في قلب مكة المكرمة، وعلى أعتاب «رؤية السعودية 2030» الطموحة، ينعقد منتدى مكة للحلال 2025، ليس كحدثٍ عابرٍ، بل محطة فارقة في مسيرة الاقتصاد العالمي. وعندما نتحدث عن سوق الأغذية الحلال، التي يُقدَّر إجمالي إيراداتها بنحو 5.3 تريليون دولار بحلول عام 2024، فإننا لا نتحدث عن أرقام مجردة، بل عن قوة اقتصادية هائلة تتشكَّل ملامحها في هذا المنتدى؛ فصناعة الحلال اليوم، ليست مجرد قطاعٍ متخصصٍ، بل هي محركٌ تنمويٌّ مستدامٌ يمتد تأثيره ليشمل دولاً وقارات، ويفتح آفاقاً واسعة أمام الشباب ورواد الأعمال.

ويبرز منتدى مكة للحلال 2025 بوضوح كيف يمكن لصناعة الحلال أن تكون قوة دافعة للتنمية المستدامة. والمملكة العربية السعودية، بقيادتها الحكيمة، تستثمر في هذا القطاع الحيوي، وتجعله جزءاً لا يتجزأ من رؤيتها الاقتصادية المتنوعة. والمنتدى، بشعاره «التنمية المستدامة عبر صناعة الحلال»، يؤكد أننا أمام صناعة قادرة على تحقيق النمو الاقتصادي المتوازن، مع مراعاة الجوانب الاجتماعية والبيئية. هذه الرؤية تتجاوز حدود المملكة، لتشمل مختلف الدول والقارات، التي تسعى لتحقيق التنمية المستدامة.

وتتجلَّى الأهمية الاستراتيجية للمنتدى في كونه منصةً عالميةً تجمع شركات ومؤسسات من 150 دولة. وهذا التنوع الهائل يعكس الثقل العالمي لصناعة الحلال، والرغبة المشتركة في تأسيس شراكات استراتيجية تُعزز التجارة العالمية للمنتجات الحلال. المنتدى ليس فقط مكاناً لعقد الصفقات، بل هو حاضنة للابتكار والنمو، يُتيح الفرص للشركات الناشئة لتوسيع أعمالها في الأسواق العالمية، ويمنحها الدعم اللازم لتحقيق النجاح. هذه الشراكات العالمية ستُسهم -بلا شك- في تطوير معايير الجودة والابتكار في صناعة الحلال، ورفع مستوى المنافسة، بما يصبُّ في مصلحة المستهلك النهائي.

وفي اعتقادي، فإنَّ منتدى مكة للحلال 2025 يمثّل خطوةً كبيرةً ونوعيةً نحو تعزيز اقتصاد صناعة الحلال عالمياً، ويفتح آفاقاً واسعة لصناعة الحلال؛ كي تتبوأ مكانتها اللائقة مُحركاً أساسيّاً في منظومة الاقتصاد العالمي، وإن حجم التوقعات والآمال المعلقة على هذا القطاع تتجاوز الأرقام والتريليونات، لتلامس جوهر التنمية المستدامة التي تسعى إليها دول العالم، وخلال انطلاق فعاليات المنتدى، تتجه الأنظار إلى مكة المكرمة، ليس فقط لأنها مهد للرسالة، بل منصة انطلاق لمرحلة جديدة من النمو والازدهار في صناعة الحلال العالمية.