التكنولوجيا في سوق الأسهم .. اختبار لعقل المتداول وأعصابه - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

يتصل سمسار التداول على رقم عميله الذي يدير محفظته للأسهم على رقم هاتف أرضي مسجل لديه، لكن لا يجده في المنزل، ويبلغ السمسار من يرد على الهاتف أن على العميل معاودة الاتصال به فور رجوعه للمنزل لأن عليه التشاور معه حول قرارات تخص استثماراته في سوق الأسهم، وتتكرر محاولات التواصل بين الطرفين ليُتخذ القرار فيما يخص الأسهم بعد أيام من اتصالات غير مجدية.

 

تبدو هذه صورة "سينمائية" لوضع التداول قبل التوغل الكبير للتكنولوجيا في التداول، حيث كان التواصل بين السماسرة والمتداولين وحتى تنفيذ أوامر البيع والشراء أمرًا معقدًا ويستلزم وقتًا وجهدًا كبيرين، وهو ما تغير تماماً بسبب الإنترنت والتداول الآني عبر الجوال ثم الذكاء الاصطناعي ليثار تساؤل حول تأثير التكنولوجيا على التداول في سوق الأسهم سلبًا وإيجابًا.

 

 

التكنولوجيا ترسخ قدمها

 

والشاهد أن التكنولوجيا في عالم سوق الأسهم والتداول جاءت لتستمر، حيث إن 75% من التداولات في البورصة الأمريكية تتم عبر الإنترنت وفقًا لهيئة سوق المال الأمريكية، و60% من البورصات العالمية أصبحت تستخدم التداول الآلي، وأن 40% من المتداولين يستخدمون تطبيقات التحليل المالي، بل وأصبحت 15% من البورصات العالمية تستخدم الذكاء الاصطناعي في عملياتها.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

ولا شك أن توغل التكنولوجيا في عالم الأسهم أتى بنتائج إيجابية، ولعل منها ما تشير إليه دراسة لـ"ماكنزي" إلى أن تكاليف التداول التشغيلية انخفضت بنسبة 30% تقريباً بسبب التداول الإلكتروني، وذلك بعد انخفاض آخر قد تصل نسبته إلى 40% بسبب استخدام الجوال وسهولة الوصول للمتداولين سواء عبر الهاتف نفسه أو عبر تطبيقاته المختلفة.

 

كما ارتفعت سرعة التداول بشكل ملحوظ بسبب التكنولوجيا الحديثة، حيث زادت سرعة التداول بنسبة 90% باستخدام أنظمة التداول الآلي، كما ارتفع حجم التداول بشكل ملحوظ، إذ زاد حجم التداول بنسبة تصل إلى 40% بسبب انتشار منصات التواصل الفوري في البورصة الأمريكية، والتي يستعين الكثير منها بسماسرة آليين بما يقلل كثيرًا من الأخطاء البشرية بنسبة بلغت 80% خلال الأعوام العشرة الأخيرة على سبيل المثال.

 

كما أسهمت التكنولوجيا الحديثة في تنويع وتوسيع قاعدة المتداولين في السوق، والتي ارتفعت في السوق الأمريكي بنسبة 50% على سبيل المثال خلال الأعوام الخمسة الأخيرة بسبب القدرة على الوصول لمتداولين ذوي رؤوس أموال محدودة نسبيًا قياسًا بما كان سائدًا من قبل، فضلًا عن تسهيل الوصول للسوق للشباب الذي يعتمد على تطبيقات الجوال في الكثير من شؤونه بما في ذلك التداول.

 

سلبيات خطيرة

 

وعلى الرغم من أن هذه الآثار تبدو إيجابية بالمجمل، ولكنها تخفي آثارًا سلبية خطيرة، فمع زيادة حجم التداول وقاعدة المتداولين ارتفعت عمليات المضاربة بشكل لافت، حيث زادت بنسبة 60% بين أعوام 2019-2024، لا سيما في ظل دمج الكثير من المتداولين لمحافظ مالية تتضمن العملات المشفرة مع الأسهم، بما يوسع من قاعدة المضاربة في ظل متداولين لا يقومون إلا بالتحليل الفني قصير المدى للغاية بما يحمله من مخاطر عدم الاستقرار في الأسواق.

 

 

كما رصدت هيئات الرقابة على الأسوق تزايدًا لافتًا في حالات التلاعب بالأسعار، حيث ارتفعت بنسبة 20% على الأقل بسبب التداول الآلي، كما زادت الهجمات السيبرانية على البورصات العالمية بنسبة 300% خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة بما يهدد -في حالة نجاح بعض تلك الهجمات- بانهيارات أو أزمات كبيرة في بعض الأسواق.

 

ولعل الأثر الأهم كان زيادة تقلبات السوق، حيث وصف "وارين بافيت" السوق في الآونة الأخيرة بأنها أصبحت تشبه مكاناً للمقامرة أو للمزادات غير المنطقية، حيث يسعى الكثير من المتداولين للاستثمار في الأسهم "الصاعدة" بغض النظر عن تحليل القيمة أو احتمالات النمو للشركة التي يشترون أسهماً بها بما يؤدي لموجات صعود "غير مبررة" كثيرًا ما يتبعها تراجع أو يستمر الصعود غير المنطقي بما يهدد بانهيارات كبيرة للسوق لاحقًا.

 

وتكشف الإحصائيات بالفعل عن زيادة تقلبات السوق بنسبة 25% بسبب التداول الآلي، حيث يتدخل الكثير من المتداولين في السوق لفترة وجيزة، تقل في بعض الحالات عن شهر أو 3 أشهر في المتوسط، كي يستفيدوا من موجة ارتفاع قصيرة، ثم أن يقوموا بالبيع قبل القيام بالأمر نفسه مع أسهم جديدة، بما يتسبب في منحنيات شديدة الحدة صعودًا وهبوطًا للعديد من الأسهم ويفرض حالة من القلق وعدم الاستقرار في السوق.

 

التواصل الاجتماعي وتأثيره

 

وهنا يجب ذكر تأثير مواقع التواصل الاجتماعي السلبي على السوق، من خلال حالة "غيم ستوب" الشهيرة، والتي تسببت في صعود الأسهم بشكل كبير ثم هبوطها بشكل حاد.

 

وتمكن مجموعة من المستخدمين على موقع ريديت Reddit التلاعب في سوق الأوراق المالية في الولايات المتحدة من خلال الاستفادة من ضجة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي من دفع سهم شركة متاجر التجزئة للألعاب "غيم ستوب" من سعر يبلغ حوالي 17 دولارًا أوائل يناير 2021 إلى مستوى قياسي بلغ 469.42 دولار في 28 يناير من الشهر نفسه، قبل أن ينهار سعر السهم بعدها بشهر لمستويات دون 17 دولارا مجددًا.

 

 

وتسبب هذه الحالة خسائر فادحة للعديد من المتداولين الذين بدأوا في إدراك الموجة الصاعدة للسهم في مراحل متأخرة بما أدى لخسائر كبيرة، وبالطبع استفاد البعض ممن "دبروا" هذه الموجة الصاعدة للسهم، ولكن قاعدة الخسارة كانت أكبر كثيرًا في ظل عدم إدراك غالبية المتداولين لطبيعة الصعود ومداه المحتمل والمستويات التي قد ينكسر عنها هذا الصعود غير المحسوب.

 

وهنا يجب الإشارة إلى أن دراسة لمجلة العلوم الحاسوبية وجدت ارتباطًا بين معدل تداول الأخبار والشائعات والتحليلات على موقع "إكس" وحجم تداول الأسهم أو صعودها (هبوطها) بنسبة ارتباط شرطي مؤكد وصلت إلى 86.7%، وذلك بغض النظر عما إذا كان الذي يتم تداوله حول الأسهم في "إكس"صحيحا ومثبتا أم لا.

 

فمع تناقل الشائعات حول سهم بعينه وعدد من الحسابات ذات المتابعين الكُثر يرتفع الإقبال على التداول بدرجة كبيرة، ويلاحظ هنا أن ما يتم تداوله يكون تخمينات وقراءات وتحليلات أكثر منها معلومات موثوقة، بما يؤشر لأن التأثير لا يكون صحيحًا في كثير من الأحيان، ويؤدي للمزيد من التذبذب والتضارب في الأسواق.

 

الخطر الأكبر

 

لا شك أن الخطر الأكبر والأحدث يتمثل في زيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي وما يتبعه من زيادة عمليات التداول الوهمي والتلاعب في الأسعار، حيث انخفضت الثقة في سوق الأسهم بنسبة 15-20% بسبب هذا الأمر، كما ازدادت الخسائر المالية لصغار المتداولين بنسبة 10-20% في المتوسط، في ظل تفاقم تقلبات السوق بنسبة 30% بسبب استغلال الذكاء الاصطناعي للتداول الآلي السريع.

 

 

والشاهد أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في ازدياد بين المؤسسات من جهة، سواء الكبيرة منها أو الصغيرة، كما أن الفئات الشابة من المتداولين أكثر ميلا للاعتماد عليه من الفئات الأكبر سنًا بين المتداولين الفرديين، بما يعكس أن يشهد المستقبل المزيد من التوغل للذكاء الاصطناعي في عالم تداول الأسهم.

 

ومع زيادة المزايا والمخاطر التكنولوجية فإنه لا يمكن الحديث عن وقت تنطبق فيه مقولة إن المستثمر الجيد لا بد أن يتمتع بعقل جيد، والأهم أن يتمتع بـ"معدة قوية"، في إشارة إلى قدرته على تحمل الضغوط النفسية، أكثر من الوقت الحالي، في ظل رؤية المتداول لمنحنيات صاعدة وأخرى هابطة للأسهم التي يمتلكها بما يستلزمه ذلك من هدوء وثقة في تحليله الذي يبني عليه قراراته الاستثمارية.

 

المصادر: أرقام- ماكينزي- فوربس- وورلد فيدريشن أوف إكستشنج- ديلويت

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق