محتالون يستدرجون بائعي سيارات فارهة بأسعار مغرية وشيكات «مضروبة» - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

شهدت ساحات المحاكم في الدولة، خلال الآونة الأخيرة، قضايا عدة لضحايا عمليات احتيال تستهدف بائعي السيارات، خصوصاً الفارهة، عبر مواقع التسوق الإلكتروني، من خلال استدراجهم بمقابل مغرٍ، ومنحهم شيكات «مضروبة» أثناء عملية التسجيل.

ورصدت «الإمارات اليوم» حالات عدة لأصحاب سيارات بالغوا في التصرف بحسن نية، رغم تحذيرات موظفي التسجيل من التوقيع على نقل ملكية المركبة قبل التأكد من استلام أموالهم، لدرجة وصلت إلى سؤال أحد موظفي التسجيل لبائع أكثر من مرة: هل تقاضيت ثمن سيارتك؟ وكان رد فعل الأخير هو الانفراد بالمشتري (المحتال)، ليطلب منه أن يقسم بأنه لن يخدعه أو ينصب عليه.

وكشف قانونيان أن محترفي هذا النوع من الاحتيال كانوا يستغلون في الماضي قيد التهمة بـ«تحرير شيك بسوء نية أو من دون رصيد» في التسويف والمماطلة، وجرّ الضحايا إلى مسار قضائي طويل، لكن تغير الموقف الآن في ظل قيد التهمة بـ«الاستيلاء على مال الغير بطريقة احتيالية»، ما حقق كثيراً من الردع، لكن تبقى المشكلة في الوعي وتجنب الطمع، لأن المحاكم ستنصف المجني عليهم بالتأكيد، لكن ربما تصعب عليهم استعادة أموالهم، أو سياراتهم التي يتم تسفيرها غالباً فور نقل ملكيتها.

وتفصيلاً، نظرت المحاكم في الدولة قضايا احتيال عدة على بائعي سيارات عبر مواقع التسويق الإلكتروني، بعد فترة من انخفاض معدل هذا النوع من الجرائم، في ظل حملات توعية مكثفة نفذتها الأجهزة الأمنية مع بداية انتشار هذا الأسلوب الإجرامي، من بينها عملية احتيال على شخص عرض سيارته للبيع عبر تطبيق معروف، فاتصلت به امرأة وأخبرته برغبتها في شراء السيارة، وأنها سترسل إليه مدير مكتبها لإتمام الصفقة، ووافقت على السعر الذي طلبه من خلال الإعلان، رغم أنه يزيد على القيمة السوقية للمركبة.

وقال المجني عليه إن مندوب تلك المرأة تواصل معه فعلياً، واختار موعداً في ساعة متأخرة قبل العطلة الأسبوعية، وحين وصل إلى مقر التسجيل، فوجئ بالرجل يحرر له شيك مدير، ويخبره بأنه لم يجد وقتاً كافياً لسحب المبلغ، وبعد تردد وافق مالك السيارة وباعه إياها بمبلغ يقارب 200 ألف درهم.

وحين أودع الشيك في البنك فوجئ بأنه مزور، وأنه نقل ملكية سيارته لمحتالين، فأبلغ الشرطة التي أجرت تحرياتها على الفور، وتم القبض على شخصين متورطين في الواقعة، وأدينا من قبل محكمة الجزاء، بل وأنصفته المحكمة المدنية، وقضت له بقيمة السيارة التي نُقلت على الفور باسم شخص ثالث، وتم تسفيرها إلى خارج الدولة.

وكشفت التحقيقات في هذه الواقعة أن هذين المتهمين احتالا على ضحايا آخرين بالطريقة ذاتها، معتمدين على التصرف بوجاهة وهمية، وادعاء عملهما في مكان مرموق.

وأعلنت شرطة دبي، أخيراً، عن ضبط عصابة احتيال دولية، خدعت عدداً من مالكي السيارات عبر إيهامهم بالرغبة في شراء سياراتهم المعروضة للبيع على أسواق إلكترونية، في مقابل منحهم شيكات مزورة.

وكشفت أن هؤلاء الأشخاص كانوا ينتحلون صفة أشخاص اعتباريين، لإقناع الضحايا بجديتهم في شراء السيارات، وبث الطمأنينة لديهم، ثم يُرسلون شخصاً لفحص المركبات أمام منازلهم، وبعد ذلك يطلبون منهم الحضور في وقت متأخر من الليل إلى أحد أفرع تسجيل المركبات للقاء «مندوب العصابة»، ليتم إنهاء إجراءات التسجيل، وتسليمهم الشيكات المزورة.

وبيّنت شرطة دبي أنه بمجرد نقل ملكية المركبة يستخدم «مندوب العصابة» صورة جواز مالك السيارة الجديد الذي تم تسجيلها باسمه، ويقوم بشحنها في الليلة نفسها إلى خارج الدولة، ويغادر معها، قبل أن يُراجع الضحية البنك في اليوم التالي، ليكتشف أن الشيك مزور.

ورصدت «الإمارات اليوم» حالات لضحايا تصرفوا بطريقة بالغة السذاجة مع المحتالين، من بينهم شخص من جنسية دولة آسيوية، عرض مركبته الفارهة مقابل 600 ألف درهم على موقع معروف، واتصل به شخص يتحدث بلهجة خليجية، وأبدى له رغبة كبيرة في شرائها.

ورحّب البائع، واتفقا على موعد في مقر التسجيل، وحين وقفا معاً أمام الموظف المسؤول لنقل الملكية، حذّره الأخير بأسلوب واضح، وسأله: هل تقاضيت ثمن المركبة؟ فارتبك الرجل، وشعر الموظف بذلك، فنصحه بعدم نقل الملكية قبل استلام ثمن السيارة بالكامل، أو الانتظار إلى حين التحقق من صرف الشيك.

وبدلاً من الاستجابة لتحذيرات الموظف، تصرف البائع بطريقة بالغة الغرابة، إذ استأذن منه دقيقة، واصطحب المشتري إلى الخارج، وصافحه قائلاً بلغة أقرب إلى التوسل «أقسم لي أنك جاد وصادق في المعاملة وأن هذا الشيك صحيح»، فاستجاب الرجل على الفور، وأقسم له بأنه صادق في كل خطوة، ومن ثم توجه المالك إلى مكتب التسجيل، ونقل ملكية سيارته طواعية إلى المشتري.

وبعد يومين تلقى الصدمة المتوقعة، إذ رد عليه البنك بأن الشيك مزور، فحرر بلاغاً بالواقعة، وتم ضبط المتهم وإحالته إلى المحكمة بتهمة الاحتيال، وصدر حكم بإدانته وحبسه ثلاثة أشهر وغرامة 600 ألف درهم، لكن كانت السيارة نُقلت فعلياً إلى الخارج.

ومن ضمن الحالات، رجل عرض مركبته بنحو 270 ألف درهم، وتلقى اتصالاً كالمعتاد من أحد المحتالين، الذي استدرجه وسلمه شيكاً ثبت تزويره، وحين تتبع مسار المركبة، تبين أن ملكيتها نُقلت فوراً إلى شخص آسيوي من دولة مجاورة.

وبالتحقيق في الواقعة، تبين أن المعاملة جرت بصورة سليمة كلياً، فالبائع مثل غيره نقل ملكية سيارته بإرادته، والمشتري الأخير للسيارة اشتراها بأوراق ومستندات سليمة، دون أن يعرف أن المشتري الأول الذي اشتراها من مالكها الأصلي وباعه إياها محتال محترف، تم القبض عليه ومحاكمته وحبسه عاماً وإبعاده عن الدولة وتغريمه قيمة السيارة.

من جهته، قال المحامي دكتور عبدالله آل ناصر، لـ«الإمارات اليوم»، إنه في ظل التطور المتسارع في استخدام المنصات الإلكترونية لإبرام الصفقات التجارية، لاسيما في مجال بيع وشراء المركبات، تتكرر جرائم الاحتيال التي تستغل هذه البيئة الرقمية المفتوحة.

وأضاف أن هذه الأساليب الإجرامية تعتمد على تسليم شيكات مؤجلة الدفع عند إتمام عملية الشراء والتسجيل، ليتبين لاحقاً أنها من دون رصيد، أو صادرة من حسابات مغلقة. وفي هذه الحالة، لا يُعد الأمر مجرد إخلال بالتزام مالي، بل يُصنّف قانوناً جريمة احتيال، نظراً إلى وجود نية مسبقة للاستيلاء على أموال الغير عبر الخداع والمراوغة.

وأشار إلى أنه يتم حالياً التعامل بصرامة مع هذا النمط الإجرامي، وشُددت العقوبات من قبل المحاكم تجاه من يثبت تورطه في هذه الأفعال، ولفت إلى أن قيد هذه الجرائم باعتبارها «احتيالاً» حقق كثيراً من الردع، إذ يعاقب عليها القانون بالحبس، فضلاً عن الغرامات المالية التي تُقدر بما يتناسب مع الضرر المالي الناتج، وصولاً إلى اتخاذ تدبير الإبعاد.

ولفت إلى ضرورة توخي الحذر الكامل عند بيع السيارات، وعدم الاكتفاء بالشيك كوسيلة دفع عند إتمام أي عملية بيع، بل التحقق من صرفه فعلياً قبل تسليم المركبة. وشدد على أهمية تحرير عقود موثقة تحفظ الحقوق، وتُسهم في إثبات النية الجنائية حال وقوع الاحتيال.

وأكد أن دولة الإمارات تضع حماية الأفراد والممتلكات في مقدمة أولوياتها، وتُكرّس إمكانات مؤسسية وقانونية متقدمة لضمان تحقيق العدالة، وملاحقة كل من تسوّل له نفسه استغلال البيئة الرقمية للإضرار بالآخرين.

بدوره، قال المحكم والمستشار القانوني، محمد نجيب، إن محترفي هذا الأسلوب الاحتيالي على دراية كبيرة بالقانون، وفي بداية انتشار جرائمهم كانوا يدركون أن التهمة التي ستوجه إليهم هي «تحرير شيك بسوء نية»، وهي من القضايا التي تستغرق فترة تقاضٍ طويلة، ولا يتم فيها حبس المتهم قبل التثبت من الواقعة، ويعتمدون خلالها على الطعن في تزوير التوقيع، وثغرات أخرى يستغلونها للإفلات من الجريمة.

وأضاف أن الوصف تغير الآن إلى تهمة النصب والاحتيال والاستيلاء على مال الغير، وهي جريمة يعاقب عليها القانون بصرامة، وفق المادة 451 من قانون العقوبات، خصوصاً عندما تقترن بتزوير أو استعمال وسيلة احتيالية للاستيلاء على أموال أو ممتلكات الغير، الأمر الذي حقق كثيراً من الردع، وبالتالي انخفاض مؤشر هذا النوع من الجرائم لفترة كبيرة، قبل أن تشهد تكراراً في الفترة الأخيرة، بسبب قلة وعي البائع من ناحية، وطمعه من ناحية أخرى، فضلاً عن احترافية المحتالين الذين يستخدمون قدراً كبيراً من الوجاهة.

وأشار إلى أن أحد أشهر مواقع بيع السيارات المستعملة في الدولة، يضع تحذيراً بارزاً من بيع السيارة مقابل شيك لم يتم التحقق من صحته، كما أن موظفي تسجيل السيارات في المراكز المختصة يحرصون على تحذير البائعين قبل التسجيل من مغبة نقل الملكية دون تقاضي ثمن السيارة، ومن ثم تظل المشكلة لدى المشتري.

وتابع أن معظم القضايا ينتهي بإدانة المتهمين، ومعاقبتهم بالحبس والغرامة، بل وتعويض المجني عليهم مدنياً، لكن الإشكالية تظل في أن السيارة لم تعد موجودة، سواء بتسفيرها إلى الخارج أو بيعها إلى أشخاص آخرين حسني النية.

• رغم تحذير موظف التسجيل له.. صاحب سيارة قيمتها 600 ألف درهم يتنازل عنها مقابل «قَسَم من المحتال».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق