ترامب متمسك بسياسة الرسوم الجمركية رغم تأثيرها السلبي على أميركا - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

من الممكن أن يكون الثاني من أبريل 2025 هو اليوم الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة الاقتصادي، ففي ذلك اليوم ستدخل الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على واردات السيارات وقطع الغيار حيز التنفيذ، معتبراً أن تلك الرسوم ستجعل أميركا دولة ثرية فعلاً.

وعلى الرغم من جميع دروس التاريخ حول مدى الكوارث التي تسببها سياسة الرسوم الجمركية، فإن ترامب متمسك بـ«وهم» أنها الطريقة الأفضل لكسب تريليونات الدولارات، بهدف تخفيض الديون الأميركية البالغة 36 تريليون دولار، في وقت يعتقد البعض أن «هوس» ترامب بالرسوم الجمركية، التي يقول إنها «كلمته المفضلة»، ترجع إلى عقود عدة.

وثمة معلومات أساسية تؤكد حقيقة ترامب الراسخة بالنسبة للرسوم، حيث إن ميزان المدفوعات الأميركية، أو أي ولاية أخرى، يتألف من مكونين: الأول هو الميزان التجاري والخدمات، وهنا لطالما كان هذا الميزان في حالة اختلال على نحو كبير، ففي عام 2024 كان ميزان التجارة في الولايات المتحدة مختلاً دائماً لمصلحة الدول الموردة لها بنحو 900 مليار دولار.

أما المكون الثاني فهو حساب رأس المال للاستثمارات الصافية، حيث إنه في عام 2024 أيضاً كان الفائض في هذا الحساب نحو تريليون دولار، وبناء على ذلك يتساءل العديد من المحللين الاقتصاديين: لماذا يتجاهل ترامب ذلك؟ إنها فعلاً مشكلة.

العجز التجاري

من غير الواضح كيف أو لماذا أصبح ترامب مهووساً بالعجز التجاري؟ ولطالما اعتقد ترامب أن اختلال الميزان التجاري سبّب الضرر لاقتصاد الولايات المتحدة، لكنه لم يقل ذلك.

وقبل 40 عاماً وجّه ترامب انتقاداً للعجز التجاري، معتقداً أن الرسوم الجمركية يمكن أن تشجع الصناعة المحلية، لكن للأسف فإن الصناعة في الولايات المتحدة كانت في ذلك الوقت أفضل مما كانت عليه العام الماضي، غير أن ترامب لم يُعرف عنه تغييره لآرائه الراسخة.

وينجم العجز عن اعتقاد ترامب الراسخ منذ زمن بعيد بأن اختلال الميزان التجاري يضر باقتصاد الولايات المتحدة.

وفي فترة الثمانينات من القرن الماضي، انتقد ترامب العجز التجاري، وقال إنه يمثل عبئاً على أميركا. ودافع عن فكرة الرسوم الجمركية لتشجيع الصناعة المحلية.

ويبدو أن ترامب لا يدرك أن الجانب الآخر لفرض الرسوم الجمركية يمكن أن يؤدي إلى حروب تجارية.

وعلى الرغم من أن نظرية الرسوم الجمركية المتبادلة تبدو معقولة، فإن السؤال هنا: ما الذي يمنع أو يحفز الطرف المفاوض الآخر على الالتزام بقاعدة ترامب؟ لا شيء طبعاً.

جوانب سلبية

في عام 1930 أدى قانون رسوم هوت - سمولي الجمركية إلى الوقوع في الكساد العظيم بالولايات المتحدة، وانخفاض التجارة الدولية بنحو 60%، لكن ترامب لم يتأثر بهذه الحقيقة.

وتنطوي الرسوم الجمركية على العديد من الجوانب السلبية، أبرزها ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين، إذ ستفرض الرسوم الجمركية على جميع البضائع التي يتم استيرادها، وبالمقابل يتحمل المستهلكون كل هذه الزيادات على التكاليف، الأمر الذي سيؤثر سلباً على الطبقتين الوسطى والفقيرة، ويزيد من احتمال التضخم أيضاً.

ومن الجوانب السلبية أيضاً التهديد بالرد من قبل الشركاء التجاريين، حيث إن هذا ما يجعل البضائع الأميركية مبيعة في الأسواق السوداء بأسعار مرتفعة للغاية، ما يقلل الطلب عليها، وسيكون هذا كارثياً في القطاعات التي تتميز بهامش الربح المنخفض.

ويمكن أن تؤدي الرسوم الجمركية أيضاً إلى تعطيل سلاسل التوريد نظراً إلى انعدام اليقين بشأن نقاط الأسعار، لاسيما بالنسبة للسيارات والتكنولوجيا المتطورة، إذ يكون وصول البضائع في الوقت المحدد أمراً ضرورياً، ومهماً للغاية.

وبالتأكيد سينخفض النمو الاقتصادي، وسيتأثر انعدام اليقين الاستثماري والحاجة إلى تنظيم التوظيف بما يتناسب مع الطلب، وسيؤدي ذلك إلى فقدان الوظائف، كما يحدث في الولايات المتحدة الآن، وكذلك إلى التباطؤ الاقتصادي.

تراجع التنافس

وسيؤدي هذا الشكل من الحماية المحلية إلى انعدام الكفاءة، وتراجع التنافس، ما يدفع التكاليف إلى الارتفاع، وهذا بدوره سيضمن انعداماً أكبر للكفاءة ويقلل التنافس الدولي بالنظر إلى أن الدول تبدأ بالنظر إلى الداخل، كما أنها تصبح مترددة في استثمار رؤوس الأموال في الخارج نظراً إلى كل هذه الشكوك.

ويمكن أن تؤدي العلاقات الدولية، خصوصاً مع الصين ودول أخرى إلى إضعاف التحالفات مع الأصدقاء ويفاقم العداوات، ويثير الغضب من تدهور التجارة.

وفي نهاية المطاف ستؤدي كل هذه التوترات والتأثيرات على الموازين التجارية إلى توليد جميع أشكال تقلبات السوق، وستتضرر ثقة المستثمرين.

اضطرابات اقتصادية

وعندما يتم فرض الرسوم الجمركية في الثاني من أبريل المقبل على واردات السيارات، من المتوقع أن تحدث اضطرابات اقتصادية ومالية هائلة، وسيكون احتمال انخفاض أسعار سوق الأسهم حقيقياً، وسيؤثر ذلك إلى حد كبير للغاية على عموم الشعب الأميركي، لاسيما المتقاعدين، حيث سيخسرون الكثير من مدخراتهم التقاعدية. ونظرا لارتفاع الأسعار والتكاليف، سيرتفع التضخم، إضافة إلى تكاليف المعيشة.

واستناداً إلى كيفية حركة الاقتصاد خلال الفترة المتبقية قبل الثاني من أبريل من المحتمل أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي الأميركي في الربع الأول من العام الجاري. ويشكل الانخفاض لمدة ربعين متتاليين للعام إلى حدوث ركود اقتصادي، وهو ما سينطوي على نتائج نفسية سلبية سيكون لها تأثير سياسي سلبي.

وسيثبت أن وجهات نظر ترامب حول الرسوم الجمركية كانت مدمرة ووهمية، وسيعاني الاقتصاد الأميركي الكثير إذا لم يتمكن ترامب بطريقة غامضة من قلب التاريخ رأساً على عقب. عن «ذي هيل»


انتقادات.. وردود أفعال

الرسوم الجمركية الأميركية على واردات السيارات ستدخل حيز التنفيذ في 2 أبريل. إي.بي.إيه

هز إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع واردات السيارات وقطع الغيار إلى الولايات المتحدة، قطاع صناعة السيارات الأميركي والأسواق العالمية.

ووصفت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الخطوة بأنها «سيئة للشركات، وأسوأ بالنسبة للمستهلكين».

وقالت في تدوينة على منصة «إكس»: «أُعرب عن أسفي الشديد لقرار الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية على صادرات السيارات من الاتحاد الأوروبي. سيواصل الاتحاد السعي إلى حلول تفاوضية مع الحفاظ على مصالحه الاقتصادية».

من جهته، طالب وزير الاقتصاد الألماني في الحكومة المنتهية ولايتها روبرت هابيك الاتحاد الأوروبي برد حاسم، وكتب على منصة «إكس»: «يجب أن يكون واضحاً أننا لن نستسلم للولايات المتحدة. القوة والثقة بالنفس مطلوبتان». وأضاف محذراً: «يعد خبراً سيئاً بالنسبة لمصنعي السيارات الألمان، وللاقتصاد الألماني، وللاتحاد الأوروبي، وكذلك للولايات المتحدة».

وندد رئيس الوزراء الكندي مارك كارني بـ«هجوم مباشر على العمال» الكنديين، مؤكداً: «سندافع عنهم وسندافع عن صناعاتنا وسندافع عن بلادنا».

بدوره، قال وزير المالية الفرنسي، إيريك لومبار، إن إعلان ترامب يمثل «أنباء سيئة للغاية»، مضيفاً أن الحل الوحيد حالياً هو أن يرفع الاتحاد الأوروبي الرسوم الجمركية.

وفي السياق، قالت وزيرة المالية البريطانية ريتشل ريفز، إن بريطانيا لا ترغب في تصعيد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة وتعمل بشكل مكثف مع واشنطن للحصول على إعفاء من الرسوم الجمركية.

أما الصين فخرج الناطق باسم الخارجية غيو جيا كون، ليشدد على أنه «لا رابح في حرب تجارية أو حرب جمركية. لا يتحقق النمو والازدهار لأي دولة من خلال فرض رسوم جمركية».

وفي اليابان التي تشكل السيارات نحو ربع صادراتها إلى الولايات المتحدة، حذر رئيس الوزراء من أنه يدرس فرض إجراءات رد.


أبرز الجوانب السلبية لرسوم ترامب

. ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين.

. التهديد بالرد من قبل الشركاء التجاريين.

. إمكانية تعطيل سلاسل التوريد.

. انخفاض النمو الاقتصادي مع انعدام اليقين الاستثماري.

انعدام الكفاءة وتراجع التنافس.

. إضعاف التحالفات مع الأصدقاء وزيادة العداوات.

. حدوث تقلبات في السوق وتضرر ثقة المستثمرين.

. توقعات بحدوث اضطرابات اقتصادية ومالية عند دخول الرسوم الجمركية على واردات السيارات حيز التنفيذ في 2 أبريل.

. في ثمانينات القرن الماضي انتقد ترامب العجز التجاري ودافع عن فكرة الرسوم الجمركية لتشجيع الصناعة المحلية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق