نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
توضيحات تنسف المغالطات المتداولة حول مشروع تعديل مدونة الأسرة وتحسم الجدل - عرب فايف, اليوم السبت 28 ديسمبر 2024 05:03 مساءً
شهدت الساحة المغربية مؤخرا نقاشات ساخنة حول مشروع تعديل مدونة الأسرة، حيث تم الترويج لمجموعة من المغالطات والمفاهيم الملتبسة التي أثيرت حول قضايا الحضانة وتقسيم الثروة، وهو الجدل الذي لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة سوء فهم البعض للمقترحات المطروحة، واستخدام البعض الآخر لهذه القضايا كذريعة لإثارة الرأي العام دون مراعاة الحقائق القانونية والاجتماعية.
وتتعلق أولى هذه المغالطات بمسألة الحضانة بعد زواج الأم المطلقة، حيث يروج البعض أن بقاء الحضانة عند الأم في هذه الحالة يعني إلزام الأب بالإنفاق على طليقته وزوجها الجديد، وهو ادعاء يجافي الحقيقة القانونية، التي يوضحها التشريع المغربي الذي يلزم الأب فقط بالنفقة على أبنائه، وليس على طليقته التي تنتهي التزاماته تجاهها بمجرد انقضاء فترة العدة، كما يحق للأب المطالبة بإسقاط الحضانة إذا ثبت أن مصلحة الطفل الفضلى لم تعد متحققة مع الأم بعد زواجها.
ويقوم نظام الحضانة في المغرب، المستند إلى الشريعة الإسلامية، على مبدأ أولوية النساء، حيث تأتي الأم في المرتبة الأولى، تليها جدتها ثم أختها، قبل أن يكون الأب مؤهلا للحضانة في المرتبة الخامسة، ما يعكس التوجه نحو ضمان الاستقرار النفسي والاجتماعي للطفل من خلال بقائه مع أقرب الأشخاص إليه وجدانيا.
أما في ما يتعلق بمسألة تقسيم الثروة، فقد أثير الكثير من اللغط حول ما يسمى بـ"تقاسم الثروة" بين الزوجين، فبينما يصور هذا الأمر في بعض الأوساط على أنه انتزاع لحقوق الرجل، فإن الحقيقة أكثر تعقيدا، حيث لا ينص التعديل المقترح على تقاسم شامل لكل الممتلكات المكتسبة قبل الزواج، بل يقتصر على تنظيم كيفية تقدير العمل المنزلي للزوجة باعتباره إسهاما فعليا في بناء الثروة المشتركة خلال فترة الزواج، وهي الخطوة التي تأتي تكريسا للعدالة اجتماعية، عبر الاعتراف بالدور غير المدفوع الذي تؤديه الزوجة في تكوين الأسرة ودعم الزوج.
ومن الضروري هنا الإشارة إلى أن تطبيق هذا التعديل سيكون محكوما بضوابط دقيقة، تأخذ في الاعتبار مدة الزواج وظروف الطرفين، لتجنب أي استغلال أو مغالاة، ما يجعل الهدف ليس فرض التزامات مالية جديدة على الأزواج، بل تحقيق إنصاف متوازن للطرف الذي ساهم في تكوين الثروة بطرق غير تقليدية.
ومن خلال هذه المعطيات، يبدو واضحا أن النقاش الدائر حول مشروع تعديل مدونة الأسرة يحتاج إلى مزيد من التروي والتحليل العقلاني بعيدا عن التأويلات المغلوطة، باعتبار المسألة ليست صراعا بين الرجل والمرأة، بل هي محاولة لتطوير إطار قانوني يعكس التحولات الاجتماعية، ويضمن حماية حقوق جميع أفراد الأسرة في إطار من العدل والإنصاف.
0 تعليق