عاجل

تحيز قصر النظر في سوق الأسهم .. مضيعة للوقت والمال والجهد - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

يقول خبراء الإدارة والموارد البشرية إنهم يسعون من خلال السؤال الشهير الذي يتم طرحه في مقابلات التوظيف "كيف ترى نفسك خلال 5 أعوام؟" إلى تقدير مدى تمتع المرشح للوظيفة بنظرة طويلة الأجل لمستقبله، حيث تعطيهم إجابته فكرة عن قدرته على التخطيط طويل المدى وليس الاكتفاء بإدارة شؤون عمله بشكل يومي، بما يدلهم على قدرة المرشح على أداء متطلبات وظيفته لا سيما إذا كانت تتطلب التخطيط.

 

ويتمتع هؤلاء الذين لديهم نظرة طويلة المدى لتطورهم الوظيفي بفرصة أكبر للنجاح والترقي، وهو ما ينطبق أيضًا على عالم الاستثمار لا سيما في سوق الأسهم، حيث يعتبر تحيز قصر النظر (myopic behavior) من بين أكثر أسباب معاناة المستثمرين في سوق الأسهم من الخسائر، بينما يتمتع هؤلاء ذوو الرؤى المستقبلية بفرص أكبر للنجاح في السوق.

 

 

مقارنة المكسب بالخسارة

 

ويشير الاقتصادي الحاصل على نوبل "دانيال كانيمان" إلى أن أكثر ما يُظهر قصر نظر الكثير من المستثمرين هو اختلاف رؤيتهم للمكسب مقارنة بالخسارة، حيث يميلون إلى تقييم الخسائر بشكل أكبر من المكاسب، مما يدفعهم إلى اتخاذ قرارات متحفظة في مواجهة الخسائر المحتملة، بمعنى أن إدراكهم لاحتمال الخسارة في سهم ما -وهو احتمال قائم دومًا- قد يدفعهم للإحجام عن شرائه كلية.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

ولذلك يقوم بعض المستثمرين، وسعيًا لتسهيل العملية العقلية التي يجريها للاستثمار، إلى تجاهل احتمالات الخسارة كلية والنظر إلى احتمالات الربح ونسب النمو فحسب، وهذا أيضًا قصور في النظر، ويصيب قرابة 70% من المتعاملين في السوق، حيث يمكن لغالبيتهم إخبارك عن احتمالات نمو السهم، ولكنهم لا يرصدون أو يتجاهلون ما لاحظوه حول احتمالات هبوطه.

 

ويشير "كانيمان"، الخبير في علم الاقتصاد السلوكي، إلى أن النماذج الأكثر نجاحًا في عالم الاستثمار بشكل عام وليس في سوق الأسهم فحسب، هي التي تميل للتخطيط لفترات طويلة للغاية، وتضع "سيناريوهات" متعددة للاستثمار، وتضع نقاطًا محددة للتدخل في الاستثمارات بالبيع والشراء بشكل مُسبق، وليس وفقًا للتطورات الآنية، والتي تكون موضوعة بشكل مسبق في الحسبان.

 

التنقل بين الاستثمارات

 

وتشير الدراسات إلى أن هؤلاء الذين يستمرون في التنقل بين الأسهم المختلفة بشكل سريع ولا يستقرون في السوق في أسهم بعينها لفترات طويلة -18 شهرا إلى سنتين على الأقل- يخسرون 2-3% من مجمل استثماراتهم سنويًا بسبب هذا الأمر فحسب، كما أن فرصهم في تحقيق الربح تقل بنسبة 90% عن هؤلاء ذوي الاستثمارات الطويلة وذلك بسبب تأثرهم الشديد بالتقلبات قصيرة المدى.

 

وأجريت دراسة حالة في السوق الأمريكي على مستثمرين على مدى 10 سنوات، ووجدت أنه في أكثر من 96% فإن هناك ارتباطا إيجابيا بين فترة الاحتفاظ بالأسهم والأرباح التي يحققها المتداول في السوق، وأنه في حالة الاحتفاظ بالأسهم لفترات تقل عن 15 شهرًا فإن حالات النجاح تكون شديدة الندرة وتعتمد بالأساس على صعود السوق بأكمله وليس السهم المختار.

 

 

والشاهد أن أحد أبرز المستثمرين في تاريخ السوق الأمريكي، بيتر لينش، أشار إلى أنه بدأ الاستثمار في سوق الأسهم مع مجموعة من الأصدقاء الذين كان الكثير منهم يركز على الوقت الذي سيستغرقه كي يضاعف رأسماله أو يحقق أرباحا بنسبة 100%، وأن كثيرا منهم كانت تقديراته وطموحاته في هذا الشأن غير واقعية، حتى أن كثيرين قدروا حدوث هذا خلال أقل من عام.

 

ويعتبر "لينش" أن "التوقعات" غير الواقعية في سوق الأسهم قادت كثيرين إلى الخسارة في سوق الأسهم لاحقًا، حيث دفعتهم إلى المخاطرة غير المحسوبة، وتغيير المراكز المالية بشكل مستمر، بما ألحق بهم خسائر فادحة، مشيرًا إلى أنه الوحيد الذي أكمل طريقه في الاستثمار سواء في سوق الأسهم أو خارجه بسبب قدرته على تخيل الاستثمارات التي يضعها الآن بعد سنوات وليس بعد أسابيع أو أشهر.

 

ولعل مقولة لينش الشهيرة بأنه لا يهتم لشراء سهم يعلم أنه سيرتفع 10% خلال أشهر، ولكنه يهتم لسهم يعلم أنه يعلم أنه سيرتفع 1000% خلال 10-20 عامًا، فهذا السهم يستحق بذل الجهد التحليلي ومتابعة أساسات الشركة بشكل مستمر وتحليلها وتقصي أخبارها وموقفها التنافسي بالتفصيل، أما إجراء مثل هذا الأمر على عدة شركات كل بضعة أشهر فهو أمر أقرب للاستحالة ويجعل الاستثمار معقًدا أكثر مما ينبغي بالتالي تزيد احتمالات الفشل.

 

ويتفق سلوك "وارين بافيت" مع فكرة "لينش" حتى عند استثماره في شركة تنشط في قطاع "مغامر" نسبيًا،  مثل "أبل" التي تنشط في القطاع التكنولوجي، قياسا باستمارات أخرى مثل "كوكاكولا" و"بنك أوف أمريكا"، حيث حصل "بافيت" على أسهم الشركة في 2016 وبدأ في بيعها بداية 2024 أي أنه احتفظ بالأسهم لـ8 سنوات تقريبًا، بما يؤكد غياب تحيز النظرة القصيرة الذي يعاني منه كثير من المستثمرين في قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة.

 

 

كما أن تبريرات "بافيت" لاستثماره في "أبل" بعيدة تماما عن الأسباب قصيرة المدى، فمن بينها الوضع التنافسي للشركة الأمريكية، لا سيما داخل السوق الأمريكي، بالإضافة إلى ما وصفه قبل ذلك بـ"ولاء" مستخدمي "أبل" لعلامتها التجارية، فضلًا عن لقاءاته مع قادة الشركة التي قادته للاعتقاد بقدرتهم في إدارة الشركة بقدر كبير من الكفاءة، وليس تقلبات سريعة متعلقة بالمبيعات أو بالأرباح الفصلية.

 

رهانات النجاح والفشل

 

ومن بين أهم نواحي قصر النظر في سوق الأسهم هو أن يرى المستثمر نجاحه أو فشله مقترنًا بعامل واحد، كأن يستثمر في شركة تكنولوجيا اعتمادًا على توقعات انخفاض أسعار الرقائق الإلكترونية في الفترة المقبلة وبالتالي زيادة أرباح تلك الشركة وارتفاع سعر سهمها تواليًا، والشاهد أن هذا قد يكون عاملًا مؤثرًا هامًا لكن قصر دراسة المستثمر على هذا العمل يضعه بين 70-80% من المستثمرين الذين لا يدرسون العوامل المؤثرة على السوق بما تستلزمه من التفصيل، بل ويكتفي غالبيتهم بدراسة عامل واحد فحسب.

 

ويشير "ريتشارد دينيس" أحد أشهر المستثمرين في السوق الأمريكي إلى أنه يقضي في المتوسط شهرين إلى 4 أشهر في دراسة الأسهم التي ينوي الاستثمار فيها، بما في ذلك قراءة تفصيلية عن الصناعة التي تنشط بها وتفاصيل الشركة وقوائمها المالية خلال آخر 5 أعوام، مضيفا أنه يدرس أكثر من سهم في نفس الوقت، لكنه لا يستغرق في المتوسط أقل من ذلك، وبالتالي ليس من المنطقي أن يضخ أمواله بعد دراسة طويلة مثل تلك لأقل من بضعة أعوام.

 

وفي هذ الإطار، وجدت دراسة لجامعة "تكساس" التقنية أن أهم عامل في فكرة النظرة القصيرة هو المتابعة الكثيفة للأسهم، حيث يميل هؤلاء الذين يتابعون الأسهم بصورة مكثفة وعلى مدار الساعة إلى المعاناة من قصر النظر في الأسواق، في مقابل تمتع هؤلاء الذين يمتنعون عن إبقاء أعينهم على شاشات الأسواق بنظرة أوسع للسوق وتقدير أبعد لتطورات أسعار الأسهم فيه.

 

وأجرت الدراسة تجربة بسؤال هؤلاء الذين يتابعون الأسهم بشكل كثيف عما إذا كان من الممكن أن تنخفض الأسهم الرئيسية بنسبة 20% خلال العام المقبل، فأفاد أكثر من 40% بإمكانية حدوث ذلك، بينما انخفضت النسبة إلى أقل من 12% بين هؤلاء الذين لا يبقون أعينهم معلقة على شاشات السوق باستمرار ويتابعون التقارير الكلية التي ترشدهم لتوقعات أكثر واقعية حول انخفاض الأسهم أو ارتفاعها لا سيما على المديين المتوسط والطويل.

 

 

بل وأشارت دراسة أخرى إلى أن أكثر من 50% من الذين يعانون تحيز قصر النظر يجرون العمليات الحسابية بطريقة عقلية خاطئة، بأن تنخفض قيمة أسهم يملكها الشخص من 1000 ريال إلى 800 ريال أي بانخفاض 20%، وعند صعوده بنسبة 20% أخرى يعتبر أن رأسماله عاد إلى ما كان عليه، على الرغم من أن صعود الأسهم بقيمة 800 ريال بنسبة 20% يجعلها تصل لـ960 ريالًا وليس ألف ريال.

 

وأشارت الدراسة أيضًا إلى تأثير عامل العمر على نظرة المستثمر القصيرة أو الصائبة لسوق السهم، حيث إن المستثمرين الأكبر عمرًا يميلون إلى التمتع بنظرة أطول للأسواق، على عكس المستثمرين الأقل عمرًا، وتقل معاناة المستثمرين من تحيز النظرة القصيرة بنسبة 7-9% مع كل عقد من الزمن في عمر المستثمر في المتوسط، بما يعكس أثر بناء التجارب الإيجابي على المستثمر في السوق.

 

ويجب التشديد على أن معاناة المستثمر من تحيز قصر النظر لا يجعله يخسر المال فحسب، لكنه يعاني أيضًا من اضطرابات عصبية مستمرة بسبب استجابته المبالغ بها لكافة المتغيرات في السوق، سواء كانت مهمة أو غير ذلك، كما يضيع وقته أيضًا في التوقف عند تفاصيل غير أساسية كان أولى به تجاهلها والاهتمام بغيرها من المعلومات والتقارير المهمة.

 

المصادر: أرقام- دراسة"The Effect of Myopic Behavior on Stock Market Risk Perception"- كتاب " One Up on Wall Street"- ياهو فاينانس- نيويورك تايمز

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق