نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الرئيس عون في فرنسا: تساؤلات وغموض - عرب فايف, اليوم الجمعة 28 مارس 2025 03:10 صباحاً
ادهشت الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الى باريس بالامس، الكثير من المتابعين، لسبب وجيه وهو انها لم تدم لاكثر من ساعات قليلة، قضاها رئيس الجمهورية في ضيافة نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون في الاليزيه. تساؤلات كثيرة نجمت عن هذه الزيارة، فهي لم تكن رسمية، ولم يتخللها لقاءات موسعة مع وزراء، ولم تتضمن مؤتمراً صحافياً مشتركاً، حتى ان الرئيس عون عاد الى لبنان في اليوم نفسه، وكأنها زيارة الى احد الزعماء اللبنانيين قضاها رئيس الجمهورية في ضيافته قبل العودة الى القصر الجمهوري. وادت التساؤلات التي طرحت الى غموض اكبر، الى حد ان البعض اعتبر ان الزيارة لم تكن مفيدة للبنان ولا لفرنسا، فلا عون حقق مكاسب يريدها البلد ويحتاج اليها، ولا ماكرون تمكن من استغلال الزيارة لتعزيز حضوره على الساحة السياسية وهو الذي لا يزال يترنح داخلياً. وهناك من ذهب الى حد التشكيك بأن عون اراد من هذه الزيارة ان يسجّل موقفاً فقط، فيظهر للرئيس الفرنسي انه زاره كأول دولة غربيّة يزورها بعد وصوله الى الرئاسة، كما حصل مع السعودية عندما زارها كأول دولة يحل فيها كرئيس للجمهورية، فيما هو يعرف ان ماكرون ليس بالقوّة التي تكفي لدعمه ودعم لبنان، في انتظار ما ستسفر عنه التحركات السياسية الفرنسية والاوروبية بشكل عام في ظل تنامي الجناج اليميني المتطرف.
هذه النظرية لم تصمد طويلاً، لانه، وعلى غرار الزيارة التي قام بها للسعودية سابقاً والتحضير لزيارة اخرى ستكون اكبر واهمّ، يتم التحضير لزيارة ثانية يقوم بها عون الى فرنسا على رأس وفد رسمي وستكون رسمية وربما زيارة دولة، يتم فيها التوقيع على عدد من الاتفاقات، والحديث عن مسائل اساسية ومصيرية بالنسبة الى لبنان على الصعد السياسية والاقتصادية والمالية والعسكرية وغيرها...
لم يكن هناك من بد لقيام عون بزيارة ولو سريعة الى باريس، للدلالة على اهميتها ووفائه لكل ما التزمت به في الفترة الماضية، منذ ما قبل الحرب الاسرائيلية على لبنان، وحتى ما بعدها. وبذلك، يكون الاعتراف غير مباشر بالنفوذ والدور الفرنسي في لبنان، وهذا بحد ذاته افادة لماكرون نفسه الذي لا يفوّت فرصة الا ويشدد على التزام فرنسا بلبنان وبأمنه واستقراره والسعي بكل الوسائل لاعادته الى المسار الصحيح، بما يضمن بقاء النفوذ الفرنسي على حاله في ظلّ تغييرات كبيرة وخطيرة تشهدها المنطقة بشكل متسارع.
في المقابل، لا يمكن القول ان لبنان سيستفيد من هذه الزيارة، بل ان فوائدها محدودة جداً، وقد تنحصر بتبادل الحديث عن بعض الامور العالقة في هذا البلد على الصعيد السياسي والامني، وعلى الصعوبات التي تواجه انطلاقة العهد والحكومة وفقاً للخريطة التي كان تم وضعها، والمتعلقة بالبنود الواجب تنفيذها على طريق الاصلاحات المطلوبة على مختلف الصعد. ومن الطبيعي ان يكون لفرنسا دور مهم في المرحلة المقبلة في لبنان، وذلك بالتنسيق التام حتماً مع الاميركيين الذين فرضوا انفسهم كمسؤول عن المنطقة بذراع عسكرية اسرائيليّة يطلقونها حين يشاؤون ويضبطونها وفق ما يرغبون.
ساعات قليلة لن تقدم او تؤخر في رحلة لبنان في المرحلة المقبلة، ولكنها ستكون تحضيرية لزيارة اخرى اكثر اهمية ودلالة بعد التعيينات التي ستظهر، والتعهدات التي ستعطى للالتزام بالشروط المطلوبة عربياً واوروبياً لمساعدة لبنان على تخطي المرحلة الطويلة التي يعيشها والتي امتدت الى اكثر من خمس سنوات، عانى فيها ما لا يمكن تصوره وتحمّله، علّه ينعم ببعض الوقت لالتقاط الانفاس وتجنّب الغرق.
0 تعليق