الشباب الأردني بين الإقصاء والتهميش: إلى متى الصمت؟ - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

 

 

في وطنٍ بُني بسواعد شبابه، وأفنوا أعمارهم في خدمته، يجد هؤلاء الشباب أنفسهم اليوم على هامش المشهد الوطني، مغيبين عن أولويات الدولة، وكأنهم مجرد أرقامٍ تُضاف إلى قوائم البطالة والتهميش دون أي اكتراث بمأساتهم المتفاقمة.

التهميش والبطالة: أزمة وطنية تهدد المستقبل

بات واضحًا أن الشباب الأردني اليوم لا يعاني من أزمةٍ عابرة، بل من كارثةٍ وطنية تهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. معدلات البطالة في أعلى مستوياتها، والفجوة بين الطبقات تزداد اتساعًا، فيما تزداد أوضاع الشباب سوءًا عامًا بعد عام. ومع ذلك، لا تزال الحلول غائبة، والمبادرات الحكومية لا تتجاوز كونها وعودًا فضفاضة لا تجد طريقها إلى التنفيذ.

يُقال لنا إن "الشباب هم عماد المستقبل”، ولكن أي مستقبل ينتظر شابًا عاطلًا عن العمل منذ سنوات؟ أي أملٍ بقي لمن أنهى تعليمه الجامعي ليجد نفسه يواجه واقعًا قاسيًا، بلا وظيفة، بلا دخل، بلا حتى قدرةٍ على تأمين قوت يومه؟

الوظائف للأبناء والمحسوبية تحكم!

لا يكاد شابٌ أردنيٌ يحلم بالحصول على وظيفة حكومية إلا ويجد أمامه طابورًا طويلًا من "أبناء الذوات” الذين حُجزت لهم المقاعد مسبقًا، وكأن الوظائف تحولت إلى إرثٍ عائلي، يتناقلها أهل النفوذ فيما بينهم، بينما يُترك باقي أبناء الوطن ليصارعوا البطالة والجوع والخذلان.

أما القطاع الخاص، فلم يعد سوى امتدادٍ لهذه المهزلة، حيث يُمنح أبناء الطبقة النافذة أفضل الفرص، بينما يُترك الشباب الحقيقي—المؤهل والطموح والمستعد للعطاء—خارج الحسابات، يبحث عن أي فرصةٍ تضمن له الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية.

الشباب بين الفقر واليأس: إلى متى الصبر؟

لم يعد الفقر مجرد مشكلة اقتصادية، بل تحول إلى سلاحٍ يقهر الشباب، ويقتل أحلامهم، ويدفعهم نحو المجهول. هناك شبابٌ أنهوا تعليمهم، حلموا ببناء أسر، واستقر بهم الحال عاجزين حتى عن شراء قميصٍ أو ربطة خبز. البعض لا يملك دينارًا واحدًا لشراء ما يستر جسده، ولا لحافًا يحميه من برد الشتاء. ولا قادر ان يدفع اجرة بيت يأويه ويستر عائلته وسوف نجد قريبا الكثير ممن يتم إخلاءهم من مساكنهم ويقذف بهم الى الشوارع والسجون

إلى هذا الحد أوصلتم الشباب الأردني؟ إلى هذا الحد سحقتم طموحاتهم؟ هل المطلوب أن يبقوا في دائرة الفقر والتهميش إلى الأبد؟ يفترشون الارض ويلتحفون السماء

أم أن هناك من يراهن على أن هذا الجيل سيبقى مستكينًا، يتجرع الظلم بصمت، ويتقبل مصيره البائس تحت شعار "سمعًا وطاعة”؟

هل تنتظر الحكومة أن يفقد الشباب "السمع والطاعة”؟

لطالما طُلب من الشباب الصبر، وطُلب منهم التحلي بالأمل، ولكن إلى متى؟ إلى متى يُقال لهم " انتظروا القادم اجمل الوطائف قادمه” بينما تمر السنوات وتنطفئ الأحلام؟ هل تنتظر الحكومة أن يظل الشباب يرددون "سمعًا وطاعة” وهم يموتون جوعًا، ويتشردون في الأزقة، باحثين عن قطرة ماء؟

الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن الشباب اليوم لم يعد لديهم ما يخسرونه. وعندما يُحرم جيلٌ كامل من أبسط حقوقه، وعندما تُغلق كل الأبواب في وجهه، فهل تنتظر الحكومة أن يبقى تحت "السمع والطاعة” إلى الأبد؟ أم أن هناك يومًا قادمًا سيفقد فيه الشباب سمعهم، فتخسر الدولة طاعتهم إلى الأبد؟

إنصاف الشباب قبل فوات الأوان

ما لا تدركه الحكومات، أو تتجاهله عمدًا، أن الغضب الشعبي ليس مجرد تغريداتٍ على مواقع التواصل الاجتماعي، بل هو نارٌ تتأجج يومًا بعد يوم. وعندما يفقد الشباب الثقة بالدولة، ، وعندما يشعرون أن الفرص تُوزع بالمحسوبيات ولأبناء الذوات لا بالكفاءات ولا بدورهم وأقدميتهم بالتخرج من الجامعات ، فإنهم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما انهم قنبله موقوته قد تنفجر على هذا الواقع، أو الهجرة بحثًا عن وطنٍ آخر يُنصفهم.وكلاهما خسارة للوطن

فهل نحن مستعدون لخسارة جيلٍ كاملٍ من الشباب، إمّا في الغربة، وإمّا في الشوارع بحثًا عن لقمة العيش؟ هل تدرك الحكومة حجم الكارثة القادمة إن لم يُعاد النظر في السياسات التي دفعت بالشباب إلى هذا المصير؟

العدالة الاجتماعية ليست ترفًا، بل ضرورة وطنية!

إن لم تتدارك الحكومة هذا الوضع، وتبدأ بإجراءاتٍ حقيقية لفتح المجال أمام الشباب بعيدًا عن شبكات الفساد والمحسوبية، فإن القادم سيكون أسوأ مما يتخيله المسؤولون. البلدان لا تستقر إلا بعدالة الفرص، وبناء وطن يشعر فيه الجميع بأنهم متساوون أمام القانون والحقوق.

أما إن استمر نهج التهميش والاحتكار، وإن بقيت "الوظائف للأبناء والأقارب ”، والفرص محجوزة مسبقًا لأصحاب النفوذ، فإن الحكومة نفسها هي التي ستدفع الثمن، لأن الشباب حين يفقدون الأمل، وحين تُغلق في وجوههم كل الأبواب، لن يكون لديهم ما يخسرونه بعد اليوم!

الم تعي الحكومه مقولة الامام علي بن أبي طالب عندما قال لو ان الفقر رجل لقتلته


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق