على هامش العدد الأول من مجلة المحكمة الدستورية - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة
جو 24 :

  أصدرت المحكمة الدستورية مؤخرًا العدد الأول من مجلتها، وقد خصصته لما صدر عنها من أحكام وقرارات منذ إنشائها عام 2012 حتى نهاية العام 2024؛ أما الأحكام فهي ما صدر عنها عند ممارسة دورها في الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة، وأما القرارات فهي ما صدر عن المحكمة عند ممارسة دورها الآخر وهو تفسير النصوص الدستورية. 

ويشير العدد الأول من المجلة إلى أن الأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية بلغت (55) حكمًا، مقابل (18) قرارًا تفسيريًا. لقد أسهمت هذه الجهود في ترسيخ مبدأ سمو الدستور من جهة، وإزالة الغموض الذي يعتري بعض النصوص الدستورية من جهة أخرى.

 إلا أن أول ما يلاحظ على تلك الأحكام والقرارات أن معظمها صدر بالأغلبية، وهذا لا يضير الحكم/ القرار ولا ينتقص منه ما دام أن المشرع جعل القاعدة العامة صدور الحكم/ القرار بالأغلبية وليس الإجماع (المادة 9 من قانون المحكمة الدستورية).

 أما الملاحظة الثانية فهي تقديم السادة أعضاء المحكمة الدستورية المخالفين للأغلبية رأيهم في المسألة المعروضة على المحكمة (الرقابة على الدستورية، أو تفسير نصوص الدستور)، وعادة ما يدرج الرأي المخالف عقب حكم/ قرار المحكمة الدستورية مباشرة، وتنشر جميعها في الجريدة الرسمية، وهذا وإن كان من شأنه أن يثري المكتبة الوطنية ويحفز الباحثين للوقوف على أحكام المحكمة وقراراتها وتحليلها بشكل يسهم في مساعدة المشرع عند تعديل التشريعات، إلا أنه أيضًا يؤدي إلى ربط أعمال المحكمة ومخرجاتها بأسماء الأعضاء، والمفاضلة- من حيث التحليل القانوني وليس القيمة القانونية- بين رأي الأغلبية والآراء المخالفة، فعلى سبيل المثال فإن حكم المحكمة الدستورية رقم (7) لسنة 2024 حظي بموافقة (5) أعضاء، ومعارضة (4) آخرين، وقد قدم الأعضاء المعارضون رأيهم المخالف ضمن قالب يشبه حكم المحكمة الدستورية، وتم نشره في عدد لاحق في الجريدة الرسمية.

 إن عضو المحكمة الدستورية يعد جزءًا من تلك المحكمة ومكونًا لها، وقد جعلها المشرع الدستوري "هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها"، كما منحها المشرع الشخصية الاعتبارية تأكيدًا لاستقلاليتها عن الجميع، بما في ذلك أعضاء المحكمة أنفسهم؛ كما اعترف المشرع بالهيئة العامة للمحكمة؛ وهي المؤلفة من جميع أعضاء المحكمة، وأناط بها عدة صلاحيات؛ من بينها إصدار إذن بملاحقة النيابة العامة لأحد أعضاء المحكمة الدستورية (في حالة الشكوى الجزائية أو التلبس بالجريمة).

 وعليه، وللمواءمة بين التزام عضو المحكمة الدستورية بتقديم رأيه في المسألة المعروضة أمام المحكمة وبين عدم تفكيك رأي المحكمة وربطه بأسماء الأعضاء قد يكون من الأنسب نشر حكم المحكمة/ قرارها دون دون نشر الآراء المخالفة، حتى لا تنال تلك الآراء المخالفة الصادرة عن أعضاء في المحكمة الدستورية من هيبة حكم المحكمة/ قرارها في نفوس المجتمع، على أن يكون للباحثين والمهتمين في العلوم القانونية حق تقديم طلب للمحكمة للحصول على مضمون الرأي المخالف ضمن نطاق قانون ضمان حق الحصول على المعلومات. د. محمد رحامنه/ الجامعة الأردنية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق