في أول مقابلة له منذ مغادرته البيت الأبيض، كشف الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن عن مخاوفه العميقة إزاء السياسات الدولية للرئيس دونالد ترامب، محذراً من أن تنازلات واشنطن المحتملة لروسيا في أوكرانيا ستكون بمثابة "استرضاء عصري" قد يفتح الباب أمام المزيد من التوسع الروسي. 

وأعرب بايدن في مقابلة مع في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، عن قلقه من تآكل الثقة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين مع عودة ترامب إلى السلطة، معتبراً أن مثل هذه التطورات قد "تُغير التاريخ الحديث للعالم".

"أي تنازل لأوكرانيا هو حماقة".. بايدن يهاجم سياسة ترامب تجاه بوتين

وصف بايدن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه يعتقد أن "أوكرانيا جزء من روسيا"، مشدداً على أن أي اتفاق سلام يقضي بتنازل كييف عن أراضيها لن يوقف الزعيم الروسي، بل سيشجعه على المضي قدماً في حملاته التوسعية، وفق الحديث الذي أجراه مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)

وقال بايدن: "أي شخص يعتقد أن بوتين سيتوقف إذا تنازلت أوكرانيا عن بعض الأراضي هو ببساطة أحمق. هذه سياسة استرضاء حديثة تشبه ما فعله تشامبرلين مع هتلر." في إشارة واضحة إلى سياسة نيفيل تشامبرلين، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، الذي حاول استرضاء أدولف هتلر في ثلاثينيات القرن الماضي، حذر بايدن من أن التاريخ قد يعيد نفسه إذا سعت الولايات المتحدة إلى إرضاء بوتين على حساب سيادة أوكرانيا.

"أوروبا تتساءل: هل يمكننا الاعتماد على أمريكا؟"

تطرق بايدن إلى تداعيات سياسات ترامب على التحالف الغربي، قائلاً إن الحلفاء الأوروبيين بدأوا يفقدون الثقة في القيادة الأمريكية، خاصة بعد تصريحات ترامب المثيرة للجدل، مثل دعوته لاستعادة قناة بنما أو ضم جرينلاند، أو حتى جعل كندا "الولاية الأمريكية رقم 51".

"ما الذي يحدث هنا بحق الجحيم؟ أي رئيس يتحدث بهذه الطريقة؟ نحن لسنا بلداً يستولي على أراضي الآخرين، بل ندافع عن الحرية والديمقراطية."

وأضاف أن القادة الأوروبيين باتوا يتساءلون: "هل يمكننا الاعتماد على الولايات المتحدة؟ هل ستكون موجودة عندما نحتاجها؟"

دفاع بايدن عن سجلّه في أوكرانيا وقرار الانسحاب من السباق الرئاسي

عندما سُئل عما إذا كان قد قدم الدعم الكافي لأوكرانيا لتحقيق النصر بدلاً من الاكتفاء بمساعدتها على الصمود، أجاب بايدن: "قدمنا لأوكرانيا كل ما تحتاجه لضمان استقلالها، وكنا مستعدين لردّ أقوى لو حاول بوتين التحرك مرة أخرى."

كما دافع عن قراره الانسحاب من السباق الرئاسي 2024 بعد أدائه المتعثر في المناظرات، والذي أثار شكوكاً حول لياقته لولاية ثانية. وقال: "غادرت في الوقت المناسب، عندما كان لدينا مرشح قوي. كان قراراً صعباً، لكنه كان الصحيح."

ورفض الاعتراف بأن انسحابه المتأخر أضر بالحزب الديمقراطي، قائلاً إن الأمور "تطورت بسرعة"، وإنه لا يعتقد أن مغادرته المبكرة كانت ستغير النتيجة.

وانتقد بايدن بشدة تعامل ترامب مع الحلفاء، مستشهداً بمواقفه من أوكرانيا، حيث اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بـ "التلاعب المبالغ فيه" ببايدن، ووصف اللقاء بين ترامب وزيلينسكي في البيت الأبيض بأنه "أقل من مستوى أمريكا".

وعن ولاية ترامب المحتملة، قال بايدن: "سأترك التاريخ يحكم، لكنني لا أرى أي شيء يشير إلى النجاح."

في المقابلة، استعرض إنجازاته خلال ولايته، مشيراً إلى "اقتصاد قوي، وارتفاع في سوق الأسهم، وتوسع النفوذ الأمريكي الإيجابي حول العالم."

واختتم بايدن حديثه بتوجيه رسالة قوية: التنازل للديكتاتوريات لن يجلب السلام، بل سيغذي المزيد من العدوان" وقال : "لا أفهم كيف يعتقد الناس أن إرضاء بلطجي مثل بوتين سيجعله يتوقف. التاريخ أثبت أن الاسترضاء لا يعمل."