ما أبرز التحديات التي تواجه أمريكا في إعادة توطين الصناعات التحويلية؟ - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

اتسم النصف الثاني من القرن العشرين بازدهار العولمة واتساع سلاسل التوريد، وسعت الشركات إلى توظيف عمالة منخفضة الأجر وموثوقة من دول مختلفة مع انخفاض تكاليف الشحن.

 

لكن تصاعد التنافس الجيوسياسي بين الدول في السنوات القليلة الماضية أدى إلى انحسار العولمة بعض الشيء، إذ زاد تعقيد المنتجات، وأصبحت سلاسل الإمداد أكثر حساسية للاضطرابات، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والتشغيل على مستوى العالم.

 

ودفعت تلك الحالة من انعدام اليقين الجيوسياسي الشركات للبحث عن حلول لنقل عمليات التصنيع إلى بلدانها أو دول قريبة، بل أصبح هذا توجهاً رفيع المستوى للحكومات كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة التي تراجعت مكانتها كموطن للصناعة.

 

ولا يعد التوجه الأمريكي لإعادة توطين الصناعات التحويلية، أو الدعوات المنادية بذلك، أمراً جديداً، لكن التطورات العالمية الأخيرة أبرزت الحاجة لذلك، خاصة بعدما سلطت أزمة الوباء الضوء على مدى اعتماد الولايات المتحدة على سلاسل الإمداد الفورية.

 

 

الأمر الذي أدى إلى تعطل القطاعات الإنتاجية في أكبر اقتصادات العالم، وكان ذلك بمثابة إنذار لصناع القرار خاصة فيما يتعلق بأبعاد الأمن القومي، والسلع الهامة مثل أشباه الموصلات، ومعدات توليد الطاقة.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

الجهود الأمريكية لإعادة توطين الصناعات التحويلية

 

كان قطاع أشباه الموصلات من أهم المجالات التي ركزت عليها الإدارة الحالية للرئيس "جو بايدن"، لأنها تدخل في تكوين أنظمة الأسلحة المتقدمة، والحوسبة الكمية، والذكاء الاصطناعي.

 

وأقرت الإدارة الأمريكية الحالية قانوني الرقائق والعلوم، وخفض التضخم من أجل تقديم منح وتمويلات ومزايا ضريبية للشركات سواء المحلية أو الأجنبية لتوطين الصناعات، وتعزيز أعمال البحث والتطوير في المجالات ذات الأهمية بالنسبة للأمن القومي.

 

فعند النظر لقطاع التكنولوجيا وأشباه الموصلات بأمريكا، يتبين أنه يعتمد على البحث والتطوير بدرجة عالية، ويهمل جانب التصنيع محلياً، ويعتمد على منتجين بنظام التعاقد من دول أخرى مثل تايوان وكوريا الجنوبية.

 

 

لذا كان هذا القطاع معرضاً لمخاطر عدة، أبرزها اضطراب سلاسل الإمداد، ومخاطر نشوب حرب عسكرية مع الصين، وأعمال الهندسة العكسية وسرقة براءات الابتكار.

 

فرض الرئيس الأمريكي المنتخب "دونالد ترامب" رسوماً جمركية شاملة على المنتجات الصينية خلال ولايته الأولى بهدف حماية الصناعات المحلية، وأبقت إدارة "بايدن" عليها مع توسعة نطاقها بشكل انتقائي لتشمل قطاعات وشركات بعينها.

 

وهدد "ترامب" في حملته الانتخابية الأخيرة برفع الرسوم الجمركية بعد عودته للبيت الأبيض وتولي السلطة رسمياً في العشرين من يناير الجاري.

 

يتضح من ذلك أن السياسات الحمائية للولايات المتحدة في مواجهة الصين ليست مرتبطة بتوجه حزبي، بل تعد استراتيجية وطنية للحكومة بغض النظر عن شخص الرئيس أو انتمائه.

 

 

أبرز التحديات

 

تواجه جهود أمريكا لتعزيز وتوطين الصناعات داخل أراضيها عدة مشكلات رئيسية، منها نقص الأيدي العاملة بصفة عامة، والمهارات المتخصصة المطلوبة لتحقيق هذا الهدف.

 

حيث تشير تقديرات شركة "ديلويت" ومعهد الصناعات التحويلية الأمريكي إلى أن الدولة بحاجة لإضافة 3.8 مليون وظيفة بالقطاع بحلول عام 2033.

 

وأن أكثر من نصف هذه الوظائف سوف يتم توليده لتعويض العمالة التي تتقاعد في القطاع الصناعي، وليس التوسع في الإنتاج.

 

ذكر "ستيفن دوداش" رئيس مجلس إدارة "آي إتش تي" لإدارة الثروات في مقال كتبه لمجلة "فوربس"، أن أي رغبة في توسعة القطاع الصناعي الأمريكي سوف تتطلب توظيف أعداد أكبر من العمال المهرة في وقت أصبح فيه استقطاب المواهب والحفاظ عليها تحديا كبيرا بالنسبة للشركات.

 

 

وأوضح أن عجز المعروض من العمالة في أمريكا لا يقتصر على القطاع الصناعي فحسب، إذ تشير تقديرات الغرفة التجارية إلى وجود 8 ملايين وظيفة شاغرة بالوقت الراهن، في حين يبلغ عدد العاطلين 6.8 مليون شخص فقط.

 

ومن بين الحلول المقترحة لحل مشكلة التوظيف بالقطاع الصناعي الأمريكي، استقطاب عمال مهرة من قطاعات أخرى، لكن هذا لن ينتج عنه سوى تحويل الأيدي العاملة من قطاع لآخر، تاركين وظائفهم السابقة شاغرة.

 

وهنا يأتي خيار الهجرة كحل مناسب لدعم القطاع، بحيث تستقطب الحكومة والشركات المهاجرين من ذوي الكفاءة لشغل هذه الوظائف.

 

لكن يبدو أن هذه الاستراتيجية لن تكون مطروحة خلال إدارة "ترامب" الذي تعهد بترحيل المهاجرين غير الشرعيين، والذين يشكلون في واقع الأمر جزءًا كبيراً من القوى العاملة في أمريكا حالياً، ومن غير الواضح كيف ستتمكن الولايات المتحدة من تعويض هذا الانخفاض حال ترحيلهم.

 

وإذا تغلبت أمريكا على مشكلة تعويض نقص الأيدي العاملة، سوف تواجه عقبة أخرى فيما يتعلق بتطوير مهارات العاملين بالقطاع الصناعي، وتدريب الوافدين الجدد.

 

 

وهذا سوف يتطلب تأسيس قنوات تعليمية غير تقليدية، وبرامج تدريب لأن القطاع أصبح أكثر اعتماداً على الأتمتة والتكنولوجيا، الأمر الذي يطرح سؤالاً آخر لا يقل أهمية عن كيفية تأمين العمالة.

 

هل من الأفضل للقطاع الصناعي الأمريكي الاستثمار في العمالة أم رأس المال؟

 

قد يتطلب الوضع الحالي لسوق العمل في أمريكا التركيز أكثر على الاستثمار في القطاعات والشركات كثيفة رأس المال التي ليست بحاجة للكثير من العمالة.

 

لكن تأسيس المصانع ليس بالمهمة السهلة على الإطلاق، إذ يتطلب الأمر تكاليف باهظة لجلب الآلات، وخطوط الإنتاج، والروبوتات المستخدمة في الأتمتة، لذا تنطوي هذه الاستراتيجية على مخاطر أعلى من التركيز على القطاعات كثيفة العمالة.

 

وعلاوة على ذلك، تواجه الشركات العاملة في قطاعات كثيفة رأس المال صعوبات في خفض التكاليف، إذ توجه أغلب النفقات للمعدات والتكاليف الثابتة، فضلاً عن أن العاملين في هذه المجالات يحصلون على أجور مرتفعة تناسب مهاراتهم.

 

 

وبالعودة لمشكلة ارتفاع تكاليف التأسيس، سوف تحتاج الشركات الناشئة للحصول على تمويلات كافية، وفي حين تستطيع المؤسسات الكبرى الحصول على عدة قروض في آن واحد، سوف تواجه الشركات الصغيرة صعوبات بهذا الصدد.

 

وحسب تقديرات الهيئة الأمريكية للمشروعات الصغيرة، يبلغ الإيراد السنوي للشركات متوسطة الحجم 5.4 مليون دولار، وذلك أقل بكثير مقارنة بالشركات الكبرى.

 

هذا بالإضافة إلى وجود 600 ألف شركة صناعية صغيرة في أمريكا، وهو ما يعني وجود عدد كبير من المؤسسات التي بحاجة للتمويل من أجل التطوير والتحول لسبل إنتاج متطورة.

 

وبينما تعد هذه فرصة سانحة أمام مؤسسات التمويل لدعم هذه الشركات، لكن ارتفاع تكاليف الاقتراض في الوقت الراهن يعد تحدياً آخر.

 

المصدر: فوربس.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق