نزار قباني.. شاعر انتصر للحب وطارده موت الأحباء - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

لم يشهد العصر الحديث شاعراً انتصر للحب، وكتب عنه بجمالية ورقة وعذوبة وإبداع، مثلما فعل الشاعر السوري القدير نزار قباني، الذي لقب بشاعر الحب، وبما أن العالم يعيش أجواء يوم الحب 14 فبراير (شباط)، اختار موقع 24 التطرق لسيرة ومسيرة قباني، الذي كتب يوماً ما في مذكراته الخاصة "إن الحبّ في العالم العربي سجين، وأنا أريد تحريره".

يقول نزار قباني في قصيدته "أحبّك حتى ترتفع السّماء"

أريد أن أحبّك، يا سيّدتي في زمنٍ

أصبح فيه الحبّ معاقاً

واللغة معاقةً

وكتب الشّعر، معاقةً

فلا الأشجار قادرةٌ

على الوقوف على قدميها

ولا العصافير قادرةٌ

على استعمال أجنحتها،

ولا النّجوم قادرةٌ على التنقّل.

وفي مقطع آخر من نفس القصيدة يقول:

أريدك أن تكوني حبيبتي

حتى تنتصر القصيدة

على المسدّس الكاتم للصوت

وينتصر التّلاميذ

وتنتصر الوردة

وتنتصر المكتبات

على مصانع الأسلحة.

وأرجع البعض انتصار ابن دمشق نزار قبّاني للحب وللمحبين وللعشاق، بسبب انتحار أخته عقب زواجها، من شخص لم تكن تحبه، أرغمت على الزواج منه، وكان نزار في ذلك الوقت فتى يافعا، وشاهداً على ما حدث، ورغم أن الأسرة تكتمت على سبب الانتحار في البداية، إلا أن نزار قباني تطرق للموضوع في عدة لقاءات لاحقاً.

كتب نزار قباني الشعر في مرحلة مبكرة من عمره، فلم يتجاوز حينها 16 عاما، وأثناء دراسته في كلية الحقوق، عام 1944، نشر أول دواوينه بعنوان "قالت لي السّمراء"، وتوالت رحلته مع الشعر حتى بلغ عدد دواوينه ما يزيد عن 35 ديواناً، منها "طفولة نهد، الرّسم بالكلمات، قصائد، سامبا، أنت لي"، وكتب أيضا مجموعة كتب نثرية منها: "قصّتي مع الشّعر، ما هو الشّعر، 100 رسالة حبّ".

كان نزار قباني يكتب قصائده بلغة سهلة، رشيقة، ويستخدم مفردات بسيطة، يتداولها الناس في حياتهم اليومية، واختلف النقاد أمام هذه الظاهرة في شعر نزار، البعض اعتبرها ميزة، ساهمت بوصول قصيدته، لكافة فئات المجتمع، للطفل والمسن، للمثقف وللأميَ، وآخرون اعتبروا تلك اللغة مأخذ على نزار وانحدار بمستوى الشعر.

وأثناء مسيرة نزار قباني الأدبية الممتدة لأكثر من 40 عاماً، تسابق كبار المطربين، ليحظوا بغناء قصائده، قد صدحت حنجرة العديد منهم بأشعاره العذبة، فقد غنّت له كوكب الشرق أم كلثوم قصيدتين هما: "أصبح عندي الآن بندقيّة، رسالة عاجلة إليك"، أما العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، الذي جمعته صداقة متينة مع نزار قباني، فقد غنّى أيضاً قصيدتين هما: "رسالة من تحت الماء، وقارئة الفنجان"، وكذلك المطربة نجاة الصغيرة غنّت له: "ماذا أقول له، كم أهواك، أسألك الرّحيلا".

وتطول قائمة المطربين اللذين غنوا من كلمات نزار قباني، وحققت أغانيهم شهرة كبيرة، ومنهم الفنان العراقي كاظم السّاهر الذي غنى 4 قصائد هي: "إنّي خيّرتك فاختاري، زيديني عشقاً، علّمني حبّك، مدرسة الحبّ"، فما كان من نزار قباني إلا أن أطلق عليه لقب قيصر الأغنية العربية، أو القيصر.

وعلى صعيد الحياة الشخصية ارتبط نزار قباني في بداية عمره مع السيدة زهرة من سوريا، التي أنجبت له هدباء وتوفيق، وعندما بلغ توفيق 17 عاما توفي بمرض القلب، وكان حينها يدرس في كلية الطب في جامعة القاهرة، وكانت صدمة عظيمة على شاعر مرهف الإحساس، أن يفقد فلذة كبده، فرثاه بقصيدة "الأمير الخرافي" ودخل مرحلة من الاحزان، ثم أوصى أن يدفن قربه عقب وفاته.

وتزوج نزار قباني ثانية من العراقية بلقيس الراوي، التي قتلت في بيروت أثناء تفجير السفارة العراقية عام 1982، وكانت تجمع نزار وبلقيس علاقة حب، وتفاهم، راقي، حيث أنجبت منه ولداً اسمه عمر، وبنتا اسمها زينب.

تحطمت نفسية نزار قباني بعد موت زوجته وحبيبته بلقيس، وكتب فيها قصائد عديدة، منها قصيدة تحمل اسمها، اعتبر فيها الوطن العربيّ كلّه مسؤولا عن قتلها، وعقب رحيل بلقيس عاش سنوات حياته الأخيرة وحيدا في مدينة الضباب لندن، ورفض أن يتزوج بأخرى، فقد ظل مخلصا لذكرياته معها.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق