أصدر قاضٍ فدرالي أمريكي، السبت، أمرًا قضائيًا فوريًا يمنع الملياردير إيلون ماسك من الإشراف على نظام المدفوعات التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، وذلك بعد أيام فقط من تسلّمه هذه المهمة عبر لجنة الكفاءة الحكومية التي يقودها.

ويأتي القرار بعد موجة من الانتقادات الحادة من المشرعين الديمقراطيين الذين اعتبروا منح ماسك ومساعديه إمكانية الوصول إلى بيانات مالية حساسة تتعلق بتريليونات الدولارات "قرارًا خطيرًا للغاية"، قد يعرض النظام المالي الأمريكي لمخاطر أمنية غير مسبوقة.

قرار قضائي يمنع الوصول إلى بيانات الخزانة الأمريكية

أصدر القاضي بول أ. إنغيلمير أمرًا قضائيًا يمنع جميع السياسيين المعينين، العملاء الخاصين للحكومة، وموظفي الحكومة المنتدبين إلى وكالات خارج وزارة الخزانة من الوصول إلى قاعدة بيانات المدفوعات الفيدرالية. كما ينص القرار على أنه يجب على أي شخص تمكن من الوصول إلى هذه البيانات منذ 20 يناير 2024، مسح جميع النسخ التي تم تحميلها فورًا، وذلك حتى انعقاد جلسة استماع مقررة في 14 فبراير المقبل.
 

ماسك يرد: مكافحة الفساد أم تهديد للأمن القومي؟

لم يتأخر رد إيلون ماسك، حيث نشر على منصة إكس تعليقًا قال فيه: "الطريقة الوحيدة لوقف الاحتيال وهدر أموال دافعي الضرائب هي مراقبة تدفقات الأموال ووقف التعاملات المشبوهة مؤقتًا لدراستها"، في إشارة إلى أن لجنة الكفاءة الحكومية التي يترأسها تهدف إلى منع الفساد وتحسين كفاءة الإنفاق الفيدرالي، وليس انتهاك الخصوصية أو تهديد الأمن المالي.

لكن هذه التصريحات لم تُقنع 19 ولاية أمريكية، حيث قدّم ممثلو النيابة العامة فيها شكوى قضائية، معتبرين أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن انتهكت القانون بالسماح لموظفي لجنة ماسك بالوصول إلى بيانات مالية سرية، والتي يجب أن تظل تحت إشراف موظفين حكوميين متخصصين فقط.

مخاوف أمنية: هل تشكل لجنة ماسك "أكبر تهديد داخلي" للخزانة الأمريكية؟

بحسب تقارير إعلامية أمريكية، فقد أثار الإشراف المباشر لماسك على نظام المدفوعات الفيدرالي قلقًا واسعًا داخل المؤسسات المالية، حيث ورد في مذكرة داخلية لوزارة الخزانة أن هذه الخطوة تمثل "أكبر تهديد داخلي" يواجهه مكتب المالية الأمريكي على الإطلاق، مشيرة إلى أن مشاركة أفراد غير حكوميين في إدارة البيانات المالية الحساسة قد يعرض الخزانة الأمريكية لاختراقات أمنية محتملة.

ويؤكد القاضي في قراره أن الولايات التي قدمت الشكوى "ستعاني من ضرر لا يمكن إصلاحه إذا لم يتم فرض قيود على هذا الإجراء"، مشددًا على أن الكشف عن معلومات سرية قد يعرض أنظمة الخزانة للاختراق بشكل غير مسبوق.

معارضة شرسة من النقابات ومنظمات حقوق الإنسان

لم يقتصر الجدل حول إشراف ماسك على الجهات الحكومية فقط، بل امتد إلى النقابات العمالية ومنظمات حقوق الإنسان، التي أعربت عن مخاوفها من استغلال ماسك لصلاحياته الجديدة في توسيع نفوذه الاقتصادي، مما قد يمنحه سيطرة غير مسبوقة على التدفقات المالية الفيدرالية، الأمر الذي يهدد مبدأ الشفافية والمساءلة في النظام المالي الأمريكي.

ويرى معارضو القرار أن السماح لرجل أعمال خاص يمتلك شركات عملاقة مثل تيسلا وسبيس إكس بالإشراف على مدفوعات الحكومة يخل بتوازن القوى بين القطاعين العام والخاص، ويمنح ماسك سلطة لم يحصل عليها أي رجل أعمال في التاريخ الأمريكي الحديث.