نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المخرج المسرحي ليمي بونيفاسيو في لقاء حصري مع "وات" : "عودة النجم" دعوة لإعادة اكتشاف ماهية الإنسان - عرب فايف, اليوم الخميس 21 نوفمبر 2024 09:05 مساءً
نشر في باب نات يوم 21 - 11 - 2024
(حاوره أحمد القداح) - يقدم المخرج المسرحي ليمي بونيفاسيو عمله المسرحي الجديد "عودة النجم" في عرضه العالمي الأول يوم السبت 23 نوفمبر وهو العرض الافتتاحي للدورة الخامسة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية التي ستتواصل إلى غاية يوم 30 نوفمبر 2024 .
وبمناسبة حلوله لأول مرة في تونس وتقديم عمله لأحباء الفن الرابع (بقاعة الأوبرا بمدينة الثقافة يومي 23 و24 نوفمبر)، كان لهذا المخرج الشهير، لقاء حصري مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات)، تحدث فيه عن مسيرته الفنية وعن الفلسفة التي ترتكز عليها أعماله، كما سلط الضوء على هذا العمل الجديد، الذي يمزج فيه بين التعبيرات الجسمانية والروحانيات والتقنيات الحديثة.
...
في حديثه مع "وات" تحدث بونيفاسيو كذلك عن تصوراته ورؤيته الفنية عموما، معتبرا أن ما يقدمه "ليس مسرحيات بل هي أعمال فنية"، يتناول فيها علاقة الإنسان بالإنسان وعلاقة الإنسان بالطبيعة وبالكون عموما.
وبين أنه يدعو من خلال أعماله التي تطرح عديد القضايا الوجودية، إلى البحث عن هوية الإنسان وجذوره، استنادا إلى ثلاثة عناصر وهي الذاكرة والطبيعة والعواطف/الأحاسيس في علاقة بماضي الإنسان وتجاربه المعيشية.
والفنان المبدع الشهير ليمي بونيفاسيو هو فنان ومخرج مسرحي وهو مصمم رقص "كوريغرافي"، من دولة ساموا (جنوب المحيط الهادي بين هاواي وأستراليا)، معروف بتأملاته العميقة حول الإنسانية والقضايا البيئية والثقافية، وماهية الوجود.
// الفن بما هو رحلة تواصل //
يقول بونيفاسيو "أعتقد أن كل محاولة لتقديم عرض منطلقها دائمًا فكرة واحدة"، مضيفا أن المسألة تتعلق بمحاولة إيجاد الرابط بين عدة أشياء في الحياة منها بالخصوص علاقة الإنسان بالإنسان، وعلاقة الإنسان بالطبيعة وعلاقته بالكون بوجه عام.
من "طيور مع مرايا السماء" الذي يطرح فيه قضية التغيرات المناخية، إلى "البيت القرمزي" الذي ينقد فيه المراقبة وهيمنة السلطة، في المجتمع الحديث، يتتبع بونيفاسيو خطّا ناظما في مختلف أعماله، يقول "في كل أعمالي لدي نفس الشعور تقريبا وهو البحث عن سيرورة الحياة".
// العودة إلى الجذور مع "عودة النجم" //
لدى سؤاله عما إذا كان سيواصل نفس التمشي في عمله الأخير "عودة النجم" الذي قدم عرضه الأول يوم 8 نوفمبر الحالي في الصين، وسيقدم عرضه العالمي الأول في تونس قبل جولة أوروبية مع بداية سنة 2025، أوضح بونيفاسيو أن هذا العمل، الذي يتناول فيه التقاليد الثقافية لمجموعة "اليي" العرقية في الصين، يحمل دعوة لإعادة النظر في القيم الأساسية المغروسة بداخلنا، قائلاً "إنها بمثابة دعوة للعودة"، ولكنه يؤكد أن هذه العودة للجذور، هي للبحث عن الهوية، عن الذات، عن الوجود، وليست بأي شكل من الأشكال عودة إلى الماضي.
ويرى بونيفاسيو أن دور الفنان هو أن يأخذ الناس إلى جذورهم حيث ينهلون من أصولهم ليوجدوا لأنفسهم مرة أخرى مكانا في العالم.
"في عودة النجم تتشابك الذاكرة مع الهوية والتقاليد، وتستكشف صداها في حياتنا المعاصرة"، هكذا تحدث بونيفاسيو عن هذا العمل مبينا أن "هذه العودة لا تعني استعادة الطرق القديمة"، بل هي بمثابة المشي في طريق متغير غير ثابت، يقول : " آمل أن نتمكن من رؤية الطريق جيدا كيف هو، وكيف كان، وكيف سيكون الطريق الذي نتجه نحوه"
"عودة النجم" عمل يجمع فنانين من الصين، وهو اختيار من المخرج يؤكد التزام بونيفاسيو ببناء الجسور بين الثقافات، فهو يرى أن "الجسد وعاء حي يحمل صاحبه إلى عالم الأسلاف" فكل فكرة، وكل حركة هي جزء من سلسلة متصل بعضها ببعض، "إنهم معك، يشجعونك وينتقدونك"، يقول بونيفاسيو متحدثا عن حضور الأسلاف في حياتنا.
// تونس أولى المحطات العالمية //
يعتبر بونيفاسيو أن تونس تعدّ نقطة انطلاق هامة لعمله "عودة النجم" إذ يقول: "بالنسبة لي، هي استمرار لعملي المتعلق بتلاقي شعوب العالم، وتبادل الأفكار وتجسير الخلافات".
ويرى أن الفن الذي يقدمه يحفّز الجماهير على النظر إلى العالم من خلال عدساتهم الفريدة، بشكل لا تشوبه شوائب الفلسفات الخارجية، مضيفا "لقد هيمنت العديد من الثقافات على ثقافاتنا، بسبب الاستعمار حينا والتعليم أوالدين أحيانا أخرى. فالسؤال الذي أطرحه باستمرار في مختلف أعمالي هو "أي معنى للوجود؟".
وأوضح أن هذه الروح تتماشى بسلاسة مع التاريخ الثقافي الثري لتونس التي تمثل مفترق طرق بين التقاليد والحداثة، مما يجعلها مسرحًا مثاليًا لبونيفاسيو يستكشف من خلالها معاني الهوية والانتماء.
// لا لتطويع العمل وفق الجمهور //
بعد تقديم آخر أعماله في الصين، تحدث بونيفاسيو عن رفضه لفكرة تطويع "عودة النجم" إلى الجمهور التونسي قبل عرضه في افتتاح أيام قرطاج المسرحية تماشيا مع السياقات الثقافية المتنوعة، وبين في حديثه مع "وات" أن كل جمهور له رؤيته الكونية الخاصة إلى المسرحية، معتبرا أن طرح مواضيع كونية تهم الأسرة والمجتمع والبحث عن المعنى، يستقي أهميته من تقاطع الثقافات.
ويرى أن تكييف العمل لعرضه أمام جماهير معينة، ليس فكرة جيدة، فهو يعتبر أن جوهر دوره كفنان لا يتمثل في تغيير العمل من عرض الى آخر بل في تقديم تعبير أصيل عن الجمال وعن الحقيقة، ويؤكد لوات : "مهمتي هي البحث عن أجمل الأشياء وتقديمها للناس. لا أريد تعديل ذلك." وتعكس هذه الفلسفة إيمان ليمي بونيفاسيو بعالمية التجربة الإنسانية.
وفي إجابة عن سؤال يتعلق بأوجه التشابه بين مهرجان الشعلة الذي يقيمه شعب "يي" في الصين والتظاهرات التي تقام في تونس خاصة في حفلات الزفاف التقليدية وخلال شهر رمضان، قال بونيفاسيو "إن الثقافة مسألة صعبة، فما يشترك فيه الناس في الحياة هو أكثر أهمية من الثقافة".
وينظر هذا الفنان إلى الاحتفالات الجماعية على أنها تعبيرات عالمية عن المرونة والتحول وفرحة الحياة. ويرى أنه لا فرق بين الاحتفالات في البلدين، لافتا إلى أن مهرجان الشعلة الخاص بشعب يي "هو ببساطة احتفال بكيفية وصولهم إلى هذه اللحظة من الحياة".
// تفكير ورؤية وليس حكاية تروى //
قبل يومين من عرض "عودة النجم" بفضاء مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة يتحدث بونيفاسيو عن توجهاته ونواياه الفنية قائلا لست راوي حكايات وقصص بل أنا أهدف من خلال عملي إلى خلق "لحظة من الشاعرية، لحظة خالدة"، وأحرص على دعوة الجماهير إلى التفكير في ماهية وجودهم واختياراتهم في الحياة.
وتعكس هذه الرؤية الفلسفية لبونيفاسيو مهمة أكبر له تتمثل في تحدي هيمنة سردية المركزية الأوروبية في الفن، إذ يرى أن "عالم المسرح والفن والثقافة تهيمن عليه طرق التفكير الأوروبية"، قائلا : "بالنسبة لي، هذا الأمر عنيف للغاية".
وينتقد كيف يتم في كثير من الأحيان إعادة صياغة ممارسات السكان الأصليين والتقليل منها باعتماد المصطلحات الغربية، مثل كلمة "الرقص"، ويوضح الأمر قائلا "في ثقافتي، ليس لدينا كلمة تسمى "الرقص"، فحين تستبدل ثقافتي بهذه الكلمة، فإنك تدمر تمامًا قيمة وجودنا ومعناه والهدف منه".
وفي لقائه مع "وات" يتحدث بونيفاسيو عن حرصه على أهمية أن يكون عمله ملهما للأجيال القادمة من الفنانين، لربط الصلة مع جذورهم وخلق فن يحمل وجهات نظرهم الخاصة. فالثقافات في نظره لها حقائق متعددة وآفاق متنوعة وأشكال واهتمامات مختلفة، وهو يؤكد "مهمتي هي تشجيع الفنانين الشباب على العودة إلى جذورهم والقيام بأعمالهم انطلاقا من تجاربهم المعيشية ومن رؤيتهم الكونية".
// فرصة لبحث فرص التعاون //
إن تقديم "عودة النجم" في تونس ، هو في تقدير المخرج بونيفاسيو ليس مجرد عرض بل فرصة للتشبيك والتواصل إذ يقول "وجودي هنا، لتقديم العرض يعد فرصة للقاء الجمهور والاطلاع على الثقافة التونسية". ولا يخفي من جهة أخرى تطلعه أيضًا إلى استكشاف فرص التعاون مع الفنانين التونسيين في المستقبل.
ويختم بونيفاسيو حديثه قبيل انطلاق أيام قرطاج المسرحية بالتأكيد على أن الفن ليس أداة يقع فرضها على الجمهور بل هو جسر للتواصل، ومساحة للتأمل والتفكير.
ترجمته من الإنقليزية : ريم قاسم
تابعونا على ڤوڤل للأخبار
.
0 تعليق