نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تشريعات وغرامات حمايةً وانتصاراً للغة العربية - عرب فايف, اليوم الاثنين 23 ديسمبر 2024 11:35 مساءً
من أكثر المواقف استفزازاً لمشاعرنا أن يقف أحد مسؤولي جامعة الدول العربية في كثير من المناسبات، فيتحدث بلهجة عامية أو لغة أجنبية بمؤتمره الصحفي أو خطاباته الرسمية، وليس من الترف أن نطالب بإعادة النظر بشروط العمل في جامعة الدول العربية ومؤسساتها ومنظماتها واتحاداتها التي يفترض أنها الواجهة والمنصة لهويتنا العربية ليتحدث مسؤولوها بلسان عربي مفهوم دون لهجات محلية ودون مفردات أجنبية، والتأكيد على ضرورة تأهيل هؤلاء المسؤولين وتمكينهم القابل للتمكين لغوياً تحدثاً وكتابة، واستبدال ماعدا ذلك بالكفاءات العربية المؤمنة باللغة العربية والمؤهلة.
كما أن الوقت قد حان لفرض شرط إجادة العربية تحدثاً وكتابة على كافة العاملين في القطاعات الإعلامية العربية ولكافة المستويات القيادية والتنفيذية والمهنية خاصة الإعلام الحكومي.
لقد كتبتُ كثيراً عن حتمية وضرورة التوأمة بين أقسام الإعلام في الجامعات واللغة العربية، فلا بد من أن يفهم القائمون على جامعاتنا وعلى كليات وأقسام الإعلام الارتباط المهني والأكاديمي الوثيق بين اللغة العربية وأقسام الإعلام، فلا يمكن فهم أو تبرير الفصل التعسفي الأكاديمي بين أقسام الإعلام واللغة العربية، ولا بد أن نعرف أن الفصل الأكاديمي بين قسم اللغة العربية وأقسام الإعلام والأقسام الإدارية والدراسات الإنسانية هو السبب المباشر للفصل التعسفي بين اللغة العربية المهنية من جهة والإعلام والإدارة و الدراسات الإنسانية الاحترافية في واقع الممارسة لسوق العمل.
اللغة العربية تمر بمفترق طرق حاد ودقيق، فإما أن تعبر إلى المستقبل ونضمن استدامتها من خلال آلية (العصا والجزرة)، أو أن يتم حصارها وقتلها مثلما حاصرها المستعمر البريطاني والفرنسي في أفريقيا وفي بقية المستعمرات. أما القول إن لدينا في الدول العربية مؤسسات ومجامع لغوية ومدارس وأكاديميات تعنى باللغة العربية وشغلها الشاغل هو اللغة العربية، فهذا لا يضيف شيئاً كثيراً للغة العربية في ظل كمية ونوعية المتغيرات التي تتطلب محتوى عربياً محكَّماً لغوياً. فكمية ونوعية المنتجات التقنية والرقمية، وتداعيات النظم التعليمية العربية وتردي مستوياتها، والانكسارات التي تشهدها بعض الدول العربية، تحتّم تشريعات وقوانين تراقب وتحاسب وتطبَّق بصرامة على المؤسسات وعلى المسؤولين الذين لا يقيمون اعتباراً للغة العربية والذين يحولون بين اللغة العربية والهوية الحضارية، والذين يختطفون المهنة من اللغة العربية أكاديمياً ومهنياً وإدارياً وفي كافة أوجه تحقيق الهوية والمهنة والممارسة الصحيحة للغة وفرض غرامات ضد المؤسسات الحكومية والتجارية والمسؤولين المخالفين للتشريعات والقوانين المنتظرة التي يستهتر مسؤولوها ومديروها باللغة العربية من خلال مداخلاتهم ومكاتباتهم ومشاركاتهم المحلية والعربية على مستوى كل دولة عربية.
في اليوم العالمي للغة العربية، تحتفي الشعوب العربية بها بمختلف مستوياتها ومناطقها، لكن اللغة العربية يتيمة على المستوى الرسمي العربي. على سبيل المثال، تحضر كل الجهات وكل المؤسسات والاعتبارات في وضع عشرات الشروط المطلوبة للوظيفة العامة، وحدها اللغة العربية تغيب ويغيب معها من يطالب باشتراطها، وحدها اللغة العربية يتيمة لا أحد يطالب بها تحدثاً وكتابة خاصة للمواقع القيادية والإدارية والمهنية الحيوية في الوظيفة العامة مثلما، تحضر وتفرض شروط إجادة اللغات الأجنبية.
لقد حان الوقت لإيجاد مؤسسة تراقب وتحاسب وتطبّق التشريعات المنتظرة والقوانين التي تكفل تدريس واستخدام اللغة العربية استخداماً مهنياً حضارياً في الجهاز الحكومي والقطاع الخاص، وفرض غرامات مالية على من يتعمد تجاهل تدريس أو استخدام اللغة العربية في مواقعها الحيوية بما في ذلك جامعة الدول العربية.
لا يفوتني أخيراً أهمية استخدام مبدأ (العصا والجزرة) في سبيل احترام اللغة العربية واستخدامها عملاً بترجمة دساتير الدول التي تنص دساتيرها على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية، فبجانب العقوبات والغرامات المقترحة، يجدر بالدول العربية جوائز سنوية لأفضل الممارسات الحكومية وغير الحكومية العربية والدولية في التجارب وقصص النجاح في مجال تدريس واستخدام وتطوير اللغة العربية وفي سبيل تمكين اللغة العربية من سوق العمل وثورة الصناعات الحديثة، وتكريم المبدعين في ابتكار البرامج والتطبيقات والمنصات والبرامج الرقمية التي تخدم تعليم واستخدام وتطوير اللغة العربية.
0 تعليق