نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الإمام محمد بن سعود.. بداية دولة أذهلت العالم - عرب فايف, اليوم الجمعة 21 فبراير 2025 11:28 مساءً
في الـ 48 من عمره، انطلق رجلٌ من الدرعيَّة، يُعرَف بالشجاعة والتأثير، وينتمي إلى بيت عزٍّ وإمارةٍ، ودشَّن وسطَ أوضاعٍ استثنائيةٍ مسارًا جديدًا في التاريخ، عمادُه الوحدة والاستقرار والأمن والرخاء، وركيزته الأولى السعودية، التي أصبحت لاحقًا دولةً عظمى مذهلةً ورائدةً، يبتسم العالم إذا رضيت، ويغضب معها.
وسنويًّا، يحتفل السعوديون في الـ 22 من فبراير بهذه الذكرى، يوم تأسيس الدولة السعودية الأولى، على يدَي الإمام محمد بن سعود، استذكارًا لجذور بلدهم الراسخة التي انطلقت من الدرعية، واحتفاءً بتاريخها، ومحطَّاته المضيئة.
وُلِدَ الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن في الدرعيَّة عام 1679م، الموافق 1090هـ، ونشأ، وترعرع فيها، وتولَّى حكمها في فبراير 1727م، الموافق 1139هـ، ناقلًا إياها من الضعف والانقسام إلى التوحيد والاستقلال السياسي، وهذا التاريخ، هو تاريخ تأسيس الدولة السعودية الأولى.
وبفضل عزم ورؤية الإمام، ومعرفته بأحوال المنطقة، وخبراته التي اكتسبها من العمل إلى جانب والده وجده أثناء توليهما الإمارة، تمكَّن من تحقيق طموحه، وتجسيد عزمه في تأسيس دولةٍ مستقرَّةٍ ومزدهرةٍ.
وعندما تولَّى الإمام الحكم أولَى الأمن والوحدة والاستقرار اهتمامه، واهتمَّ بأمن الدرعيَّة والبلدات والقبائل في محيطها، وحماية طرق الحج والتجارة.
ونظَّم الأوضاع الاقتصادية ، وتوسَّع في بناء وتنظيم أسوار المدينة، وانطلقت بعدها الدولة في توحيد المناطق وسط الجزيرة العربية، لتُشكِّل بداية المرحلة الأولى من السعودية الأولى، التي اكتملت في عهد أبنائه وأحفاده.
ووُصِفَ تأسيسُ الإمام محمد بن سعود الدولةَ السعودية، حينها، بأنه من أهم المشروعات الوحدوية التي لم تعرفها الجزيرة العربية منذ قرونٍ عدة.
وتعكس مرحلة التأسيس شخصية الإمام المحورية في التاريخ السعودي التي مهَّدت لدولةٍ ممتدةٍ منذ قيامها قبل أكثر من ثلاثة قرونٍ.
وتحلَّى الإمام المؤسِّس برؤيةٍ ثاقبةٍ، إذ درس الأوضاع التي كانت تعيشها إمارته والإمارات التي حولَها بشكلٍ خاصٍّ، ووسط الجزيرة العربية بشكلٍ عامٍّ، وبدأ منذ توليه الحكم التخطيط للتغيير عـن النمط السائد في تلك الأيام، فأسَّس لمسارٍ جديدٍ في تاريخ المنطقة، تمثَّل في الوحدة، والتعليم، ونشر الثقافـة، وتعزيز التواصل بين أفراد المجتمع، والحفاظ على الأمن.
وشكَّل الإمام، الذي عُرِفَ عنه التديُّن وحب الخير والشجاعة والقدرة على التأثير، امتدادًا لتاريخ أسلافه الذين بنوا الدرعيَّة وحكموها، وانتقل بها من دولة المدينة إلى الدولة الواسعة، ولما تولَّى الحكم، كانت الأوضاع استثنائيةً حيث عانت الدرعيَّة قُبَيل ذلك من ضعفٍ وانقسامٍ لأسباب متعدِّدةٍ، منها انتشار مرض الطاعون في جزيرة العرب، وتسبُّبه في وفاة أعدادٍ كبيرةٍ من الناس، وفق ما ذكرته «واس».
وتمكَّن الإمام من التغلُّب على كل هذه التحديات، وتوحيد الدرعية، والإسهام في نشر الاستقرار في منطقة العارض.
وكان الإمام محمد بن سعود حكيمًا، وفيًّا، تربَّى في بيت عزٍّ وإمارةٍ، وتعلَّم السياسة، وطرق التعامل مـع الإمارات المجاورة والعشائر المتنقِّلة، وكان له أثرٌ كبيرٌ في استتباب الأوضاع في الإمارة قبـل تولِّيه الحكم.
ومن الأبناء، كان له عبد العزيز، وعبد الله، وسعود، وفيصل، وعلي، ومرخان، ومن البنات هيا وطرفة.
واستفاد الإمام من التجربة التي خاضها في شبابه حين عمِل إلى جانب والده في ترتيب أوضاع الإمارة، ما منحه معرفةً تامَّةً بكل أوضاعها، وشارك في الدفاع عـن الدرعيَّة عندما غزاها زعيم الأحساء، واستطاعت الصمود، ودحر الجيش المعتدي.
وبُنِيَت الدولة في عهد الإمام على مرحلتين، الأولى بين 1727 و1745، ومن أبرز أحداثها توحيد شطرَي الدرعيَّة، وجعلها تحت حكمٍ واحدٍ بعد تفرُّقها في مركزين، والاهتمام بالأمور الداخلية، وتقوية المجتمع، وتوحيد أفراده، وتنظيم الأمور الاقتصادية، إضافةً إلى بناء حي جديدٍ، هو الطرفية في سمحان، انتقل إليه بعدما كان حي غصيبة مركز الحكم مدّةً طويلةً.
ونشر الإمام الاستقرار في الدولة بمجالاتٍ متنوِّعةٍ، والاستقلال السياسي، وعدم الولاء لأي قوةٍ، فيما كانت بعـض بلدان نجد تدين بالولاء لبعض الزعامات الإقليمية.
ومن أهم أحداث المرحلة الأولى إرسالُ أخيه الأمير مشاري إلى الرياض لإعادة دهام بن دواس إلى الإمارة بعد التمرُّد عليه، بناءً عـلى طلب دهام المعونة مـن الدولة السعودية الأولى، والتواصل مـع البلدات الأخرى للانضمام إلى الدولة السعودية، وقدرة الإمام الكبيرة على احتواء زعاماتها، وجعلهم يعلنون الانضمام للدولة والوحدة، وبناء سور الدرعيَّة من أجل التصدي للهجمات الخارجية القادمة إليها مـن شرق الجزيرة العربية.
وغطت المرحلة الثانية من التأسيس الفترة من 1746 إلى 1765، ومن أبرز أعمال الإمام خلالَها بدء حملات التوحيد، وتولِّيه قيادتها، وتوحيد معظم منطقة نجد، وانتشار أخبار الدولة في معظم أرجاء الجزيرة العربية، والقدرة على تأمين طرق الحج والتجارة، فأصبحت نجد من المناطق الآمنة، والنجـاح في التصدي لعدد من الحملات التي أرادت القضاء عـلى الدولة في بدايتها.
وتوفي الإمام محمد بن سعود عام 1179هـ، الموافق 1765م، بعـد 40 عامًا من القيادة والتأسيس.
0 تعليق