شكّل ملف الأمن الغذائي أولوية مهمة رسّختها «الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051» والهادفة إلى تطوير منظومة وطنية شاملة تقوم على أسس تمكين إنتاج الغذاء المستدام، وتطوير إنتاج محلي مستدام ممكّن بالتكنولوجيا لكامل سلسلة القيمة، وتكريس التقنيات الذكية في إنتاج الغذاء. ولتحقيق ذلك تبنّت دولة الإمارات العديد من التقنيات الزراعية المتقدمة، كما وظّفت أحدث وسائل التكنولوجيا الذكية لإطلاق المشاريع الزراعية الرائدة عالمياً التي استطاعت تقديم صورة حية عن التوازن بين تلبية متطلبات ملف الأمن الغذائي ومضاعفة الإنتاج ودعم التنويع الاقتصادي الشامل القائم على المعرفة، وفي الوقت ذاته تحقيق أعلى درجات استدامة الموارد الطبيعية، لاسيما الموارد المائية.
وتعد «مزرعة بستانِكَ» في دبي التي أنشأتها «الإمارات لتموين الطائرات» التابعة لمجموعة الإمارات، نموذجاً فريداً على المستوى العالمي في هذا الخصوص، إذ تعتبر أكبر مزرعة رأسية تعتمد على الزراعة المائية في العالم، وتستخدم تقنيات متطورة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والتطبيقات المتقدمة، كما تعتمد على دورة إنتاج مستمرة تضمن إنتاجاً فائق النضارة والنظافة، ومن دون استخدام أي مبيدات أو مواد كيماوية، لضمان تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي من احتياجات الدولة الغذائية وتحقيق استدامة مواردنا، ومضاعفة الإنتاج ودعم التنويع الاقتصادي الشامل القائم على المعرفة.
وتحرص حملة «أجمل شتاء في العالم» في نسختها الخامسة التي انطلقت تحت شعار «السياحة الخضراء»، بالتعاون بين وزارة الاقتصاد والمركز الزراعي الوطني والهيئات السياحية المحلية في الدولة، على تسليط الضوء على الوجهات السياحية الزراعية الناجحة والتركيز عليها بهدف تشجيع المشاركة المجتمعية في الممارسات الزراعية المستدامة، وتحفيز الزيارات السياحية إلى هذه المزارع والمشاريع الزراعية المستدامة في إطار استراتيجية السياحة الداخلية في دولة الإمارات التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والهادفة إلى تطوير منظومة سياحية تكاملية على مستوى الدولة.
تقنيات ذكية
قبل عامين وتحديداً في 18 يوليو 2022 أعلنت «الإمارات لتموين الطائرات»، أحد أكبر مزودي تموين الطائرات في العالم، عن افتتاح أكبر مزرعة رأسية تعتمد على الزراعة المائية في العالم، وهي «مزرعة بستانِكَ»، التي تمتد على مساحة 330 ألف قدم مربعة بالقرب من «مطار آل مكتوم الدولي» في «دبي وورلد سنترال»، باستثمارات وصلت إلى 150 مليون درهم.
وتعتمد «مزرعة بستانك» على مبدأ الزراعة المائية التي تعد إحدى طرق الزراعة من دون تربة، إذ يتم استخدام الماء كوسيط زراعي لنمو النباتات، وتمثل مشاريع الزراعة من دون تربة طريقة مجدية اقتصادياً على المدى المتوسط والبعيد من حيث قدرتها على استعادة تكاليف المشروع وفقاً لجدول زمني يراوح بين خمس و10 سنوات.
وتتنوع المشاريع الزراعية الرائدة في دولة الإمارات المعتمدة على التكنولوجيا الحديثة، وتعد الزراعة المائية من دون تربة أحد أبرز هذه المشاريع، إذ تصل إنتاجية الزراعة من دون تربة إلى ما يقارب أربعة أضعاف نظيرتها بالزراعة المحمية العادية، بالنظر لاستخدام مساحة أقل وعدد نباتات أكثر، كما تعد محاصيل الخيار والطماطم والطماطم الكرزية والفلفل والخس والفراولة من أهم المحاصيل التي تزرع في الدولة باستخدام نظام الزراعة المائية.
استثمار الموارد
ومنذ افتتاحها حرصت «مزرعة بستانِكَ» على استثمار الموارد، لاسيما المائية بدقة عالية تكفل أداء مهامها في توفير الغذاء الصحي المستدام، إذ تقوم المزرعة على تقنيات الزراعة الرأسية الذكية والتي تضمن خفض المياه المستهلكة في الزراعة بنسبة 95% عن كميات المياه التي تحتاج إليها الزراعة التقليدية، مع قدرتها على توفير المحاصيل الورقية ورفد الأسواق بها على مدار العام بلا انقطاع ومن دون التأثر بتغير المناخ والفصول، وحققت نتيجة لذلك إنجازات باهرة، إذ تتمتع المزرعة الآن بالقدرة على إنتاج ما يزيد على مليون نبات مستزرع في أي وقت، ما يتيح لها إنتاج 3000 كيلوغرام من الخضراوات الورقية الطازجة ذات الجودة العالية يومياً، وتتواصل هذه الإنتاجية بثبات على مدار العام بحيث تصل طاقتها الإنتاجية إلى أكثر من مليون كيلوغرام من الخضراوات الورقية عالية الجودة سنوياً.
كما تسهم «بستانك» في تأمين سلاسل الإمداد والتوريد التابعة لشركة «الإمارات لتموين الطائرات»، وضمان تمتع المسافرين على متن الرحلات المستفيدة من خدمات الشركة وفي مقدمتها «طيران الإمارات» بمنتجات غذائية عالية الجودة منتجة محلياً.
وتعد «مزرعة بستانِكَ» وجهة سياحية داخلية فريدة للزوار والسياح الباحثين عن جمال الطبيعة المعزز بالحفاظ على البيئة واستثمار الموارد الطبيعية على أكمل وجه، إذ تتيح الاطلاع على التقنيات المتطورة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي والتطبيقات المتقدمة، والتي يديرها فريق متكامل من المتخصصين ذوي الكفاءات العالية، من خبراء زراعيين ومهندسين وأخصائيين في علوم البستنة، وعلماء النبات.
لا مبيدات
تمتاز «مزرعة بستانِكَ» باعتمادها على دورة إنتاج مستمرة تضمن إنتاجاً فائق النضارة والنظافة من دون استخدام أي مبيدات أو مواد كيماوية، في حين تم تزويد المزرعة بنظام الدائرة المغلقة للري، إذ يعاد تدوير المياه ما يسهم في توفير 250 مليون لتر من الماء سنوياً، مقارنة بالزراعة الخارجية التقليدية التي تنتج كمية المحصول نفسها.
يشار إلى أن الإمارات تعد الدولة العربية الأولى التي تعتمد المزارع العمودية أو الرأسية المبتكرة في إنتاجها الزراعي وذلك تماشياً مع توجه الدولة في دعم المنظومة المستقبلية لاستدامة إنتاج المحاصيل الزراعية بما يحقق التنوّع والأمن الغذائي، حيث تشكل الزراعة الرأسية أو العمودية إحدى أبرز وسائل تعزيز منظومة الغذاء والزراعة المتطورة في دولة الإمارات ومواكبة كل التقنيات الحديثة المستخدمة في قطاع الزراعة وكامل سلسلة القيمة الغذائية، بما يخدم تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، كما شهدت الإمارات خلال العام الماضي الإعلان عن إطلاق وتدشين عدد من المشاريع الضخمة للزراعة العمودية الأمر الذي يسهم في زيادة حجم الإنتاج المحلي من المنتجات الزراعية وتحسين معدلات الاكتفاء الذاتي منها.
حملة «أجمل شتاء في العالم»، في نسختها الخامسة، تسلط الضوء على الوجهات السياحية الزراعية الناجحة.
. 3000 كيلوغرام من الخضراوات الورقية الطازجة ذات الجودة العالية يومياً.
. 18 يوليو 2022 أعلنت «الإمارات لتموين الطائرات»، التابعة لمجموعة الإمارات، عن افتتاح المزرعة.
0 تعليق