تستمر أسعار الذهب في الارتفاع بشكل تصاعدي في ظل القلق من اندلاع حرب تجارية عالمية نتيجة التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب. ولأول مرة في التاريخ، يتخطى سعر الذهب حاجز 2900 دولار، وذلك بعد أن قرر ترامب فرض رسوماً جمركية بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألومنيوم إلى الولايات المتحدة، دون استثناءات أو إعفاءات. وردًا على ذلك، سارعت الصين إلى فرض رسوم جمركية على بعض الرقائق والمعادن.

بداية الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة

بدأت الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة في عام 2018 بعد إعلان ترامب في 22 آذار/مارس عن نيته فرض رسوم جمركية. في تلك الفترة، تم فرض رسوم جمركية على البضائع الصينية بقيمة 250 مليار دولار، فيما ردت الصين بفرض رسوم على منتجات أمريكية بقيمة 110 مليارات دولار. وقد جاء قرار ترامب بناءً على المادة 301 من قانون التجارة الأمريكي لعام 1974.

على الرغم من أن العلاقة التجارية بين البلدين تُعد من الأهم على مستوى العالم، حيث يُقدّر حجمها بـ800 مليار دولار، مما يدل على المصالح المشتركة الكبيرة بينهما، إلا أن الطرفين يواصلان تنفيذ ردود فعل انتقامية. الولايات المتحدة تتهم الصين بممارسات تجارية غير عادلة وبسرقات في مجال حقوق الملكية الفكرية، بينما تدافع الصين عن موقفها معتبرةً أن الولايات المتحدة تخشى من “تعاظم التنين الصيني” وتحاول كبحه.

تأثير الحرب التجارية على أسعار الذهب

لقد كانت المخاوف من اندلاع الحرب التجارية لها تأثيرات كبيرة على أسعار الذهب التي تسلك منحى تصاعديًا في الأسواق العالمية. لكن من الناحية التجارية، يُعتبر هذا الارتفاع غير مربح للتجار؛ حيث يفضلون بيع الذهب المشغول بدلاً من الأونصات أو السبائك. بالإضافة إلى قرار الصين بإطلاق برنامج تجريبي للسماح لشركات التأمين بشراء الذهب لأول مرة، مما يتيح الاستثمار في سوق المعدن النفيس بمليارات الدولارات وضخ ما يقارب 27.4 مليار دولار في سوق الذهب، ما انعكس على اتجاه الأسعار.

عوامل كثيرة دخلت في التأثير على إتجاه الاسعار منها عمليات الشراء من جانب البنوك المركزية وإحتمالية خفض أسعار الفائدة الامريكية . وكان قد توقع بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس في وقت سابق عودة أسعار الذهب إلى الارتفاع وتصاعدها لتسجل مستوى تاريخيا عند 3000 دولار للأونصة بحلول نهاية 2025 بناءاً للعوامل التي ذكرناها.

ارتفاع تاريخي في سعر الأونصة

شهد سعر الأونصة خلال عام وأربعة أشهر زيادة قدرها 1100 دولار، وهو ارتفاع تاريخي. يقول يوسف حاموش، عضو نقابة تجار الذهب في منطقة بيروت، لموقع المنار الإلكتروني إن هناك حركة ملحوظة في السوق، حيث يتزايد إقبال المواطنين اللبنانيين على شراء الأونصات. ويُرجع حاموش هذا الإقبال إلى رغبة المواطنين في حماية مدخراتهم النقدية. كما أن هذا النوع من الشراء يساهم في الحد من الاستهلاك العشوائي وغير المدروس. علاوة على ذلك، فإن بيع الأونصة في فترات عادية قد يؤدي إلى خسارة قدرها 40 دولارًا عن سعرها، بينما قد تصل الخسارة في بيع قطعة الذهب المشغول إلى أكثر من 200 دولار.

الذهب كاستثمار طويل الأمد

يُعتبر الذهب استثمارًا طويل الأمد، مما يعني أنه من الأفضل لأولئك الذين يمتلكون مبلغًا ماليًا بسيطًا ويحتاجون إليه لتغطية نفقات طارئة أن يتجنبوا الاستثمار في بورصة الذهب اليومية. أما الزبائن الذين لديهم مدخرات تفوق حاجاتهم، فقد يستفيدون من عمليات الشراء والبيع. على سبيل المثال، الزبون الذي اشترى أونصة العام الماضي بسعر 1800 دولار وتمكن من بيعها اليوم بسعر 2900 دولار، يكون قد حقق ربحًا قدره 1100 دولار. ولكن قد لا يحقق هذا الربح إذا ما توصلت مساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى حل قريب لإنهاء الحرب في أوكرانيا، ما يُبدد القلق في الأسواق أو غيرها من الاحداث التي تعكس هدوءاً على الاسواق .

يقول حاموش إن سياسة السوق المرتبطة بالأحداث العالمية، سواء كانت متعلقة بقرارات دولية حول أسعار الفائدة أو مستويات التضخم، أو المخاوف من اندلاع حرب تجارية، تفيد التجار الكبار أو أولئك الذين يملكون أموالاً تفوق احتياجاتهم. أما الزبائن المحليون، فهم غالبًا ما يتأثرون بالعامل النفسي في مثل هذه الظروف.

ويُلفت حاموش إلى أن اختلاف أحجام الأونصات التي تتراوح من 5 غرامات إلى 1000 غرام (كيلو)، يمنح التجار فرصة للاستفادة من زيادة هامش الربح وأحيانًا من ربح غير مبرر. أما الأونصة التي تزن 31 غرامًا، وسعرها اليوم 2900 دولار أمريكي، فهي الحجم الأساسي الذي يتم تداول سعره رسميًا في الأسواق العالمية، وتُستخدم لتسعير باقي الأحجام.

المصدر: موقع المنار