مرصد مينا
منذ أكثر من شهر، بدأ حزب الله في استنفار جهوده استعداداً لتشييع أمينيه العامين السابقين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين المقرر يوم الأحد المقبل (23فبراير 2025).
ويسعى الحزب المدعوم من إيران لأن يتحوّل هذا التشييع إلى استفتاء على شعبيته وولاء جمهوره، واضعاً شعار “إنّا على العهد” كرسالة أساسية للمشاركة.
كذلك، يتم العمل على تنظيم حملات حشد من كافة المناطق اللبنانية، في الوقت نفسه الذي تُبذل فيه جهود لحث المغتربين على العودة إلى لبنان للمشاركة في التشييع، مما يعكس الأهمية الكبرى التي يوليها الحزب لهذا الحدث.
لكن هذه الجهود تواجه صعوبات كبيرة، أبرزها قرار الحكومة اللبنانية الأخير الذي يقضي بوقف وصول الطائرات الإيرانية إلى مطار رفيق الحريري الدولي.
هذا القرار شكّل أزمة لحزب الله وحلفائه الإقليميين، مما دفعهم إلى تحويل مطار بغداد إلى معبر رئيسي للرحلات الجوية المتجهة إلى بيروت، ما أدى إلى تعطيل كامل الرحلات بين العاصمتين اللبنانية والعراقية منذ بداية الأسبوع الحالي.
وعُلم من مصادر مطلعة أن أذرع إيرانية في العراق تقوم بإرسال وفود للمشاركة في التشييع.
في هذه الأثناء، شهد مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت أكثر من إشكال بين المسافرين، حيث كان بعض القادمين للمشاركة في التشييع يصرون على رفع صور نصر الله وترديد هتافات مؤيدة للحزب، وهو ما أثار ردود فعل متفاوتة بين المسافرين.
نجل نصر الله يتدخل لتحفيز الجماهير
وفي إطار الحشد، دخل نجل نصر الله، محمد مهدي نصر الله، على خط الدعوة للمشاركة في التشييع.
ونشر نجل نصر الله مقطع فيديو على حسابه عبر إنستغرام، قال فيه: “الأعداء والمبغضين تكالبوا علينا لمنع حصول هذا التشييع بكافة الوسائل”.
وتوجه إلى المناصرين الذين يزعمون أنهم لن يشاركوا في التشييع بسبب الأعذار مثل الازدحام أو الطقس السيئ، قائلًا إن “التشييع لن يتوقف على شخص، أو الأمطار”.
إجراءات أمنية مشددة لتأمين التشييع
على الصعيد الأمني، أعلنت الأجهزة الأمنية اللبنانية عن رفع جهوزيتها إلى أقصى درجاتها تحسباً لأي إشكال قد ينشأ بين المشاركين في التشييع ومعارضي الحزب.
كما ترأس رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون اجتماعاً أمنياً مع وزير الدفاع والداخلية وقادة الأجهزة الأمنية لمناقشة الإجراءات الأمنية الخاصة بمواكبة التشييع.
كما أكد مصدر أمني أن كافة الأجهزة الأمنية في حالة استعداد تام تصل إلى 100% في جميع المناطق اللبنانية.
كذلك، تم اتخاذ احتياطات خاصة ووضع خطط للتعامل مع مختلف السيناريوهات المحتملة.
ومن المتوقع أن تشهد البلاد تدفقاً حاشداً للمناصرين من مختلف المناطق اللبنانية إلى بيروت، مما قد يؤدي إلى تعطيل الحياة العامة، حيث تم تعليق الرحلات الجوية من الساعة الثانية عشرة ظهراً حتى الساعة الرابعة مساءً (بالتوقيت المحلي) يوم الأحد.
وفي يوم التشييع، يُتوقع أن تشهد لبنان طقساً سيئاً للغاية مع هطول أمطار وثلوج في معظم المناطق، فضلاً عن درجات حرارة تلامس الصفر المئوي، بحسب بيانات الأرصاد الجوية اللبنان.
ودعا حزب الله كافة المسؤولين اللبنانيين إلى حضور مراسم التشييع، كما أكدت اللجنة العليا للمراسم مشاركة نحو 79 دولة من مختلف أنحاء العالم، بين مشاركات شعبية ورسمية.
حشد الجمهور الشيعي
ويرى الناشط السياسي علي الأمين أن التحضير لهذا التشييع هو لأغراض سياسية تتجاوز مجرد عملية دفن، معتبرا أن “حزب الله يحاول استخدام كل إمكاناته لضمان أكبر حشد ممكن”.
وأكد الأمين أن الحزب “يضع ضغوطاً معنوية على محازبيه داخل البيئة الشيعية، ليظهر أن أي غياب عن التشييع سيُعتبر خيانة، مما قد يؤدي إلى انتقادات وربما تضييق على من لا يشارك”.
وأشار إلى أن الحشد الذي يتم التحضير له يتضمن تركيزاً على المكون الشيعي بشكل خاص، معتبراً أن “شد العصب الشيعي” هو ما يعطي الحزب حماية وحصانة في سياق الواقع السياسي اللبناني.
كما أوضح أن إقامة مقام خاص لمدفن نصر الله بعشرات ملايين الدولارات يعد بمثابة محاولة لتقديس شخصيته وجعل قبره مزاراً دينياً، على غرار مزارات الأئمة في العراق وسوريا.
مطالبات بتوقيف قيادات حوثية في لبنان
وفي وقت تواصل فيه مشاركة العديد من الوفود الدولية والعربية في التشييع، بما في ذلك مشاركات من إيران والعراق واليمن، نشأت مطالبات من الحكومة اليمنية بتوقيف بعض القيادات الحوثية التي تشارك في التشييع.
وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، طالب الحكومة اللبنانية باتخاذ إجراءات قانونية ضد القيادات الحوثية المتورطة في جرائم حرب.
لكن وفقاً لمصادر مطلعة، فإنه إذا لم تكن هناك مذكرات توقيف صادرة من الإنتربول، فإن الأجهزة الأمنية اللبنانية ليست مُلزمة بتوقيف تلك القيادات.
وفي السياق ذاته، أفادت قناة “المسيرة” التابعة للحوثيين أن وفداً رفيعاً من جماعة الحوثي قد غادر مطار صنعاء متجهاً إلى بيروت للمشاركة في التشييع.
جدير بالذكر أن نصر الله لقي مصرعه في غارة إسرائيلية في 27 سبتمبر 2024، استهدفت المقر الرئيسي للحزب الذي يقع تحت الأرض في ضاحية بيروت الجنوبية.
بينما لقي هاشم صفي الدين، الذي خلف نصر الله، حتفه بعد أيام، وبالتحديد في 3 أكتوبر 2024، في غارة إسرائيلية أخرى في ضاحية بيروت.
0 تعليق