من المتوقع أن تدفع حالة عدم اليقين المستمرة في السوق أسعار الذهب إلى مستويات قياسية جديدة في المستقبل القريب، خاصة مع تكثيف الصين لمشترياتها من المعدن الأصفر، والتي تسرع توقعات وصول سعر الذهب لـ 3000 دولار وفق ما ذكرت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست".
وشهدت نهاية الأسبوع الماضي انخفاضًا طفيفًا في الأسعار بسبب جني الأرباح بعد المكاسب القوية التي سجلت في وقت سابق من الأسبوع وجاء هذا الانخفاض متأثرًا باقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتخفيف العقوبات على روسيا كجزء من صفقة محتملة لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا

الذهب.. طلب متزايد وسط التقلبات

لا يزال المشهد المالي متقلبًا حيث تضيف سياسات ترامب التجارية إلى المخاوف الاقتصادية العالمية فبالإضافة إلى فرض تعريفات جمركية بنسبة 25% على السيارات والأدوية والرقائق الدقيقة قام بتوسيع التعريفات الجمركية على الأخشاب والسلع الأخرى.
وقد أدت هذه السياسات إلى تأجيج قلق المستثمرين مما أدى إلى زيادة الطلب على الذهب كأداة تحوط.
اقرأ أيضاً: لماذا يعتبر الذهب ملاذاً آمناً جيداً حتى الآن رغم ارتفاع أسعاره؟

مشتريات الذهب في الصين

وقال لاعبون في الصناعة إن قرار الصين بالسماح لشركات التأمين الخاصة بالاستثمار في الذهب من شأنه أن يوجد مجموعة جديدة من المشترين ويكمل عمليات الشراء التي تقوم بها البنوك المركزية العالمية، مما قد يدفع الأسعار إلى مستويات جديدة.
وارتفع سعر الذهب بأكثر من 12% هذا العام إلى مستوى قياسي بلغ 2954 دولارا للأوقية (28.3 جراما) يوم الخميس المنصرم وفقا لبيانات جمعتها رويترز.
اقرأ أيضاً: لماذا تتقلب أسعار الذهب بشدة حالياً.. وما توقعات المعدن النفيس؟
وجاء الارتفاع بعد ارتفاع بنسبة 26% في عام 2024 وهو أكبر مكسب سنوي في 14 عاما بينما رفع بنك "جولدمان ساكس" توقعاته إلى ما بين 3100 و3300 دولار للأوقية لعام 2025.

تنويع الاستثمارات باستخدام الذهب

في السابع من فبراير، أعلنت بكين أن 10 شركات تأمين رئيسية سوف يُسمح لها بتخصيص ما يصل إلى 1% من أصولها في الذهب لتنويع استثماراتها.
وقال ستيفن إينيس الشريك الإداري لشركة "إس بي آي" لإدارة الأصول ومقرها بانكوك إن التدفقات قد تصل إلى 27 مليار دولار.
كان ارتفاع أسعار الذهب في الأشهر الأخيرة مرتبطًا إلى حد كبير بتصاعد التوترات الجيوسياسية في الفترة التي سبقت فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر فقد اندلعت حرب تعريفات جمركية بعد عودته إلى البيت الأبيض في يناير.

مجلس الذهب العالمي

وبحسب مجلس الذهب العالمي اشترت البنوك المركزية العالمية 1045 طنا من الذهب العام الماضي مقارنة بـ1037 طنا في عام 2023.
وساعد هذا الاتجاه، الذي يرجع إلى التنوع بعيدا عن الدولار الأمريكي في تغذية ارتفاع الذهب نحو 3000 دولار أمريكي.
ويرى محللون إنه "إذا واصل ترامب المضي قدماً في سياساته التجارية وردت دول أخرى فمن المؤكد أننا نستطيع أن سنرى سعر الذهب يتجاوز 3 آلاف دولار في الأسابيع القليلة المقبلة".
وقال المحللان في جولدمان ساكس لينا توماس ودان سترويفن في تقرير صدر في 17 فبراير عندما رفعا توقعاتهما للأسعار "إن ارتفاع الطلب من جانب البنوك المركزية وحده قد يرفع أسعار الذهب بنسبة 9%".
وتنعكس المخاوف الاقتصادية أيضًا في مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيجان لشهر فبراير، والذي أشار إلى انخفاض ثقة المستهلك الأمريكي وسط مخاوف من ارتفاع التكاليف بسبب الرسوم الجمركية.

تباين سوق الذهب

كان لارتفاع أسعار الذهب تأثير متباين على الطلب العالمي ففي الهند أدت الأسعار المرتفعة القياسية إلى تقليص مشتريات المجوهرات حيث وصلت واردات الذهب إلى أدنى مستوى لها في ستة أشهر في يناير.
ومع ذلك، ارتفع الطلب الاستثماري، حيث شهدت صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب تدفقات غير مسبوقة وفقًا لكافيتا تشاكو رئيسة قسم الأبحاث في الهند في مجلس الذهب العالمي.
وفي ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي المستمرة، يتوقع المحللون أن تظل أسعار الذهب في مسار تصاعدي، مما يعزز مكانته كأصل آمن رئيسي في الأسواق العالمية.