في ظل تغير المناخ، الطاقة الشمسية في تونس، خيار سيصبح قريبا ضرورة ملحة لتخفيض تكلفة التكييف و المحافظة على الأنشطة الزراعية في الأرياف - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
في ظل تغير المناخ، الطاقة الشمسية في تونس، خيار سيصبح قريبا ضرورة ملحة لتخفيض تكلفة التكييف و المحافظة على الأنشطة الزراعية في الأرياف - عرب فايف, اليوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024 06:09 مساءً

في ظل تغير المناخ، الطاقة الشمسية في تونس، خيار سيصبح قريبا ضرورة ملحة لتخفيض تكلفة التكييف و المحافظة على الأنشطة الزراعية في الأرياف

نشر في باب نات يوم 27 - 11 - 2024

babnet
(وات- تحرير مريم خضراوي )- في مدينة تطاوين، إحدى مدن الجنوب التونسي الأكثر تعرضا لأشعة الشمس، أصبح من الصعب الاستغناء عن مكيفات التبريد في فصل الصيف، بحسب "مروى الخالدي"، التي تعيش وسط هذه المدينة.
قررت مروى وزوجها وضع حد لقلقهما بسبب ارتفاع فاتورة الكهرباء التي تصل أحيانا إلى أكثر من ألف دينار في الثلاثية، وهو ما يلتهم حصة هامة من دخلهما، وفق ما أفادا به لوكالة "وات".
قام الزوجان بتركيب ثماني لوحات شمسية، بسعة 500 واط ، الواحدة، أي بسعة جملية تقدر ب4000 واط ، فوق منزلهما، في الطابق العلوي الذي يمتلكه والدا الزوج، حتى ينتفع الجميع بكهرباء بسعر مناسب وطاقة نظيفة. "لقد كانت فكرة زوجتي، وقد عملت بها وأذعنت لطلبها، فأنا واع بكل ماهو إيكولوجي وأهتم كثيرا لأمر البيئة"، قال "أشرف" مبتهجا بالنتيجة.
...
"لقد انخفضت فاتورة الكهرباء بشكل ملحوظ وأصبحنا ندفع حوالي 160 دينارا شهريا وننعم طوال الصيف بتكييف مستمر دون قلق أو تأنيب ضمير، بل أصبح لدينا فائض في الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية، هو بمثابة دفتر ادخار شمسي لدى "الستاغ"، وفقا لمفرداته.
وكانت تونس قد رفعت، في ماي 2022، في أسعار الكهرباء بالنسبة إلى القطاعات السكنية وغير السكنية، في محاولة لكبح فاتورة الدعم التي ارتفعت في السنوات الأخيرة و التخفيف من آثار عجز الطاقة في ظل الارتفاع المتواصل لأسعار النفط عالميّاً.
//تردد في الإقبال على الطاقة الشمسية
لازال أغلب التونسيين يترددون في التوجه نحو الطاقة الشمسية، رغم أن تونس تتمتع بموارد هامّة بمعدّل 3000 ساعة مشمسة في السنة و رغم أن الدولة ما انفكت تشجع على استخدام الطاقات المتجددة بتمكين الأفراد والمؤسسات من منح وتحفيزات عن طريق صندوق الانتقال الطاقي، آخرها ما أقره الامر عدد 86 لسنة 2023، المتعلق بضبط قواعد تنظيم وتسيير وكيفية تدخل صندوق الانتقال الطاقي.
لكن، وفق الخبير الاستشاري في قطاعات التبريد وتكييف الهواء والمضخات الحرارية، زهير الأندلسي، قد يتحول استخدام الطاقة الشمسية من خيار طوعي إلى ضرورة ملحة في المستقبل لتلبية احتياجات المواطنين والقطاعات الاقتصادية من الطاقة، وارتفاع تكلفة الكهرباء، أساسا، بسبب التكييف. فلم يعد تبريد الهواء في المنازل أو في مقرات العمل، رفاهية بل ضرورة تفرضها موجات الحر التي أصبحت أطول مدة وأقوى تأثيرا بسبب تغير المناخ".
وبحسب الأندلسي، تمتلك 47 بالمائة من الأسر التونسية مكيفات وتستأثر مكيفات التبريد، التي بلغ عددها سنة 2023، مليوني مكيف، ب70 بالمائة من الطاقة الكهربائية المستعملة في فصل الصيف، مما يجعلها الأجهزة الأكثر استهلاكا للطاقة في فصول الحر.
"أعتقد أنه بالنظر إلى موجات الحر القادمة وبسبب تغير المناخ الذي عبث بالمفهوم التقليدي للفصول الأربعة وانجر عنه تراجع عددها إلى فصلين فحسب، في بعض المناطق من العالم ، سيكون استعمال المكيفات مضاعفا واستهلاك الكهرباء كذلك، في هذه الحالة، تكون الطاقة الشمسية، الحل الأمثل رغم أن هذا الحل صالح لساعات النهار أكثر في غياب تكنلوجيات تخزين الطاقة في تونس وارتفاع تكلفتها في الوقت الحالي".
وقال الاندلسي في تصريح ل"وات" أن العائق الرئيسي أمام الاستعمال المكثف للطاقة الشمسية، هو كلفة الألواح الشمسية والتعطيل في الربط بالشبكة"، موصيا بتخفيض هذه الكلفة و العمل على تسريع إجراءات تركيب ودخول التجهيزات طور الاستغلال، لتشجيع المواطنين على الإقبال على هذه الطاقة النظيفة وتعميم استخدامها في تونس ".
وكان رئيس مصلحة إدارة النجاعة الطاقية في قطاع البناءات بالوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، عبد الرحمان محفوظي، قد صرح سابقا بأن " فترة استعمال المكيفات في تونس قد ارتفعت إلى أكثر من ثلاث أشهر (فصل الصيف)، "وأصبح تشغيل مكيف لمدة ساعة واحدة فقط يعادل استهلاك طاقة تسع ثلاجات وإثني عشر تلفازا ومائة وستون فانوسا".
من وجهة نظر شركات تركيب الألواح الشمسية، يعتقد فاروق بوفلغة، وهو مهندس وصاحب شركة بولاية تطاوين، "ثمة عموما تقدم في نسبة الإقبال على الطاقة الشمسية. حرفائنا من فئات مختلفة منها القطاع السكني والتجاري والصناعي أو الخدمات بالإضافة إلى مضخات مياه الري في المناطق الريفية".
وأضاف بوفلغة "أرى أن الإهتمام يزداد بالطاقة الشمسية، لان استهلاك الناس زاد بحكم طول فترات الحر، فالمكيفات أصبحت تشتغل تقريبا من أواخر شهر ماي إلى أواخرشهر سبتمبر"
ويعتقد بوفلغة أن "نسبة الربط بالطاقة الشمسية في تطاوين لا بأس بها، رغم أنها ليست جهة صناعية وفلاحتها لا تزال بعلية نسبيا وكذلك ليست وجهة للسياحة الصيفية"، ولكن خدماته لا تقتصر على هذه الجهة، حسب قوله، وإنما في مناطق أخرى مثل جربة ومدنين عموما.
//الطاقة الشمسية، تنقذ نشاط مزارعين في الوسط الريفي..
بعيدا عن مدينة تطاوين ب300 كلم، في الوسط الشرقي لتونس، تعد الطاقة الشمسية حلا للسكان غير المرتبطين بشبكة الكهرباء في المناطق الريفية وخاصة منهم الناشطين في قطاع الفلاحة.
محمد بوغرة، فلاح بمنطقة "شربان" من ولاية المهدية، استطاع أن يستمر في نشاط تربية الماشية بفضل الطاقة الشمسية التي يستعملها لتبريد خزانات تجميع الحليب.
قال هذا الرجل الخمسيني ل"وات" " كنت قاب قوسين أو أدنى من التفريط في قطيع ماشيتي قبل أن أنتفع بتدخل مبادرة "ريجيند" من خلال تمكيني من الطاقة الشمسة".
وتابع يقول "لقد كنت أمتلك أكثر من 50 رأس من البقر الحلوب وعائدات بيع حليبها هو أساس معيشتي أنا وأسرتي، غير أن موجة الجفاف التي عاشتها البلاد وغلاء أسعار الأعلاف أجبرني على بيع العدد الأكبر منها".
وعلى غرار الكثير من صغار مربي الماشية في الجهة، بات بوغرة مهددا بالبطالة لا سيما وأنه لا يجيد أي عمل آخر ولا تتوفر المنطقة الريفية التي يقطن بها على نسيج صناعي أو اقتصادي يذكر.
وللانتفاع بالطاقة الشمسية، قدم "بوغرة"، طلبا في إطارالمبادرة الإقليمية لنشر تطبيقات الطاقة المتجددة صغيرة السعة في المناطق الريفية في المنطقة العربية "ريجيند"، فساعدته السلطات في ولاية المهدية ونال الموافقة وهو ما كان "طوق نجاة لأسرته وللبقرات الست المتبقية في إسطبله".
وشجعت السلطات الجهوية الفلاح على العمل في مجال جمع الحليب من المنتجين بمنطقته ورفع الكمية إلى مركز التجميع أو لمركزية الألبان بالمهدية، وفق ما صرح به ل"وات"، من أجل المحافظة على نشاط تربية الماشية الذي اضمحل كليا.
وتمكن المزارع من تركيز ألواح الطاقة الشمسية التي يستعملها في المحافظة على سلامة الحليب الذي يجمعه من بقراته من خلال تبريد اسطوانات التخزين وهو ما جعله يفكر في توسيع نشاطه مرة ثانية.
ويستعمل هذه الطاقة، أيضا، لمحرك ضخ المياه من بئر على ملكه وهو ما جعله يتفادى فواتير الكهرباء الباهظة والتي لا طاقة له بمجابهتها "فلولا تدخل هذه المبادرة لما تمكن من توليد الماء لارتفاع التكاليف". كما يستغل محمد مياه البئر لري مساحة صغيرة من الأرض بها عدد من أصول الزيتون، والتي عانت بدورها من الجفاف وكادت تفقد صابتها لو أن تمكن من ريها بمياه البئر.
وتوفر البئر فرصة لتوفير مياه لسقاية القطيع وغسل اسطوانات الحليب محافظة على سلامة هذه المادة وجودتها علاوة على تطلعه لغرس أرضه خضروات ورقية متنوعة يمكنها أن توفر له عائدات إضافية.
ومحمد بوغرة، هو ثاني منتفع بهذا النوع من التدخل إذ تحصل عبد الكريم بن جلول، من نفس المنطقة، على نفس التحفيز لتوظيف الطاقة الشمسية لتبريد الحليب والمحافظة على جودته، بينما انتفعت فتحية بوقطيف وهي مزارعة من المنطقة من هذه المبادرة وتمكنت من توسيع أنشطتها الزراعية لتشمل ثمانية هكتارات من الأراضي، استطاعت أن تركب بها نظام ضخ المياه بالطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 4.5 كيلوواط في مزرعتها. وأتاح لها هذا النظام تنويع محاصيلها وزراعة الجزر لأول مرة مما أتاح استقرارا على مدى المواسم الزراعية واستدامة دخلها على مدار العام.
يذكر أن حصة الطاقات المتجددة في توليد الكهرباء في تونس لا تزال جد متواضعة، حيث لا تتجاوز 4 بالمائة، مقارنة بالغاز الذي أصبح أكبر مصادر توليد الكهرباء، بنسبة 97 بالمائة. ورغم أن البلاد تتمتع بموارد هائلة من مصادر الطاقة المتجددة ورغم دخولها هذا المجال منذ ثمانينيات القرن الماضي، لازالت رحلة الانتقال الطاقي متعثرة وتحتاج إلى دفع قوي من السلطات وصحوة عامة في المجتمع.
تابعونا على ڤوڤل للأخبار

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق