة مع بداية الحرب في غزة، لكنهم يعيشون الآن حالة من القلق والذهول نتيجة توسع الصراع ليشمل حزب الله في لبنان.

في السياق ذاته، يرى المحلل السياسي جمال العواضي أن التصعيد ضد الحوثيين قد يبدأ من الحديدة، كونها تمثل قاعدة لتهديد الملاحة الدولية.

استنتاجات وتوقعات

تواجه مليشيا الحوثي تحديات متزايدة مع تراجع حلفائها الإقليميين، وتزايد الاستعدادات الدولية لتحجيم دورها.

التطورات الميدانية في سوريا قد تكون مقدمة لخطوات مشابهة في اليمن، حيث يتوقع أن تُكثّف القوات الحكومية عملياتها بدعم دولي، لإنهاء التهديد الحوثي في المناطق الساحلية.

هذا الوضع المتغير يضع الحوثيين في موقف دفاعي صعب، ويعزز احتمالات تصعيد عسكري كبير في المستقبل القريب.